ما هي أهمية اختيار اللون عند التصميم الداخلي؟
يُعدّ اللون أحد أهم العناصر البصرية الكبرى وذلك لما يحمله من طاقة ذات محتوى بصري يساهم في التأثير على الإدراك الحسي والعقلي، يتم من خلاله الإحساس بجمالية التصميم الداخلي وتكامل عناصره الأدائية والوظيفية والتعبيرية، فهو صفة لجميع السطوح، مصدره الضوء وبدون الضوء لا توجد ألوان، وفيزيائيًا يتحلل الضوء الأبيض إلى سبعة ألوان مرئية يتحدد كل منها بالطول الموجي، عند سقوط الضوء على سطح حيث يمتص جزءًا من الأطوال الموجية ويعكس الجزء الآخر وهو الجزء الذي تتحسسه أعيننا والذي يعطي صفة اللون لذلك السطح.
فاللون ظاهرة فيزيائية ومصادرها الرئيسية هي الضوء والمرئيات في الطبيعة وواسطة الرؤية، أيّ العين ويتصف اللون بثلاثة أبعاد رئيسية تترابط فيما بينها وهي:
- صفة اللون أو اسمه Hue: كأن يكون أحمر أو أصفر أو أزرق حيث تمثل الألوان الأساسية التي بمزجها بنسب مختلفة تعطينا جميع الألوان الأخرى.
- قيمة اللون: وهي القيمة الضوئية لِلون ما بالنسبة إلى مقدار بَياضهُ أو غُمقه وذلك من خلال درجة عكسه للضوء الساقط عليه.
- كثافة اللون: وهي درجة نقاوة وتركيز الصفة اللونية Hue الممتدة من الرمادي المحايد إلى الأبيض النقي ويمكن تغير صفة اللَّون أو قيمته أو كثافته باستخدام الصبغات وكذلك يمكن تغييرها بتأثير الضوء الساقط عليها، لونه وكميته أياً كان مصدر الضوء.
كما أن من شأن جمع ألوان مختلفة الواحد بجانب الآخر، أن يُؤثّرعلى طبيعة اللون، فالعين تميل إلى توليد اللَّون المكمل لِلون معين، وإضفائه على ما يجاوره من ألوان اخرى . كما تتأثر القيمة الضوئية للألوان بتأثير التضاد مع الخلفية فالألوان الغامقة تبدو أعمق عند وضعها أمام خلفية فاتحة اللَّون والعكس صحيح.
إن الدراسات الحديثة في علم البصريات والإضاءة والألوان أثرت بشكل كبير في عملية التصميم الداخلي، فاللون لم يُعدّ بنفس المفهوم التقليدي على أنه مادة للتزيين أو طبقات من الطلاء أو للزخرفة أو وسيلة للتسلية، وإنما أصبح اللون من صفات المادة ولا ينفصل عنها وبعدًا من ابعادها المنظورة، وأثر في العناصر التصميمية وعلى نسبها وعلاقتها، فعملية اختيار اللون هي موضوع كبير ذو فروع واختصاصات كثيرة، وبالتالي فإننا نجري عرضًا مقتضبًا لعملية توظيف اللون في الفضاءات الداخلية بوصفها أحدى مراحل التصميم الداخلي.
التأثيرات السيكولوجية للألوان
هناك تأثيرات سيكولوجية للألوان على الإنسان فإن الألوان تُؤثّرعلى النفس فعندما يتم النظر إلى اللون أو الإحساس به ف يحدث في النفس إحساسات تؤدي إلى اهتزازات، بعض هذه الأفكار توحي لنا بالارتياح والطمأنينة والأخرى تؤدي إلى الاضطراب، فعند القيام بعملية تصميم داخلي لبناية ما ينظر إلى تأثيرات اللون السيكولوجية ومن بينها ما يؤثر على حجم الفضاء الداخلي الظاهري وبسبب خداع النظر وفيما يتعلق بالمسطحات والحجوم فالألوان الباردة وعلى الأخص الزرقاء الفاتحة فهي تظهر الفضاء الداخلي بأنه أكثر سعة وأكبر حجمًا من حجمه الحقيقي.
أما الألوان الحارة فإنها تشعرنا بصغر الحجم للفضاء الداخلي وقصر المسافة بين الشخص الذي يرى والأسطح المحيطة ويمكن الإفادة من هذا التأثير بإحداث خدعة بصرية تنتج عنها عمليات تكبير أو تصغير ظاهري للأبعاد داخل العين، فمثلًا باستخدام الألوان الدافئة لطلاء جدران غرفة ما يمكننا جعل الغرفة الكبيرة تبدو أضيق من حقيقتها إلا أنه في حالات يبدو الجدار المطلي بألوان براقة أكبر ممّا هو عليه، أما اللون الأبيض اذا كان محاطًا بلون غامق فيظهر أوسع حجمًا.
وقد تختلف الأشياء المصبوغة بنفس اللون وتتباين بسبب اختلاف كمية و مقدار الضوء المسلط عليه، أو بسبب تقارب الألوان الأخرى ومن الصعب اختيار خطة لونية تعجب كل الناس وذلك لاختلاف المزاج والأحاسيس.
بشكل عام إن الاهتمام بالألوان ظاهرة صحية، والشخص المهتم بمتابعة وتنسيق الألوان في بيته ومكتبه ومحيطه بشكل عام، هو إنسان بكل تأكيد لديه الكثير من الاهتمام والثقافة والتنظيم.
فالكثير من الناس يهتم كثيرًا في التعامل مع الألوان، ولكن بعضهم يتعامل معها بانطباعاته النفسية دون الأخذ في القراءة أو معرفة الألوان ومدلولاتها النفسية. وبعضهم لا يعرفون ما هي الألوان الأساسية أو الألوان الثانوية، أو الألوان المتعاكسة أو المتضادة وما هي الألوان المتكاملة والمتضامنة، وغير ذلك. وبالتالي فإنه من الضروري تثقيف الفكر بمعرفة الألوان جيدًا ومعرفة انعكاساتها ومدلولاتها النفسية والمعاني الحسية التي تثيرها، حيث أن هذا الأمر يساعد على اختيار الألوان المناسبة واختيار الألوان الأخرى التي تتناسب معها ويساعد أيضًا على معرفة الألوان التي يجب ألا تتداخل مع بعضها وكيف تكون وحدة واحدة.