النقد الفني
النّقد الفني هو التذوّق في أعلى مستوياته، والنّاقد الفني هو من يحاول تفسير وتوضيح العمل الفنّي، فقد يفسّر معاني الرمز أو قد يتتبع البناء التشكيلي للعمل ويكشف عن دلالته التعبيرية. وقد يصف من خلال ما تذوقه في العمل والتأثير الذي ينبغي أن يكون لهذا العمل على المشاهد.
حيث أن من أهم أغراض النقد المعـاصر، هو إيضاح العمل الفني ليفهمه الآخرين، فـدور الناقد في تحديد أسلوبه النقدي هو أنه في هذا المجال يربط بين المدارس والتيارات. ويحدد المصادر والأصول ويعيّن خصائص كل إتجاه، كما يقارنه بالواقع أو بالقواعد الكلاسيكية أو بالفلسفات الشائعة.
ويوجد للناقد دور آخر يتلخص في أنه دور تـاريخي فهـو يسـترجع الاتجاهات والطرز. ويتحدث عن تأثير الفن من حضارة ما على فن حضارة أخرى. والدور الثالث للناقد الفني هودور إرشادي، لكنه في بعض المراحل يكـون للناقد الفني دوراً في تغذية إتجاه فنّي معين وتوجيهه وتشجيعه.
نشأة النقد الفني
لم تكن نشأة النقد الفني بمفهومه الحديث في الغرب في أكاديميات الفنون، كما نشأ تاريخ الفن، بل كانت بدايته في الصحافة ووسائل الإعلام، التي بدورها كانت تقدم الأعمال الفنية إلى الجمهور. وكانت وسائل الإعلام هذه تستعين بنقّاد متخصصين للقيام بتفسير تلـك الأعمال. ووصفها وتقييمها وعمل المراجعات النظرية الفلسفية لها.
ولقد ازدادت الحاجـة إلى النقد الفني، في ظل التغيرات الحاصلة في المدارس الفنية الحديثة. وما صـاحبها مـن غموض وتعقيد في بعض مفاهيمها وفلسفاتها. ولم تعد الأعمال الفنية تحاكي الصـورة الواقعية كما كانت في السابق؛ ممّا أدى إلى أن يلعب النقاد دوراً مهماً في مسـاعدة النـاس؛ لتحسين معرفتهم وفهمهـم للفـن المعاصـر وجعلهـم يتمكّنون من تذوّق الفـن بصورة أفضل .
أنواع النقد الفني
- النقد من خلال القواعد: حيث يمتلك الناقد معايير معينة للنقد الفني، التي لا يمكنه تجنبها أو إهمالها، فيقوم بقياس الجودة الفنية بناءً عليها.
- النقد من خلال السياق: حيث يبحث الناقد في سياق الفن التاريخي، الاجتماعي والنفسي. ويقوم بتقييمه كل منهم على هذا الأساس.
- النقد الانطباعي للفن: حيث يقوم الناقد برفض كافة المعايير والسبل الموضوعية للنقد، كما يقوم بنقد العمل الفني بناءً على منظوره الشخصي، ومدى تأثيره عليه وعلى مزاجه وشخصيتة وعواطفه.
- النقد القصدي: حيث يتم النقد الفني بناءً على مقصد المنقود من العمل الفني؛ أي ما الذي يحاول الفنان إيصاله لنا وللناس ومدى تحقيق هذا.
- النقد الباطني: وهو النقد الذي يهتم بما هو داخل العمل الفني ولا يهتم بأي عوامل خارجية، بحيث أنه يركز على طبيعة العمل الباطنية.
مضمون النقد الفني
يتضمن النقد الفني المعاصر: الوصف (Describing)، التفسير (Interpreting)، التقييم (Evaluating)، التنظير (Theorizing) حول فلسفة العمل الفني؛ وذلك بغرض زيادة فهم وتقدير الفن ودوره في المجتمع.
كما يشمل النقد الفني استعمال العبارات اللغويـة والأفكار الذاتية للكتابة، أو التحدث عن الفن. وتتكوّن نظرة النقّاد إلى الأعمال الفنية من واقع تفاعلهم معها، الأمر الذي يجعلهم يسألون أسئلة أساسية حول ماهيّة العمـل الفني (إدراك ووصف)، ومعناه هو (تحليل وتفسيرAnalysis and Interpretation). والقيمة التي يستحقها (إصدار الحكم Judgment). ومن ثم يناقشـون طبيعة الفن (التنظير Theory).
ويعرض المفكرون في النقد العديد من وجهات النظر المتنوعة وواسعة النطاق، حول وظيفة النقد الفني والأغراض التي وُجد من أجلها. ومن أبرز هؤلاء: أستاذ الفن “هاري برودي”، الذي لخّص وظيفة النقد الفني بقوله: “يوضّح النقـد الفني أسباب إعجابنا بالعمل الفني”.
ميزات الناقد الفني
- الذوق الفني: وهو الإحساس النظري المكتسب، التي تجوده عين البصر وعين الخيال. وبذلك فإنه يجيد تقدير مواطن الجمال الفني والاستمتاع بها.
- الخبرة الفنية والجمالية: وهي عبارة عن المعرفة الفنية، التي يحصل عليها الناقد نتيجة لتجاربه في حقل الفن واحتكاكه المباشر بالفنانين ومعايشته لأعمالهم الفنية. وتضل الأفكار المكتسبة قابلة للتأويل أو لعدة تأويلات وتضل دوماً منفتحة على قراءات متعددة مختلفة، لذا فالموضوعية والشمولية والثراء الذاتي شرط أساسي، يفترضه على نفسه قبل فرض الآخرين عليه.
- المعاناة والمشاركة الوجدانية: فالنقد تبصّر عميق وتأمل واعٍ للعمل الفني، فيجب على الناقد أن ينفذ إلى أفكار الفنانين ومشاعرهم ويقرأ الخواطر التي عرضت لهم. ويستحضر التجارب التي أوحت لهم والقضايا التي ألهمتهم، فيحس بإحساسهم وينظر ببصائرهم إلى جوهر العمل الفني.