أهم الردود على عقوبة الجلد

اقرأ في هذا المقال


الرد على من ينتقد عقوبة الجلد:

قد يقالُ أن هذه العقوبة تنافي الآدمية وتهدر الإنسانية، وتتعارض مع تقدم المدينة، إلى غير ذلك من الأقوال، ولكن البعض يقول:

  • إن النفوس المجرمة نفوسٌ مريضة، يجب صدّها عن الجريمة وردعها عنها وزجرها، وهذا من أهم أغراض العقاب. وعقوبة الجلد، وهي تنصبُ على البدن فتؤلمهُ، وقد هي العقوبة المناسبة لزجر بعض الجناة الذين صغرت نفوسهم، واتخذوا من الإجرام حرفةً، وسلكوهُ سبيلاً.
    ومن يقترف الجريمة، ويسلك سبيل الإجرام هو بذاته قد ابتعد عن الفضيلة وإهدار نفسيته والوصول إلى درجة قد تكون عقوبة الجلد معها ملائمة لنفسيته متفقةً مع حالته التي أوصل نفسهُ إليها. لا بل إن هذه العقوبة قد تكون في بعض الأحوال ضرورية لا معدى عنها لرد بعض الجناة، وانتشالهم من الوهدة التي تردوا فيها، إلى حيث الحياة الحرة الشريفة.
  • وزيادة على ذلك فإن الأساس في هذه العقوبة هي أنها لا تكون للإتلاف، وأنها تكون بالقدر اللازم للردع والزجر، تبعاً لاختلاف الجرائم والأشخاص والأحوال. وما دام قد توافر ذلك في هذه العقوبة، فإن ما يوجه إليها من نقدٍ لا سند له ولا أساس، وإلا فأي إهدار للآدميةِ، وأي تعارض مع تقدم المدنية فيها.
  • وإذا كان هذا النقد لا يوجه إلى العقوبات المقيدة للحرية، وهي تتوجه إلى أعز شيءٍ لدى الإنسان، وتنصب على أقدس مقوماته كإنسان، وفضلاً عن ذلك، فهي كثيراً ما تؤثر تبعاً في بدنه، وفيها عيوبٌ أخرى شتى، فالأجدر ألا يوجه إلى عقوبة الجلد.
    وإذا كان مستساغاً أن يكون الإعدام نفسه جزاءً لبعض الجرائم، تعترف به غالبية الدول، وهو لا يهدر آدمية الشخص فقط، بل يهدر حياته، ويستأصلهُ من المجتمع، جزاءً ما اكتسب من جرم، إذا كان الأمر كذلك، فإن ما يقال في عقوبة الجلد يمكن أن يوجه أكثر من إلى عقوبة الإعدام.
    إن عقوبة الجلد قد تكون ضرورية لبعض الحالات، كما تكون العقوبات المقيدة للحرية ويكون الإعدام ضرورياً لحالات أخرى.

قول البعض عن عقوبة الجلد:

إن كون الجلد عقوبة أساسية لم يُعدم في العصر الحالي من يقول به من الفقهاء. فالدكتور مصطفى القللي يقول: إن عقوبة الجلد، بلا مراء، وهي أنجع وسيلة لردع بعض طوائف المجرمين الذين لا تردعهم العقوبات المقيدة للحرية. ومع أنه يقول إن أحداً لا يفكر في إعادة هذه العقوبة الآن، إلا أنه يرجع ذلك إلى”1883″ ميلادية، ومن كون الكرباج أكبر ظاهرة تميز التشريع الجنائي في ذلك الوقت البعيد، وأنه كان يُستعمل بشدةٍ وقسوةٍ وإفراط، ولم يكن استعماله قاصراً على المحكوم عليهم، بل كان يتعداهم إلى المتهمين حتى يعترفو، وإلى الشهود حتى يقولوا ما عندهم.

المصدر: كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد العزيز عامر.كتاب أحكام التعزير والجرائم التأديبية وعقوبتها، للدكتور شعبان الكومى أحمد فايد.كتاب الجرائم التي يُعاقب عليها بالجلد تعزيراً، تأليف حسن بن عبده بن محمد العسيري.كتاب التعزير في الإسلام، للدكتور أحمد فتحي بهنسي.


شارك المقالة: