قصه أراك عصي الدمع:
قامت بغناء هذه الأغنية كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وعندما نستمع لهذه الأغنية وقصيدتها نظن أنها للوهلة الأولى قصيدة تحكي عن العشق والحب والعتاب، ولكن الحقيقة أن أصل هذه القصة التي أخرجت هذه القصيدة تذكر وتحاكي شهامة وتسرد بطولة ذلك الفارس الشاعر المقدام الذي قل نظيره في ذاك الوقت أبو فراس الحمداني وإخلاصه للدولة الحمدانية بشكل عام ولسيف الدولة الحمداني بشكل خاص، والذي كان يرى في أبو فراس الحمداني عدا عن كونه شاعراً شهدت له بلاغته وقصائده التي قربته من بلاط ابن عمّه سيف الدولة الحمداني، فارساً شجاعاً مقداما قرّبته جولاته في شمال الدولة الحمدانية في صد هجمات الروم والدفاع عن حكم بني حمدان.
كان هذا الفارس المقدام الشجاع مقرباً جداً من الحاكم في ذلك الوقت سيف الدولة في مجلسه الذي كان يجمع الشعراء والمفكرين وأهل العلم. وكان من أبرز من ظهر في عهده وعاصره الشاعر النابغة والذي ذاع صيته في جميع البلاد “المتنبي”، الذي لم ينفك عن كتابة القصائد التي يمدح ويمجد فيها سيف الدولة الحمداني وبطولاته في صد هجمات الروم وحماية الدولة من خطرهم.
يذكر أن أبو فراس وقع في الأسر مرتين ولكنه وبالرغم من تمكن بشجاعته وبطولاته من تخليص نفسه من الأسر من قبضة الروم، إلا أنه ويقع في الأسر للمرة الثالثة، وهنا قام الروم بإحكام قبضتهم عليه خوفا من أن يفر للمرة الثالثة كما كان يفعل من قبل، فكتب أبو فراس الحمداني إلى سيف الدولة ليرسل للروم فدية خروجه من الأسر نظير ما قدمه من تضحيات لسيف الدولة وللدولة الحمدانية.
ولكن هذه الرسائل وصلت إلى ابن عمه الحاكم سيف الدولة، فتجاهل الأخير هذه الرسائل بعدما التفّ حوله الكارهون لعودة أبي فراس الحمداني، وإخبارهم لسيف الدولة أن خروجه من الأسر سوف يقدّمه بنحو ما إلى سدة الحكم آنذاك نظير صيته في ساحات المعارك وادّعاءهم طمع أبي فراس في الحكم. فما كان من سيف الدولة إلاّ أن تجاهل نداءات أبي فراس الحمداني وهو في الأسر، فطالت به ليالي النفي والأسر.
ولم ينفك أبو فراس الحمداني في كتابة القصائد التي امتلأت بمشاعر مازجها العتب والحزن على ما آل إليه، ونسيان ابن عمّه له في الأسر. وعندما وصل حد يأسه من استجابته كتب قصيدة مطلعها “أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر..” وعندما وقعت هذه القصيدة في يدي سيف الدولة استشعر فيها العاطفة الصادقة لأبي فراس الحمداني واستذكار مآثره وفضله في حماية الدولة التي قوّضتها هجمات الروم المتكررة في غياب أبي فراس في الأسر، فما كان لسيف الدولة إلا أن جهز جيشه لاستعادة حلب التي وقعت في أيدي الروم، فحررها وأخرج جميع الأسرى من سجونهم بمن فيهم أبو فراس الحمداني.
كلمات أغنية أراك عصي الدمع:
كلمات: أبي فراس الحمداني ألحان: عبده الحامولي
أراك عصي الدمع، شيمتك الصبـــــر.
أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ.
نعم أنا مشتاق وعندى لوعة.
ولكن مثلي لا يذاع له سر.
إذا الليــل أضواني بسطت يـد الهوى.
وأذللت دمعاً من خلائقه الكبرُ.
تكــاد تضيء النــار بين جوانحـــــى.
إذا هي أذكتها الصبابة والفكرُ.
معللتي بالوصل والموت دونه.
اذا مت ظمأنا فلا زال القطر.
وفيت وفى بعض الوفاء مذلــة.
لفاتنه في الحي شيمتها الغــدرُ.
سألنــى:”مـن أنـت؟”وهـي علـيمــة.
هل بشجى مثلي على حاله نُكرُ؟
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى.
قتيلك!! ..قالت: أيهم؟ فهم كثرُ.
سألنــي:”مـن أنـت؟”وهـي علـيمــة.
هل بشجى مثلي على حاله نُكرُ؟
قلت كما شاءت وشاء لها الهوى.
قتيلك!! ..قالت: أيهم؟ فهم كثرُ.
وقلبت أمري لا أرى لى راحة.
إذا البين أنساني ألح بيا الهجر.
وقالت لقد أسرى بك الدهر بعدنا.
فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر.
وقلبت أمرى لا أرى لى راحة.
إذا البين أنساني ألح بيا الهجر.
وقالت لقد أسرى بك الدهر بعدنا.
فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر.