الزكاة قبل الإسلام

اقرأ في هذا المقال


الزكاة:

من المعروف أن الله تعالى فرض الزكاة على كل عبد مسلم حر، وجعلها سبحانه وتعالى عبادة مالية، يقوم الإنسان من خلالها بإنفاق ما يُحب من أمواله، ولا يعني ذلك أن الزكاة فرضت مع وجود الإسلام، وهذا ما يعتقده الكثيرون، فقد أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء جميعهم لهداية الناس لعبادة الله تعالى وحده، وامتثال أوامره والعمل بما يُرضيه، وكانت الزكاة واحدة من العبادات المفروضة التي وفق الله تعالى أنبيائه ورسله للمحافظة عليها، والتبيلغ بالالتزام بها، وعلينا بالاقتداء بأفعال الأنبياء والرسل عليه السلام.

أدلة وجود الزكاة قبل الإسلام:

يتبين لنا من خلال النصوص القرآنية أنّ الله سبحانه وتعالى فرض الزكاة على جميع الرسل والأقوام التي بُعثوا إليها، أي أنّ الزكاة ليست من الأمور المستحدثة في الإسلام، فقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أن الزكاة كانت من العبادات المفروضة على الأمم السابقة، فقال الله تعالى في سورة الأنبياء آية 73: “وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ”.

كما ذكر الله تعالى نبيه إسماعيل عليه السلام، وأثنى عليه ومَدَحه، حيث كان يأمر أهله بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وذُكر ذلك في سورة مريم الآية 55: “وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا”. وهذا دليل على أن الله تعالى شرع الزكاة في ذلك الوقت وجعلها من أركان الدين الذي دعا إليه إسماعيل عليه السلام قومه، ومن واجبنا كمسلمين أن نقتدي بنبي الله تعالى عيسى عليه السلام، والعمل في الحث على الزكاة، حيث كان عليه السلام يأمر أهله وأقرب الناس إليه بعبادة الله تعالى، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.

والزكاة هي عبادة مالية ذات أثر اجتماعي كبير، تتخذ جانباً من الإنسانية، لذلك تؤدي إلى تقوية العلاقات بين الأفراد واستقرار حياتهم، برفع هممهم وتطهير نفوسهم وأموالهم. فكانت الزكاة من ضروريات الحياة في كل زمان ومكان، وقد دعا جميع الرسل عليهم السلام للمحافظة عليها، ومن الرسل الذين حرصوا على تأدية الزكاة خلال دعوته إلى عبادة الله تعالى، نبي الله عيسى عليه السلام.

فقد ورد في سورة مريم آية 31: “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا”، ومن خلال هذه الآية نستدل على أن الله تعالى جعل الصلاة والزكاة من العبادات، التي أمر نبيه عيسى عليه السلام أن يُؤكد عليها، وجعلها فريضة يجب على الجميع تأديتها والمحافظة عليها.

وما سبق من أدلة ونماذج على وجود الزكاة ضمن دعوة بعض الأنبياء، دليل على أن الزكاة كانت مفروضة على الأمم السابقة قبل الإسلام، ودليل أيضاً على أهمية الزكاة وضرورة الالتزام بتأديتها والمحافظة عليها، لما لها من أثر كبير في حياة الأفراد، واستقرار المجتمعات وتحقيق العدالة والمساواة فيها.

كيف كانت الزكاة قبل الإسلام؟

دعا أنبياء الله تعالى أقوامهم لتأدية فريضة الزكاة، وإخراج حق الفقراء من أموال الأغنياء منهم، لكن لم يتم تحديد أحكام الزكاة وتعيينها قبل الإسلام، وقد تُرك هذا الأمر لرحمة الميسورين من أصحاب الأموال والأغنياء وعطفهم، للفقراء والمحتاجين من الناس، وبعد مجيء الإسلام تم تحديد أحكام الزكاة من الشرع، وأوجب الله تعالى الالتزام بهذه الأحكام وعدم مخالفتها، ولم يُترك أي أمر منها لرغبة الناس أو رحمتهم، فهي أحكام ثابتة وواجبة على الجميع.

المصدر: قضايا الزكاة المعاصرة، عبد الكريم الديوان، 2011 إدارة مؤسسة الزكاة في المجتمعات المعاصرة، فؤاد عبدالله العمر، 2008يسألونك عن الزكاة، حسام الدين عفانة، 2007 فقه الزكاة، يوسف القرضاوي، 2013


شارك المقالة: