مظاهر من تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


مظاهر من تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:

كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من أشد الخلق تواضعاً وكانت هناك العديد من المظاهر الدالة على ذلك ومن هذه المظاهر:

تواضع المنتصر:

في يوم فتح مكة المكرمة دخل جيش المسلمين إلى مكة المكرمة فاتحًا لها منتصرًا مع عدم وجود أي مقاومة تذكر، حيث توجهت حينها كل الأنظار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغت قلوب الكفار والمشركين حناجرهم من شدة خوفهم وذلك مما سيفعل بهم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين آذوه وآذوا أصحابه الكرام.

فإذا بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدخل مكة المكرمة وقد ركب ناقته، وكان يقرأ سورة الفتح، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد حنا ظهره الشريف وطأطأ رأسه وذلك تواضعًا منه لله الواحد الأحد، حتى إن طرف لحيته الرشيفة تكاد تمس رحله وذلك خضوعًا منه لله وشكرًا وحمداً له على ما أكرمه الله عز وجل به من الفتح المبين العظيم.

وفي ذلك اليوم جاء رجل حتى يكلم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقد ظن ذلك الرجل أنه واقف أمام ملك من الملوك المنتصرين فهاله ذلك الموقف، وقد أخذته رعبة وخوف من هيبة موقف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قام بتهدأت روع وخوف ذلك الرجل وقال له قولته الشهيرة: “هوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ مَلِكًا، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ القَدِيدَ”. [اللحم المجفف]» (رواه ابن ماجه)

فقد بيَّن وأوضح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل أنه ليس بمَلِك، وقد ذكر له ما كانت تأكله أمه؛ وذلك لبيان أن النبي محمد هو رجل منهم، وليس بملك أو بمتجبر يُخاف منه، وقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خافض الجناح للكبير والصغير ولكل الناس مع اختلاف أشكالهم وأحوالهم ومكانتهم ودينهم ونسبهم، فقد قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مِقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ”. (رواه أحمد).

تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته الكرام:

كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يشارك في خدمة أهله الكرام في البيت؛ ولم يكن عليه الصلاة والسلام يترفع عن ذلك؛ “فقد سَأَلَ رَجُلٌ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها: «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا؟»، قَالَتْ: «نَعَمْ كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِه»” (رواه أحمد).

تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه:

إن من صور ومظاهر تواضع سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام كانت كثيرة، منها: أن النبي الكريم محمد كان يأخذ بمشورة أصحابه الكرام مثلما حدث في غزوة الخندق، إذ أخذ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم برأي الصحابي الجليل سلمان الفارسي وهو أحد جنود المسلمين وذلك في حفر الخندق، بل أنه كان يشارك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو قائد الجيش الإسلامي أصحابه في الأعديد مثل نقل التراب في يوم الخندق حتى اغبر بطنه الشريف.

وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه رضوان الله عليهم من القيام له، وما كان هذا إلا بسبب شدة تواضع سيد الخلق، فقد خرج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على أصحابه متكئًا على عصًا، فقام الصحابة للنبي محمد، فكره سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك وقال لأصحابه الكرام: “لَا تَقُومُوا كَمَا يَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا” (رواه أحمد).

ومن مظاهر تواضع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضوان الله عليهم أنه كان يجلس مع الصحابة الكرام كواحد منهم لا يختلف عنهم، ولم يكن يجلس سيدنا محمد مجلسًا يتميز فيه عمن حوله، حتى إن الشخص الذي لا يعرف سيدنا محمد إذا دخل مجلسًا وكان رسولنا الكريم محمد فيه، لم يستطع أن يُفَرِّق بين سيدنا محمد وبين أصحابه، فكان يسأل ذلك الشخص: “«أَيُّكم مُحَمَّدٌ؟! والنبيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بين ظَهْرَانِيهِم!..»” (رواه البخاري).

فرسالة سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن أبداً رسالة دنيوية تطلب مُلكًا أو أنها كانت هذه الرسالة الكريمة تبتغي حُكمًا، بل إن هذه الرسالة هي رسالة نبوية كريمة أخروية، ومبدأها الأهم في الأول والأخير هو رضا الله سبحانه وتعالى، وغايتها الأسمى هي إبلاغ جميع الناس رسالة دين الله الإسلام الحقيقة.

ومن أبلغ صور ومظاهر تواضع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم حينما ينهى أصحابه رضوان الله عليهم أن يمدحوه أو أن يسوِّدُوه عند حديثهم مع النبي؛ فقد كان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: “إنما أنا عبد الله ورسوله”، وعندما يسمع بعض أصحابه الكرام رضوان الله عليهم يناديه قائلًا: “يا سيدنا! وابن سيدنا! وخيرنا! وابن خيرنا! نهاه عن هذا القول، وقال له: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»” (رواه أحمد).

المصدر: موسوعة أحاديث الشمائل النبوية الشريفة/ همام بن عبد الرحيم سعيدالشمائل المحمدية ورد شبهات المستشرقين/ محمد متولي الشعراويمختصر الشمائل المحمدية/ محمد بن عيسى الترمذيالشمائل المحمدية / محمد بن عيسى الترمذي


شارك المقالة: