ما هي كيفية زيادة الإيمان في قصة إبراهيم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن إبراهيم عليه السلام:

إنّ النبي إبراهيم عليه السلام هو من أحدِ أولي العزمِ الذين أخذَ اللهُ منهُ ميثاقاً غليظاً. وهم خمسةُ أنبياءٍ وكان إبراهيم عليه من السلام منهم وأحدُ بعثهم . وهو أيضاً النبي الذي ابتلاه الله ببلاءٍ مبين وهو بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصابِ، ورغم حدّة الشدة، وعنتِ البلا؛ كان إبراهيم هو العبد الذي وفى، وزاد على الوفاء بالإحسانِ، وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريماً مميزاً، فجعل ملتهُ هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.
وقد منّ الله على النبي إبراهيم عليه السلام بأن كرمهُ وجعلهُ إماماً للناسِ، وجعلَ في ذريتهُ الكتاب والنبوةِ. فجميعُ الأنبياء من بعد إبراهيم عليه السلام هم من نسلهِ فهم أولادهُ وأحفاده. حتى مجيءُ آخرُ الأنبياءِ محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أتى تحقيقاً واستجابةً لدعوة إبراهيم عليه السلام التي دعا الله بها وهي أنّ يبعثُ في الأميين رسولاً منهم يهديهم إلى دين التوحيد.

زيادة الإيمان في قصة إبراهيم عليه السلام:

طلب إبراهيم عليه السلام من الله أن يريه إحياء الموتى أمام عينيه ،ليس شكا في قدرة الله على البعث، ولكن طلباً منه أن يرى ذلك على سبيل عين اليقين، وزيادة واطمئناناً للإيمان الذي عمر قلب إبراهيم عليه السلام ،فقال تعالى واصفاً طلبه: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” البقرة:260.
لقد اشتملت الآية على معانٍ كثيرة ومنها طلب الإيمان من إبراهيم عليه السلام وشبهة الشك، والثاني دليل البعث، وستكتفي الباحثة في هذا المطلب على طلب إبراهيم عليه السلام زيادة الإيمان والحديث عنه.

طلب إبراهيم عليه السلام من ربه أن يريه إحياء الموتى:

اختلف المفسرون في سؤال إبراهيم عليه السلام من الله أن يُريه إحياء الموتى، فذهب بعضهم إلى القول بانه رأى السباع والطير ليزداد يقينه، ومنهم من قال أن سبب ذلك المناظرة التي حصلت بين أبراهيم عليه السلام والملك الذي ناقشه في إحياء الموتى، فسأل الله أن يطمئن قلبه في المحاجة، ويكون خبره عن مشاهدة وعيان، ومنهم من قال أن سؤاله حين بشره الله باتخاذه خليلاً، فدعا الله أن يُعجل له بدليل يؤيد ما في قلبه من يقين بأن الله سبحانه قد اتخذه خليلاً، وقيل: هو طلب الاطمئنان بأن عزّ وجل وعلا يجيب طلب إبراهيم عليه السلام إذا دعاه وسأله وقيل: سأله شكا في قدرة الله على إحياء الموتى.
ويرجح الطبري بأن سؤاله كان لعارض من الشيطان عرض من في قلبه، واستدل الطبري برواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أرجى آية في القرآن هذه الآية: “إذ قالَ إبراهيمُ ربّ أرني كيف تُحيي الموتى” قال ابن عباس: هذا لما يعرض في الصدور ويوسوس به الشيطان، فرضي الله من إبراهيم عليه السلام بأن قال: بلى.
والراجح بُعد كل الأقوال السابقة عن الصواب وخصوصاً القول الأخير؛ لأنه منافٍ للعصمة التي هي من صفة الأنبياء مطلقاً بعد النبوة، ثم إنّ رواية ابن عباس السابقة، وإن صحت فهي اجتهاد منه رضي الله عنهما في فهم الآية، ومما يؤكد فساد القول الأخير حديث النبي صلّى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “نحنُ أحقُ بالشك من إبراهيم،فقال تعالى:”وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي” والمقصد من الحديث أن إبراهيم عليه السلام لم يشك ولو شكّ في قدرة الله لكان النبي عليه الصلاة والسلام أولى منه في ذلك، وإنما قال ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم تواضعاً منه، وإلّا فإن المعنى لو شك إبراهيم عليه السلام لوقعنا في الشك ونحنُ لم نشك، فهو أولى من عدم الشك.
والآيةُ الكريمةُ تبين في كلمة منها أن إبراهيم عليه السلام أراد من الله زيادة الإيمان والطمأنينية وهذا من قوله تعالى: “ولكنّ ليطمئن قلبي” أي يارب علمت وآمنت ولكن ليحصل لي السكون في قلبي وذلك يكون بالمعاينة والمشاهدة، فأراد عليه السلام أن يحصل على عين اليقين بعد أن أصبح له علم اليقين؛ لأن الخبر ليس كالمشاهدة، وبهذا تبين الآية أن الإيمان يزيد وينقص، وأن هناك مراحل للإيمان كان منها أن طلب إبراهيم عليه السلام الاستزادةِ منه، فحصل له من اليقين مع رؤيته لبعث الموتى كما ذكر في الآية، فجوابه عليه السلام يؤكد أن الإيمان لم يغب عن قلبه، وإنما طلبه عليه السلام كان ليزداد بالمشاهدة إيماناً ويقيناً، وتتوثق الرؤية بالعين إلى الاعتقاد بالقلب، ليطمئن قلبي، ولكن ما كان عليه إنما هو من باب التشوف إلى ملابسه سرّ الصنعة الإلهية.

المصدر: كتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب أصول الإيمان في قصة إبراهيم عليه السلام، إعداد فوزية محمود عبد الرحمن الملفوح.كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب إبراهيم عليه السلام أمة رجل، تأليف الدكتور صلاح الدين سلطان.


شارك المقالة: