بيروت تلك المدينة الجميلة، قِبلة كل محب للجبل والبحر، تلك المدينة التي ما تلبث أن تخرج من مأساة حتى تدخل في أخرى، فهي لم تكد تخرج من مرحلة الاستعمار الفرنسي وآثاره، حتى بدأت تعاني من مرحلة تأسيس دولة الإحتلال الصهيوني، وخصوصاً فيما يتعلق بالجنوب اللبناني، ومن ثمّ حلت أكبر المصائب على هذا البلد، ألا وهي الحرب الأهلية اللبنانية، والتي استمرت مدة خمس عشرة سنة من عام 1975 ولغاية عام 1990، والتي كان من نتائجها تهجير أكثر من مليون لبناني ومقتل أكثر من مئة وعشرون ألفا.
غنت السيدة فيروز لبيروت كما غنت لغيرها من أخواتها المدن العربية، فغنت للقدس وعمان ودمشق وغيرها، فكانت الكثير من أغانيها تتغزل بهذه المدن، وذلك بسبب حبها وتوجهاتها للقومية العربية، فلم تقتصر أغانيها على لبنان والمدن اللبنانية فقط، بل تعدى الأمر لتشمل الكثير من المدن العربية.
سجلت السيدة فيروز أغنية “لبيروت” عام 1984، وأطلقتها في ذروة واشتعال الحرب الطائفية اللبنانية، فكانت هذه الأغنية رمزاً للانقسام الطائفي، والذي دفع ثمنة الشعب اللبناني فقط، فكانت كلمات هذه الأغنية تتحدث عن الحب والحنين للوطن والحزن علية، لما سببته هذه الحرب من قتل وتهجير ودمار للبنان والشعب اللبناني، وخصوصا مدينتها الحبيبة بيروت.
وفي منتصف فترة التسعينات من القرن الماضي وتحديداً عام 1994، عادت نهاد حداد الشهيرة باسم فيروز للظهور مرة أخرى، بعد فترة غياب استمرت لأكثر من خمس عشرة سنة، فغنت لبيروت أجمل وأروع الأغاني، وكان ذلك تحديداً في ساحة الشهداء وسط العاصمة اللبنانية بيروت، ليكون ذلك بمثابة إعلان انتهاء الحرب الطائفية وإعلان الوحدة الوطنية اللبنانية، حيث أعطى هذا الحفل الموسيقي والذي طغى فيه حضور السيدة فيروز على كل شيء اللبنانيون أملاً وتفاؤلاً بأن الحزن قد انتهى وأن المستقبل سوف يكون مشرقاً.
كلمات أغنية لبيروت:
كلمات: جوزيف حربألحان: يواخين رودريغو
لِبيروت من قَلبي سَلامٌ لِبيروت.
وقُبَلٌ للبَحرِ وَالبُيوت لِصَخرةٍ كأنها وَجه ُبَحَّارٍ قَديمِ.
هي مِن روحِ الشَعبِ خَمرٌ …
هي مِن عَرَقِهِ خُبزٌ وَياسَمين فَكيفَ صار طَعمُها.
طَعمَ نارٍ ودُخانِ.
لِبيروت مَجدٌ من رمادٍ لِبيروت.
من دَمٍ لِولدٍ حُمِلَ فَوقَ يَدِها.
أطفأت مَدينتي قَناديلُها.
أغلَقَت بابها أصبَحَت في المَساء وَحدَها وَليلُ.
أنتِ لي أنتِ لي أهٌ عَانِقيني أنتِ لي.
رايَتي وحَجَرُ الغَدِ وَمَوجٍ وسفرٍ.
أزهَرت جِراحُ شَعبي أزهَرت.
دَمعَةُ الأُمَّهاتُ أنتِ بيروتُ لي.
أنتِ لي أهُ عانِقيني.