ما هي صفات إدريس عليه السلام في الكتابات الإسلامية؟

اقرأ في هذا المقال


صفات إدريس عليه السلام في الكتابات الإسلامية:

لقد خض العلماء المسلمون إدريس عليه السلام بصفات مميزة لما كان له من خاصية إرساله من الله تعالى نبيّاً بعد آدم عليه السلام، فوصفوه بالصديقية والصبر، ونيل مرتبة الرفع إلى المكان العلي، وقد تجلت هذه الصفات في ذكر القرآن الكريم له في سورة مريم: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا” حيث نال مرتبة النبوة والصديقية.
فقد تناولت الكتابات التاريخية التراثية الإسلامية، وتحدثت عن مكانته العظيمة وصفاته الجليليةِ، مثل كتاب وهب بن التيجان في ملوك الحمير واليعقوبي في تاريخه، وابن قتيبة في كتاب المعارف. قال ابن كثير في البداية والنهاية: روى ابن من طريق الكلبي أنه قال: إن أول نبي بُعث إدريس عليه السلام، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم إسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب ثم موسى وهارون ومن ثم إلياس، ثم اليسع، ثم عرفي بن سُويلخ بن إفرائِيم بن يوسف بن يعقوب، ثم يونس بن متى من بني يعقوب، ثم أيوب بن زِراخ بن أمُوص بن لبغرز بن العيص ابن إسحق بن إبراهيم.
ومن خصائصه التي ذكرها المفسرون الإسلاميون أنه سُمي إدريس عليه السلام لكثرة دراستهِ سنن الإسلام من كتب الله تعالى، وأنهُ أول من خطّ بالقلم، فيذكر ابن كثير أن طائفةً من الناس قالت أن إدريس عليه السلام هو المُشار إليه في حديث معاوية بن الحَكم السلمي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالرمل فقال: “إنه كان نبيٌ يخط به فمن وافق خطةِ فذاك”.

وقال المفسرون أنه أول من خاطَ الثياب ولبسها، ، وكانوا يلبسون الجلود في قبله، وكان لا يغرز إبرة إلا قال: سبحان الله، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من نظر في علم النجوم والحساب وأول أولي العزم، وأول من اتخذ السلاح وقتل الكفار، وأول من اتخذ السبي والأسرى، وكان عبداً تقيّاً رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض في زمانه، وهو أول من تكلم في الجواهر العلوية والحركات النجومية. وأول من بنى الهياكل ومجد الله فيها، وأول من نظر في علم الطب. وأول من أنذر بالطوفانِ، وخاف ذهاب العلم فبنى الأهرام والبَرابي في صعيد مصر الأعلى، وصور فيها جميع الصنائع والآلات.
وجاء أن إدريس عليه السلام نزل على أربعِ مراتٍ، وهو الذي وضع أسامي البروج والكواكب والسيارات ورتبها في بيوتها، وهو أول من تكلم في الأجرام العلوية، وهو الذي رأى أنه آفة سماوية تلحق الأرض، فخاف ذهاب العلم، فبنى الأهرام التي في صعيد مصر الأعلى، وصور فيها جميع الصناعات والآلات، ورسم صفات العلوم والكمالات حِرصاً على تخليدها.
قال القنوجي: إنّ آدم عليه السلام كان يرسم الخطوط بالبنان، وكان أولاده يتلقونها بوصية منه، وبعضهم بالقوة القدسية القلبية، فكان أقرب عهدٌ إليه إدريس عليه السلام، فكتب بالقلم، واشتهر عنه من العلوم الكثير ولُقب بهرمس من الهرامسة والمثلث بالنعمة؛ لأنه كان نبيّاً ملكاً وحكيماً، وقال: وهو لا يزال مؤيداً بالملة الإسلامية إلى يوم الحشر والميزان.
وقال القفطي: إدريس عليه السلام هو أول من استخرج الحكمة، وعلم النجوم وأفهمهُ الله عزوجل سرّ الفلك ونقطة اجتماع الكواكب فيه، وأفهمهُ عدد السنين والحساب، وقسم الأرض أربعة، وأمر قومه بالصلاة والصيام والزكاة، وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة وحرمَ السكر من المشروبات، وجعل لهم أعياد في أوقاتٍ معلومة، وأمر بتقريب البخور والذبائح والخمر، وعرّف قومه صفة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ورتب الناس على ثلاث طبقاتٍ وهم: كهنة وملوكاً ورعيةٍ.
وقال القفطي أيضاً: أقام إدريس عليه السلام ومن معه بمصر يدعو الخلائق إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة الله عزّ وجل وتكلم الناس في أيامه باثنين وسبعين لساناً، وعلمهُ الله منطقهم ليعلم كل فرقةٍ منهم بلسانها، ورسم له تمدين المدن، وجمع كل طالبي العلم بكل مدينةٍ فعرفهم السياسة المدنية، فبنت كل فرقةٍ من الأمم مُدناً في أرضها، وكانت عدة المدن التي أُنشئت في زمانه مائة مدينة وثمانين مدينة، أصغرها الرها. وقال أيضاً إنهُ قسم الأرض أربعة أرباعٍ، وجعل على كلِ ربع ملكاً يسوسُ أمر المعمور في ذلك الربع، وأمر قومه بالعمل الصالح في الدنيا، وحض على الزهد فيها والعمل بالعدل، وأمرهم بالصلاة والصيام في أيامٍ معلومة في كل شهر، وأمرهم بزكاة الأموال، ومَعونة الضعفاء، وجعل لهم أعيّاداً في أوقات معروفةً، وكان مكتوباً على فص خاتمهِ: الصبر مع الإيمان بالله يورث الظفر. وقال القفطي: ألف لأهل زمانه قصائد موزونةً، وأشعاراً معلومة في الأشياء الأرضية والعلوية.
وقال وهب: إنّ إدريس عليه السلام أول من كتب بيده من أهل الدنيا، وأنزل عليه الكتاب السرياني، علمهُ إياه جبريل عليه السلام، وهو أول من أنزل الله تعالى عليه: بسم الله الرحمن الرحيم في صحيفة وبعده: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” ثم أنزل عليه أبجد إلى آخرها، فكتب وقرأ ولما رفعهُ الله استخلف ابنه متو شالح.
وقال ابن قتيبة الدِنيوري: أنه استجاب له ألفُ إنسان ممن كان يدعوهم، فلما رفعه الله اختلفوا بعد، وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح.
وقال ابن جرير الطبري: دعا أخنوخ قومهُ ووعظهم وأمرهم بطاعة الله عزّ وجل ومعصية الشيطان، والّا يُلابسوا ولد قابيل، فلم يقبلوا منه. وقال أيضاً: إن إدريس عليه السلام هو أول من سبى من ولد قابيل، فاسترق منهم منهم ودعا قومه ووعظهم وأمرهم بطاعة الله عزّ وجل ومعصية الشيطان، وقال إدريس عليه السلام أول من ركب الخيل؛ لأنه اقتفى رسم أبيه في الجهاد.
وقال: قيل أن هِرمس الأول بنى مائة وثمانين مدينةً صغراها الرها، وسن للناس عبادة الله، والصوم والصلاة والزكاة والتعييد لحلول السيارة ببيوتها وأشرافها وكذلك كلما استهل الهلالُ، وحلّت الشمس برجاً من الأثني عشر، دعا الناس أن يقربوا قرابين من كل فاكهةٍ باكورتها ومن الطيب والذبائح والخمور أنفسها، وحرم السكر والمآكل النجسةِ.
وقال القرماني: إنّ إدريس عليه السلام كان نبيّاً وملكاً عظيماً ولد بمصر وسموهُ “هِرمس الهرامسة” أي أسد الأسود، وهو عُطارد، ومن معجزاته أنه كان يرى الملائكة في في الهواء حين يظهرون، وكان كلما دعا السحاب أجابه بلغتهِ، وسمعهُ الناس يتكلم مع السحاب، ويُقال أنه دفع إليه كتاب سرّ الملكوت الذي علمهُ عزرائيل الملك لآدم، وكانوا يتوارثونهُ لا ينظرون فيه، ولم يفتحهُ بعد شيث غير إدريس عليه السلام.
وقال السعدي: جمعَ الله له بين الصديقية الجامعة التام، والعلم الكامل، واليقين الثابت، والعمل الصالح وبين اصطفائه لوحيهِ واختياره لرسالتهِ ويذكر عفيف طبارة في كتابه مع الأنبياء في القرآن أن خلاصة أقوال العلماء فيه أنه أول من نزل عليه الملك جبريل بالوحي لهداية نسل قابيل، ليرجِعوا عن غيهم وكفرهم ويتوبوا إلى الله.
وخلاصة القول في صفات إدريس عليه السلام أن جميع المفسرين والعلماء والشراح سواء الإسلاميين واليهود قد أجمعوا لإدريس عليه السلام جميع خصال الكمال في النبوة والصديقية والطاعة والخضوع والخشوع والتذلل لله والدعوة إلى الله بالعمل والصبر والإخلاص والجهاد في سبيله، وهي خِصال ليست بغريبة على نبي ٍ مرسل من الله تعالى ذكره عزّ وجل في القرآن والتوراة بالاصطفاء والاجتباء، وأثنى عليه بعلو المكان والمكانة.

المصدر: كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب قصة نبي الله إدريس عليه السلام، تأليف سعد هادي.كتاب نبي الله إدريس بين المصرية القديمة واليهود والإسلام.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الانبياء، للكاتب الشيخ محمد متولي الشعراوي.كتاب أطلس تاريخ الانبياء والرسل، تاليف سامي عبد الله الملغوث.كتاب الانبياء القصص الحق، تأليف عبد القادر شيبة الحمد.


شارك المقالة: