نقد وتعليق في السوسيولوجيا عند نوربيرت إلياس في علم الاجتماع:
استجابت أفكار نوربيرت إلياس لعدّة انتقادات من جهات علمية متنوعة، فعندما نذكر التاريخ مثلاً، فقد علّق الكتّاب عليه كونه لم يركّز على المدة الممتدة خلال القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يتعرض لها في كتابه المتضمن حول صيرورة الحضارة بصورة دقيقة وشاملة، كما أن موضوع الأنثروبولوجيين قاموا بانتقاده فيما يخصّ موضوع الحياء والاحتشام على أصل أن الكاتب ارتكز على وثائق ضئيلة غير مهمة في هذا المجال، إذ ركز على “المواخير” فحسب للسيطرة على آداب الأداء في مدة زمنية معينة.
كما أن الشرح المتعلق بالمأوى المأخوذ من موسوعة ديدرو ومجتمع البلاط هو شرح متعلق بنموذج مثالي أكثر مما هو حقيقي، وعلى العموم تتميز معانيه في علم الاجتماع على التعقيد، وصعوبة الإدراك والوضوح من قبل القراء، ولا سيما معنى الانبناء وتوجه السلوك.
وقد أكد العالم الاجتماعي الغربي ستيفن مينل، أن نظريات نوربيرت إلياس توافق لدراسة الدول الأجنبية، ولكن لا توافق لتفسير تكوين دول أمريكا الشمالية، وكذلك لا تلائم بعض الدول التي تكوّنت على احترام القيم الأخلاقية، وضبط آداب التعامل طبقاً المنهج القائم فيها، بل تتميز هذه المجتمعات باعتبارها مجتمعات يمتلكها الاحتشام والعفاف.
البحث من وجهة نظر علماء الاجتماع:
وإضافة إلى هذا مثلاً، لا يستطيع أن نعتبر كشف المرأة على الشاطئ حضارة أو حرية أو ثقافة أو مساواة، وبالتالي على الآخر أن يضبط ذاته أدائياً وغرائزياً، بينما هذا الفعل الشائن تعبير عن مدى التحقير الحضاري، وانكسار القيم، إذ يثير الاشمئزاز والفتنة والغواية، ويساعد على انتشار البغاء وتردي الحضارة، وتؤدي الفجور والانحلال والمبالغة إلى انكسار الدول وتدميرها، كما يقول ابن خلدون في مقدمته لعلم العمران.
فقد ظل البحث من وجهة نظر علماء الاجتماع أكثر تشكك، وانبثقت الانتقادات باكراً، هل بالاستطاعة أن نجعل الاحترام وليد يومنا هذا، كما لو أنه لم يكن لعصور غيرها وقارات أخرى فترات من حضارة متحضرة؟ إذا الأمم الغربية وحدها تملك التهذيب، فما حال غيرهم؟ يجتهد إلياس في كتاب دينامية الغرب، لتبيان أن ظهور مجتمع البلاط هو أمر مؤكد في كافة القارات، وألا توجد طرائق أخرى للوصول إلى الحضارة من غير الاستجابة إلى سلطة الدولة؟