الأذى والإهمال في مجال الشيخوخة

اقرأ في هذا المقال


ظهرت مشكلة خطيرة بدأت في المجتمعات المتقدمة بشكل خاص، والمجتمعات المعاصرة بشكل عام، وهي ما يتعرض له المسنون من الإهمال والأذى على أيدي من يقومون برعايتهم، سواء في محيطهم الأسري أو في المؤسسات المعنية برعاية المسنين، وهذه الظاهرة بالرغم من أنه يسجل منها القليل إلا أن ما لا يسجل قد يفوق ما يُسجل نتيجة لعدم اهتمام المعنين، ومن يتصلون بالمسنين من أطباء وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين، الذين يستطيعون تحديد الأذى أو الإهمال الذي يتعرض له المسنون.

الإهمال في مجال الشيخوخة

يعاني بعض المسنين من الإهمال أو الأذى أو كليهما في الجوانب البدنية والنفسية والاجتماعية والمالية، وإن ظاهرة الإهمال أكثر حدوثاً من الأذى، ويعني الإهمال فشل من يقوم برعاية المسن من إشباع حاجاته الجسمية والنفسية والاجتماعية، وهناك ثلاثة أنوع من الإهمال ألا وهي:

1- الإهمال المقصود في مجال الشيخوخة

ويعني هذا النوع من الإهمال أن مَن يقوم بعملية رعاية المسن يتعمد التقصير في أداء واجباته نحو مَن يقوم برعايته (المُسن) فقد يقصر في إطعامه أو يتركه يعاني من العطش، أو يُقصر في نظافته لجسمه أو ملبسه أو مفرشه، أو يتعمد حرمانه من ممارسة نشاطاته الاجتماعية، أو يتعمد حرمانه من الفحوص الطبية الضرورية، أو من العلاج والأدوية والذي يترتب عليه الإضرار برفاهية المسن.

2- الإهمال غير المقصود في مجال الشيخوخة

ويحدث هذا النوع من الإهمال بغير قصد أو نية نتيجة للأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق من يقوم بالرعاية أو عن جهل بأفضل السبل لرعاية المسن، كما ينجم هذا النوع من الإهمال لغياب المعلومات ذات الصلة بالعناية بالمسنين وكذلك ضآلة الدعم الفني والاجتماعي لمقدم الخدمة، مما يجعله يعتمد من ناحية على ما لديه من معلومات قد تكون قاصرة أو مغلوطة، ومن ناحية ثانية على اجتهاداته الشخصية.

3- الإهمال الذاتي في مجال الشيخوخة

وهذا النوع من الإهمال لا يقل خطورة عما سبق عرضه من أنواع الإهمال، ويعني الإهمال الذاتي أن يقوم المسن القادر بأعمال تؤدي إلى المخاطرة بصحته أو سلامته، ويمثل هذا النوع من الإهمال النسبة الكبرى من أنواع الإهمال، وتعد الأمراض النفسية والعقلية أهم أسباب الإهمال الذاتي.

الأذى في مجال الشيخوخة

أما الأذى فيعني تعمد من يقوم برعاية المسن، أو من لهم صلة به إلحاق الضرر البدني أو النفسي، أو المالي أو الاجتماعي بالمسن، ويمكن أن نحدد فيما يلي بعض أنواع الأذى، التي قد يتعرض لها المسنون، خاصة على أيدي من يقومون برعايتهم:

1- الأذى البدني في مجال الشيخوخة

ويتراوح الأذى البدني من صفع المسن إلى الضرب المبرح أو التقييد بالحبال أو الحديد.

2- الأذى النفسي أو العاطفي في مجال الشيخوخة

فيعني القيام بأي عمل يؤدي إلى إثارة الرعب أو الخوف في نفس المسن، ويتراوح الأذى النفسي للمسن من التحقير إلى التهديد بالضرب أو السجن أو التجويع.

3- الأذى الاجتماعي في مجال الشيخوخة

ويعني حرمان المسن من التفاعل الاجتماعي، الممكن لمثله من خلال عزله ومنعه من الاتصال بأقربائه أو أصدقائه.

أهم العوامل المؤدية ﻹهمال أو أذى المسنين

مشكلة الإهمال والأذى التي يتعرض لها بعض المسنين مشكلة معقدة إلى حد كبير، حيث يجب أن نأخذ في الاعتبار الجوانب المتعلقة بالمسن، والجوانب المتعلقة بمن يقوم برعاية المسن إلى جانب الوضع الذي يتم فيه التفاعل بين المسن ومن يقوم برعايته ويمكن حصر بعض هذه العوامل في الآتي:

1- تؤدي المشكلات الأسرية الحادة إلى حالة من الصراع مما يجعل الجو الأسري مشحوناً بالتوتر، وتعود هذه المشكلات عادة إلى الخلافات الزوجية أو اكتظاظ المترل، أو إلى تردي الظروف الاقتصادية أو البطالة أو مشكلات تعاطي الكحول والمخدرات، وعادة ما تنعكس هذه المشكلات على أسلوب معاملة المسن، حيث يعاني من يقدم الرعاية للمسن إلى ضغوط نفسية واجتماعية، تدفعه إلى سوء التصرف في تعامله مع المسن.

2- يبدو أن أكثر المسنين تعرضاً للإهمال والأذى، هم المسنون الذين يعانون من إعاقات جسمية أو نفسية، تجعلهم عاجزين عن تدبر أمورهم الشخصية مما يجعلهم يعتمدون كلياً أو جزئياً على الآخرين، ويولد عجز المسن إلى كثر متطلبات رعايته وصعوبتها في أحيان كثيرة، هذه الحالة قد تولد لدى من يقوم بالرعاية إلى الشعور بالغضب والتذمر مما ينعكس على معاملة المسن، وقد يكون الأذى الذي يلحقه من يقوم برعاية المسن وسيلة للتنفيس عن مشاعر السخط والغضب.

3- قد تلعب خصائص المسن وسماته الشخصية دوراً في إلحاق الأذى به حيث يلجأ بعض المسنين إلى كثرة التذمر والشكوى أو يقوم بعض من يعانون من مرض الخرف بإثارة من يقومون برعايتهم من خلال الشتائم والاتهامات التي يكيلها المسن للمحيطين به، ونتيجة لجهل بعض من يقومون برعايتهم يأخذون هذه التهم والأسباب مأخذ الجدية، فيواجهونها بالاعتداء والإهمال كنوع من العقاب.


شارك المقالة: