ما هي الألوان التي استخدمها رسامو العصر الحجري؟
لعبت الألوان دورًا مهمًا في العصور القديمة. حيث بدأ القدماء يرسمون في الكهوف حتى قبل أن يستقروا في المنازل وكانوا مهتمين بالتصميم المعماري. إذ أنه تم العثور على العديد من الرسوم التوضيحية في جميع القارات التي توضح كيف كانت الحيوانات ضرورية لبقاء البشر في عصر ما قبل التاريخ. وتم إنشاء لوحات الكهوف خلال العصر الحجري من 10000 إلى 40000 سنة مضت. حيث تم اكتشاف أول كهف في التاميرا، غاليسيا (شمال غرب إسبانيا)، في عام 1875، وكان على بعد 30 كم غرب مدينة سانتاندير. كما وتم في كهف ثولوس طلاء العديد من الحيوانات الضخمة بالمغرة السوداء والحمراء وغيرها من الصباغ. وتم أيضا صنع الخطوط العريضة والمناطق السوداء بالفحم.
وجميع الألوان المستخدمة من قبل فناني العصر الحجري القديم تأسست على أكسيد المعادن (إما الحديد أو المنغنيز) أو الكربون (الفحم في الغالب). وهكذا تم إنتاج لوحاتهم المحدودة من ثلاثة ألوان أساسية: الأحمر والأسود والأصفر. حيث اشتق الأسود من خامات المنغنيز والفحم. أما اللون الأحمر والأصفر والبني جاءوا من الليمونيت والهيماتيت في نطاق من البني المحمر إلى لون القش. وتعود درجات اللون البنفسجي الأحمر نتيجة لتحول بيروكسيد الحديد الطبيعي ببطء وبشكل طبيعي إلى أكسيد بنفسجي.
أهم أصباغ اللون في العصر الحجري:
فيما يلي أهم خمسة أصباغ أساسها المعادن المستخدمة في الفن الجداري خلال العصر الحجري:
أولاً: المغرة (OCHER)
المغرة: هي عبارة عن مزيج من الطين الناعم وأكسيد الحديد والذي يأتي في مجموعة متنوعة من الألوان، بما في ذلك الأصفر والأحمر والبرتقالي والبني. إذ تحصل المغرة الصفراء على لونها من معدن أوكسيد هيدروكسيد الحديد، وبالنسبة للمغرة الحمراء تحصل على لونها الأحمر من محتواها من الهيماتيت، أما بالنسبة للمغرة البنية تحصل على لونها المميز من المنغنيز “الليمونيت” الذي يحتوي على هيدروكسيد الحديد، وهو المكون الرئيسي لجميع أصباغ المغرة المعروفة. حيث أنه عندما يتم تسخين الليمونيت، فإنه يتحول إلى الهيماتيت المحمر ويصبح مغرة حمراء.
عرف المغرة بأنه هو أول صبغة لونية استخدمها البشر في عصور ما قبل التاريخ، منذ ما يصل إلى 300 ألف عام في موقع توين ريفرز في زامبيا، المعروف أيضًا باسم الهيماتيت، حيث يوجد المغرة في جميع أنحاء العالم، وقد استخدمته تقريبًا كل ثقافات العصر الحجري القديم وكل ثقافات العصر الحجري الحديث، كطلاء لصور الكهوف والفخار وجسم الإنسان والتحف المختلفة.
ثانياً: البني المصفر (الأومبر – UMBER)
أومبر صبغة ترابية وعادة ما تكون بنية أو بنية محمرة، وتحتوي على كل من أكسيد الحديد وأكسيد المنغنيز. وأحياناً ما يكون الأومبر أغمق من صبغات الأرض الأخرى مثل المغرة والسيينا، وذلك على الرغم من أن لونه الدقيق يعتمد على كمية أكسيد الحديد والمنغنيز الذي يحتوي عليه: فكلما زاد المنغنيز، كان أكثر قتامة. أما عند تسخينها، يتحول لون الخام إلى اللون البني الغامق، والمعروف باسم اللون المحروق.
ثالثاً: السيينا (SIEENA)
صبغة أخف من أومبر، سيينا هي صبغة أرضية أخرى تحتوي على كل من أكسيد الحديد وأكسيد المنغنيز. وهو صباغ في حالته الأولية، يكون لونه بني مصفر ويُعرف باسم سيينا الخام. حيث أنه عند تسخينه، يتحول جزئيًا إلى الهيماتيت ويصبح لونه بني محمر، ويُعرف باسم السيينا المحترق.
رابعاً: المنغنيز (MANGANESE)
كشفت الاختبارات التي أجريت على بعض الأعمال الفنية الجدارية في (Lascaux) أن فناني العصر الحجري حصلوا على ألوانهم “السوداء” من مجموعة من أكاسيد المنغنيز، بما في ذلك: الجروت الأسود القاتم، والهاوسمانيتي الأسود البني، والرمادي الداكن إلى الأسود المنجانيت، وكذلك البني الداكن أو تودوروكيت الأسود والبني النادر. ومن المثير للاهتمام، أنه لا يوجد رواسب معروفة لهذه المعادن في منطقة الكهف، مما يشير إلى أن الإمدادات ربما تم الحصول عليها من المزيد من المناجم التي تصل إلى 250 كيلومترًا.
خامساً: الكاولين (KAWLIN)
يعتبر الكاولين (المعروف أيضًا باسم الطين الصيني)، أحد أكثر المعادن شيوعًا في العالم. إذ أنه يشيع استخدامه كصبغة بيضاء اللون في فن العصر الحجري، وهو معدن ناعم، ترابي، أبيض اللون، وأحيانًا يكون الصدأ ملونًا بمحتوى أعلى من أكسيد الحديد. ومن خلال تسخين طين الكاولين، زاد فنانو العصر الحجري من بياضه وصلابته.