وفاة الملك عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


وفاة الملك عبد العزيز:

إِنّ وفـاة الملك عبد العزيز رحمه الله، أثارت في نفوس العرب والمسلمين في البلاد الإسلامية والعربية جمعاء حزناً عميقاً؛ لأنه كان بالنسبة لهم الملك العربي المسلم في العصر الحديث، وكان يمثل في شمائله طرازاً من حكام العرب والمسلمين ممن نعدهم في الإِسلام من التابعين بإِحسان وما زال العرب والمسلمون يحنون إِلى ذلك الطراز من الملوك إِلى يومنا هذا. لقد بعث الملك عبد العزيز هذه الصورة؛ ولذلك أحبه العرب والمسلمون بوصفه مثلاً للملك العربي المسلم، وهو مثال نادراً منذ قرون.

كان يلازم  الملك عبد العزيز رحمه الله وهو في مراحله الأخيره بعد أن اشتدّ عليه المرض أبنائه سعود وفيصل رحمهما الله وفي سكرات الموت كان يطلب من ابنيه ويحضهما على التعاون معاً وآخر ما سمع منه: فيصل أخاك سعود، سعود أخاك فيصل، وكرر: لا حول ولا قوة إِلا بالله، الحمد لله، أشهد أن لا إِله إِلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم توفى ضـحى الإثنين الثـاني من ربيع الأول من سنة ١٣٧٣ هجري  الموافق ٩ / ١١ / ١٩٥٣ميلادي.

موقف الشعب السعودي والعالم العربي من وفاة الملك عبد العزير:

بقيت المملكة العربية السعودية التي كـافح  الملك عبد العزيز حياته في سبيل دينها ووحدتها، وكرامتها، وفي سبيل أمن شعبها ونعم عيشه في حزن. بقت المملكة في رجالها  ونسائها وشبابها عظم مصابهم فيه، فاتجهوا إِلى الله بالدعاء له بحسن المثوبة وعظيم الجـزاء رثوه بالدموع وبالشعر وبالنثر، وبكل ما يرثى به زعيم مؤمن مخلص. وعزاؤهم إِيمانهم ونصرةً لمن نصر دينه، وأقام شرعه. وعزاؤهم ما خلفه الملك عبد العزيز من دولة ضخمة آمنة مستقرة، قائمة على أسس متينة من الدين والعدل وعزاؤهم أبناؤه وإِخوانه وأعوانه الذين تربوا على يديه، وجاهدوا معه، وعاهدوا الله ثم عاهدوه على الصدق والإِخلاص.

تسلم أبناؤه الراية حاكماً بعد حاكماً، وبطلاً بعد بطل، حتى استقرت في يد ابنه المطيع الملك المفدى فهد بن عبد العزيز آل سعود الذي أطلق عليه (خادم الحرمين الشريفين) أعزه الله وحفظه ونصر به دينه، وأعلى كلمته، هـو وعضده وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ونائبه الثاني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، الذين ساروا على درب الملك عبد العزيز، وفي سبيل تحقيق أهدافه العظمى مجاهدون، هم وإِخوانهم وأبناؤهم حفظهم الله ومكن لهم، وحفظ المملكة قيادةً وشعباً وأرضاً من كل سوء؛ لتظل راية الإِسلام خفاقة، ولتكون درعاً للمسلمين، وعوناً لهم في كل مكان.

وليس بالعجب أن يبكي شعب المملكة كبارها وصغارها رجالاً ونساءً الملك عبد العزيز ويرثوه بالدموع والدعاء والشعر والنثر، فهو المكافح في سبيل أمنهم ورقيهم وتوحيد كلمتهم على كتاب الله وسنة رسوله. ولكن المثير أن يبكيه الناس في مشارق الأرض.

لقد بكى الناس في كل مكان القيم التي كان يمثلها الملك عبد العزيز، ويعيش من أجلها ملك عربي مسلم، يقول الأستاذ محمد حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق حين بلغه نبأ وفاة الملك: “مات الملك التقي، مات الملك الصالح، مات الإمام العادل، مات عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود الذي سجّل له التاريخ بطولة لا تعدلها بطولة، وشجاعة فذة في الحق، وإِقامة العدل، وإِحياء سنن الإِسلام، وإِماتة البدع التي أوهنت المسلمين منذ أزمان ”

ويذكر عنه الأستاذ أحمد حسن الباقوري إِلى الأمة العربية والإِسلامية وكان زيراً للأوقاف في مصر فيقول: “استأثرت رحمة الله بالإِمام العظيم عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، فكان بذلك جسداً فنيئاً، طالما أرهقه العمل الجاد، وأركه الكفاح المظفر ،أقام دولة نفت عن الأرض المقدسة الناهب وفساد الفاسد، وإِخافة المخيف وقام وبسط للحجيج أخيمة الأمن، فأحسن الله إِليه بقدر ما أحسن إِلى الناس، وأفسح له جواره مكاناً مع الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والصالحين”

ويذكر أحد رجال الصحافة الظاهرين الأستاذ كامل الشناوي، فيقول: “جزعت لوفاة الملك عبد العزيز آل سعود، فقد كان رجلاً قبل أن يكون ملكًا، واستطاع أن يظل رجلاً بعد أن أصبح ملكاً، عاش عظيماً، لقد بنى عبد العزيز ملكه بيديه بناه بكفاحه، وإِيمانه وصدق شعوره بالواجب، وقدرته على تحمل المسؤولية، حيث كان متمسكاً بالدين وكان يعيش في الدنيا، وعرف كيف يلائم بين دينه ودنياه، فأراد لذاته الزهد والبساطة ولبلاده القوة والغنى ”

” إِني أبكي عبد العزيز، أبكي فيه قائد أمة وقائد شعب وصاحب الرسالة، أبكي فيه الملك الرجل”.  ومن البلاد العربية والإِسلامية ومن لبنان ومصر والعراق، ويظر ذلك في أقوال علمائها ومفكريها حيث تأتي كلمات الرثاء تعبر عن الحزن في وداع الملك العربي المسلم عبد العزيز آل سعود. تبكي القيم والرسالة التي حملها دون غيره إِلى البلاد العربية والإسلامية في العصر الحديث.


شارك المقالة: