قصيدة - ترى الرجل النحيف فتزدريه

اقرأ في هذا المقال


التعريف بالشاعر كثير عزة:

أمّا عن شاعر هذه القصيدة فهو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود العذري، ولد عام 23 للهجرة، في قرية كلية وهي إحدى قرى عذرة، ونشأ فيها، وكان راعيًا للأغنام، وسارحًا للإبل، وكان والده عاجزًا عن رعايته فرباه عمه، ولصغر حجمه كان يلقب بالحطيئة، وقد كان يكره هذا اللقب لأنّه يمس قصر قامته، ولقب أيضًا بشاعر عبد الملك، ومن أهم ألقابه كثير عزة، وذلك نسبة لمحبوبته.

وقد تجاهل كثير عزة قامته القصيرة، ولم يعرها اهتمامًا، فأصبح نبيهًا، وقد جعل لنفسه مكانة عالية لم يظفر بها أي من شعراء زمانه، والذي زاد من مكانته بين الشعراء أنّه كان يروي عن جميل، فقد كانا يلتقيان هو وجميل، ويشكيان لبعضهما عشقهما، ممّا جعل كثير عزة ينتمي لمدرسة شعرية عريقة حتى ولو لم يصل إلى الدرجة التي وصل إليها جميل في شعره، وقد كان كثير عزة يهتم بشعره، وقد جمعه في كتب، واحتفظ بها أحد أحفاده، وقد كان كثير ملمًا بالأدب، وكان ممّن يحسنون الكتابة.

قصة قصيدة “ترى الرجل النحيف فتزدريه”:

أمّا عن قصة قصيدة “ترى الرجل النحيف فتزدريه” فيروى بأن عبد الملك بن مروان بعد أن سمع بشعر كثير طلب من رجاله أن يجلبوه له، فذهبوا إليه وأخبروه بالحضور إلى مجلس أمير المؤمنين، فجهز نفسه واتجه إلى مجلس الخليفة، وعند دخوله إلى الخليفة، استغرب عبد الملك بن مروان، وصدم من الرجل الذي أمامه، وقال له: أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، ومن ثم قال له: أنت كثير الذي قال كل ما سمعناه من شعر؟، فقال له كثير: نعم، وأراد أن يستعيد كرامته التي سلبها الأمير، فأنشد قائلًا:

تَرى الرَجُلَ النَحيفَ فَتَزدَريهِ
وَفي أَثوابِهِ أَسَدٌ مُزيرُ

وَيُعجِبُكَ الطَريرُ فَتَبتَليهِ
فَيُخلِفُ ظّنَّكَ الرَجُلُ الطَريرُ

فَما عِظَمُ الرِجالِ لَهُم بِفَخرٍ
وَلَكِن فَخرُهُم كَرَمٌ وَخَيرُ

بُغاثُ الطَيرِ أَكثَرُها فِراخاً
وَاُمُّ الصَقرِ مِقلاتٌ نَزورُ

ضِعافُ الطَيرِ أَطوَلُها جُسوماً
وَلَم تَطُلِ البُزاةُ وَلا الصُقورُ

ضِعافُ الأُسدِ أَكثرُها زَئيراً
وَأَصرَمُها اللَواتي لا تَزيرُ

لَقَد عَظُمَ البَعيرُ بِغَيرِ لُبِّ
فَلَم يَستَغنِ بِالعِظَمِ البَعيرُ

يُصَرِّفُهُ الصَبيُّ بِكُلِّ وَجهٍ
وَيَحبِسُهُ عَلى الخَسفِ الجَريرُ

وَتَضرِبُهُ الَوليدَةُ بِالهَراوى
فَلا غِيَرٌ لَدَيهِ وَلا نَكيرُ

فَإِن أَكُ في شِرارِكُمُ قَليلاً
فَإِنّي في خِيارِكُمُ كَثيرُ

وعندما سمع عبد الملك بن مروان شعر كثير، خجل من نفسه، وشعر بالحياء من تسرعه بالحكم عليه، واعتذر له، ورفع من مكانته، وقربه منه.

المصدر: كتاب " مجنون ليلى " شرح وتحقيق جلال الدين الحلبيكتاب " مجنون ليلى " تأليف أحمد شوقيكتاب " الشعر والشعراء " تأليف أبن قتيبةكتاب " تطور الشعر العربي في العصر الحديث " تأليف حلمي القاعودكتاب "مدخل لدراسة الشعر الحديث " إعداد إبراهيم خليل


شارك المقالة: