وظائف الدولة عند علماء علم الاجتماع السياسي

اقرأ في هذا المقال


وظائف الدولة في علم الاجتماع السياسي:

إن الدولة كظاهرة سياسية اجتماعية، قامت من أجل ممارسة السلطة والسيادة على كامل إقليمها المحدد، وهي في إطار ذلك تعتمد على جملة من الحقوق والواجبات تجاه مواطنيها، ما يرتب جملة من العمل أو الوظائف التي ينبغي النهوض بها، ويستند بصورة كبيرة ثبات وتواصل الدولة، على مدى استطاعة السلطة السياسية فيها بتأدية وظائفها على الوجه الكامل والمرغوب حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.

وتعتبر قضية وظائف الدولة من القضايا الضرورية التي رافقت نهوض المجتمعات الإنسانية، حتى وإن تنوعت طبقاً لجملة من المعطيات، التي من أبرزها الإرشاد الفكري للدولة، والإرشاد الاستراتيجي بناءً على الظروف الخاصة، والمعطيات الدولية والإقليمية، وما إلى ذلك من الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية.

لقد توسعت دائرة العمل المتبعة للدولة وفقاً لاتساع محتوى فكرة النظام السياسي، ففي حين نرى أن الدولة كنظام سياسي مرادفاً لصورة الحكومة، فقد وقفت فكرة حديثة لا تعتمد إلى الجانب العضوي في السلطة بقدر ما تستند على مجالات نشاطها، التي تتضمن المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، فمنذ الحضارة اليونانية، رأى أفلاطون أن المجتمعات كشفت محصلة للاحتياجات الإنسانية التي لا يمكن اكتفائها إلا بتعاون الأشخاص مع بعضهم البعض، حيث لا بدّ من التخصص وتجزئة المهام، وطبقاً لذلك فإن الدولة تتطلب ثلاثة وظائف أو أعمال أساسية، بدايتها وأبرزها مهام القادة، التي يتخذونها أهم عمل معنوي، أما أوسطها فهي صيانة وحماية الدولة، ونهاية هذه المهام هي العمل الإنتاجي.

وظائف الدولة عند الإمام الغزالي في علم الاجتماع السياسي:

أما الإمام الغزالي، فقد دل في أكثر من مجالاته إلى أن من أبرز وظائف الدولة، أولاً تحقيق الحماية الأمن على أصل أن ذلك ما يؤدي إلى الثبات في الدول، ثانياً تحقيق العدل أي إنهاء الاستبداد عن الأشخاص، أما الوظيفة الثالثة، فهي تحقيق العيش الهنيئ الكريم للأشخاص، وقد تناول الإمام ابن تيمية وظائف الدولة، ورأى أن الدولة في الإسلام تقوم بعدة وظائف يتطلبها تحقيق الصالح العام، ورفع المضار ﻹقامة العدل في حقوق الله وحقوق العبادة، أما تلك الوظائف فهي:

1- الوظيفة المالية، حيث يرى بأن كلاً من الولاة والرعية، عليه أن يؤدي للآخر ما يجب عليه، وعلى ولي الأمر، أي الحاكم، أن يأخذ المال من حلة، ويضعه في حقه ولا يمنعه من مستحقه.

2- وظيفة إقامة العدل، ويرى أنها أوسع من الوظيفة القضائية وتشملها.

3- وظيفة الجهاد أي الدفاع عن الدين وإعلاء كلمة الله.

4- وظيفة إعداد المواطنين وتوزيعهم على الأعمال، وترتبط بذلك صلاحية سير الأمور في الدولة.

5- وظيفة الدولة من الناحية الاقتصادية، وتشمل علاقة الدولة بتنظيم حرية الأفراد في التملك والعمل.

6- وظيفة الدولة من الناحية الدينية والخلقية، بحيث تنظم الدولة الحياة الخلقية والدينية ونشر العقيدة وإزالة المنكرات التي تفسد الأخلاق.

تصنيف وظائف الدولة عند العلماء المتخصصين في علم الاجتماع:

رغم تنوع الوظائف من دولة إلى غيرها، فإن العلماء المختصين اتفقوا على بعض التصنيفات لتلك الوظائف، ومنها:

1- وظائف رئيسية:

المقصود هنا بالوظائف الرئيسية تلك الوظائف التي لا بدّ للدولة من النهوض بها والوقوف عليها، ولا يمكن لها أن تمتنع عن تأديتها، ويرى البعض ضرورة تسميتها بالوظائف السياسية الرئيسية، وهذه الوظائف ثلاث وهي:

أ- وظيفة الأمن:

حيث يقع على مسؤولية الدولة واجب الأمن ضمن حدودها، ويتضمن ذلك في صيانة أرواح الأشخاص وممتلكاتهم، وبث الأمن والسلام، واحترام حقوق أفراد المجتمع والرعايا، وتكريس المساواة في الحقوق والواجبات لأفراد الشعب، وللدولة تطبيق القوة المشروعة لضمان ذلك، على أن يتم إنشاء المؤسسات القانونية التي تتولى هذا الشأن.

ب- وظيفة الدفاع:

أي أنه على الدولة النهوض بعمل الدفاع عن ذاتها، وصد أي تعدّي خارجي قد يكون على إقليمها، وتُعِدّ الدولة العِدّة لذلك من خلال إيجاد جيش قوي ومعد لصيانة حدودها وصيانة استقلالها وسيادتها والحفاظ على كرامتها.

ج- وظيفة العدالة:

وتتمثل هذه المهمة في إقامة العدالة بين المواطنين، وذلك بصون منافعهم والفصل فيما بينهم من مشاجرات التي تنجم عن تضارب منافعهم، وذلك من خلال جهاز للانتهاء يفصل بينهم بناءً على تشريعات تقرها الدولة للعمل بهذه الوظيفة.

2- وظائف ثانوية أو فرعية:

فهي تلك الوظائف التي تتعلق بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تتطلب تدخل الدولة من أجل رفاهية المواطنين وفرحهم، إلا أن هناك ثلاث مذاهب متنوعة حول نهوض الدولة بالتدخل في هذه المجالات وإلى أي مدى يكون ذلك.


شارك المقالة: