متحف بيروت الوطني

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن متحف بيروت الوطني:

في عام 1942 وبعد تشكيل لجنة برئاسة الجمهورية أقيم المتحف على قطعة أرض تبرعت بها البلدية بالقرب من ساحة الخيل في بيروت الوسطى، إذ تعتبر هي إحدى الحفريات التي نفذتها مديرية الآثار، ويعرض في تاريخها حوالي 1300 قطعة أثرية من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر المملوكي على مر العصور.

وخلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، كان المتحف قد وقع على خط التماس والذي يفصل بين كل من الميليشيات والجيوش الإسرائيلية والسورية؛ الأمر الذي جعل المتحف وما يحتويه يُعاني من أضرار جسيمة أثناء الحرب، إلا أنه وبعد العديد من الإجراءات والتدابير الوقائية أُنقذت معظم القطع الأثرية الموجودة فيه، وفي عام “1992” كانت أولى الخطط للبداية في إعادة ترميم وإصلاح المتحف وذلك من قبل ميشال إده وزير الثقافة والتعليم العالي في ذلك الوقت، وفي عام 1995 قامت وزارة الثقافة ومديرية الآثار بوضع خطة عمل على أربع مراحل للترميم.

الموقع والمرافق المحيطة بمتحف بيروت الوطني:

يقع المتحف في بيروت عند تقاطع طريق عبدالله اليافي مع طريق الشام، كما أنه يحاط بمضمار بيروت للسباق وبالمديرية العامة للآثار، حيث يحيط قاعة المدخل في الطابق الأرضي بمسرح صغير.

أصل متحف بيروت الوطني:

في عام 1919 للميلاد عُرضت مجموعة صغيرة من القطع الأثرية القديمة التي جمعها بيت الراهبات الفرنسيات في لبنان في إحدى قاعات دار الراهبات، حيث بدأت إحدى رواد الخدمات والفنون الجميلة في جمع الأشياء منها، وسرعان ما توسعت المجموعة الأولى لتشمل العصور القديمة، مع إضافة اكتشافات من الحفريات التي اكتشفها الدكتور جورج كونتينو في صيدا وإرنست رينان في صيدا وصور وجبيل وطرابلس، إذ أن هذه السطور للعملات المعدنية والجنرال تعود إلى عام “1925” للميلاد.

تأسيس متحف بيروت الوطني:

في عام 1923 تم إنشاء “لجنة أصدقاء المتحف” برئاسة الرئيس الوزراء ووزير التعليم والفنون الجميلة، حيث تم إنشائها لجمع الأموال وحفظها، وفي عام “1930” تم إنشاؤه وإبرازه على قطعة أرض تبرعت بها البلدية من ميدان سباق الخيل في بيروت، وكان تاريخها في عام 1937.

وفي عام 1975 مع بداية الحرب اللبنانية، فقد تم تقسيم بيروت إلى منطقتين متعارضتين؛ الأمر الذي جعل المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار يقعان على خط التماس الذي يفصل بين الميليشيات المتحاربة والجيوش، وسرعان ما ساءت الأوضاع في المنطقة المجاورة مباشرة للمتحف، حيث تحمل المتحف القصف الشديد وتحول إلى ثكنات للمناضلين، فأصبحت منطقة المتحف نقطة تفتيش تسيطر عليها ميليشيات لبنانية مختلفة أو الجيوش السورية أو الإسرائيلية الذين فتحوا وأغلقوا الطريق تحت هدنة لم تدم طويلاً.

قررت السلطات إغلاق المتحف، ومن هنا بدأت الإجراءات الوقائية الأولى تُنفذ داخل المتحف، وذلك على يد الأمير موريس شهاب وزوجته، وفي أثناء البدء بإطلاق النار ولحظات الهدنة، فقد تم نقل القطع الأثرية الصغيرة المعرضة للتلف والدمار من واجهة المبنى ووضعها في حجرات التخزين في السرداب الذي تم تسويره بعد ذلك؛ الأمر الذي يمنع الوصول وصول إلى الطوابق السفلية، وفي الطابق الأرضي كانت توجد الفسيفساء التي تم تثبيتها في الأرض، حيث إنها كانت مغطاة بطبقة من الخرسانة، كما كانت التماثيل والتوابيت محمية بواسطة أكياس الرمل، وعندما وصل الوضع إلى أسوأ حالاته في عام 1982 كانت التحف الأثقل مغطاة بالخشب والخرسانة.

جاءت الخطط الأولى لترميم المتحف الوطني في عام 1992 من طرف ميشال إده وزير الثقافة والتعليم العالي، وفي ذلك الوقت، رفض كميل أسمر -المدير العام للآثار- اقتراح هدم الجدران الخرسانية والأغلفة التي كانت تحمي الكنوز الوطنية؛ نظرًا لأن المتحف لا يزال يفتقر إلى الأبواب والنوافذ لمنع المزيد من النهب، كما تبرع غسان تويني بالأموال للباب الرئيسي الضخم الجديد للمتحف.

وبمجرد وضع الأبواب والنوافذ تم البدء بتنفيذ قرار هدم الجدار الخرساني، والذي كان يحمي مدخل السرداب، ومع بداية عام 1995 ارتفعت المناورات والاحتجاجات للبدء بترميم وإصلاح واجهات المتحف الخارجية، وفي الوقت نفسه تم البدء بتنفيذ ورشة داخلية في مكاتب الإدارة والموظفين في الطابقين الأرضي والسفلى، وذلك بتمويل من “لجنة أصدقاء المتحف”، وفي أثناء الاحتفالات باليوبيل الذهبي للاستقلال في عام 1995 تم البدء بافتتاح رمزي للمتحف، وذلك بحضور رئيس الجمهورية وقتها إلياس الهراوي، وفي تلك الإثناء أقيم معرض رسوم تحت عنوان ” المتحف الوطني ماضياً ومستقبلًا…. تراثنا المشرّد فلنحتضنه”، كما سُمح للناس بالدخول للمرة الأولى بعد 20 عامًا من غلقه.

وقد قامت وزارة الثقافة ومديرية الآثار بوضع خطة عمل للبدء بعملية الترميم تلك، حيث شملت هذه الخطة كل من: البدء بترميم وإصلاح الواجهات الخارجية، إزالة مكعبات وبقايا الاسمنت عن القطع الأثرية الكبيرة، فتح المستودعات الموجودة تحت الأرض، كما أنها أمرت بوضع جردة بالقطع الصغيرة وترميمها عن طريق مختصِّين بريطانيين، إلى جانب البدء بتصميم صالات العرض الذي وضعه المعماري الفرنسي جان- ميشال فيلموت.

وفي عام 1996 انتقلت السقالات من الواجهات الخارجية إلى الداخل، لتبدأ بعد ذلك ورشة إصلاح وترميم الصالة الكبرى في الطابق الأرضي، وفي 24 نوفمبر 1997 ضمن الاحتفالات بعيد الاستقلال كان هناك افتتاح كبير للمتحف الوطني، وذلك بحضور رئيس الجمهورية إلياس الهراوي ورئيس الحكومة رفيق الحريري، حيث نال الحدث تغطية إعلامية عالمية نظرًا لأهميته.

وبعد حوالي سبعة أشهر ونصف فتح المتحف أبوابه بشكل مؤقت للجمهور بعد أن تم إغلاقه لمدة تزيد عن 21 عامًا، كما أنه استقبل ما يقارب 50 ألف زائرٍ، لكن الزيارات والاستقبال كانت فقد على القاعات الأربع في الطابق الأرضي، حيث تم عرض القطع الاثرية الكبيرة والمتوسطة الحجم من نواويس وتماثيل وأعمدة وتيجان وغيره، وفي 15 يوليو 1998 أعلنت رئيسة المؤسسة الوطنية للتراث منى الهراوي غلق المتحف لمدة 5 أشهر لإنجاز المرحلة الثانية من مشروع التأهيل الذي شرعته المؤسسة.

وفي 8 أكتوبر عام 1999 انتهت الورشة، حيث افتتح الطابقين الأرضي والأول بعد حوالي 6 أعوام من العمل المتواصل، حيث بلغت تكلفة الترميم ما يقارب 5,500 مليون دولارًا، تحت إشراف كل من القطاعين العام والخاص، وبمساهمات وتقديمات الأفراد والمؤسسات، إلى جانب ذلك فقد نظَّمت المؤسسة الوطنية للتراث مجموعة من الأنشطة الثقافية والحفلات الموسيقية داخل صالة المتحف عاد ربحها إلى تمويل خطة تأهيله وترميمه، وكذلك فعلت “لجنة اصدقاء المتحف-فرع لندن” برئاسة الدكتورة كلود ضومط سرحال، وأقامت نشاطات في الداخل والخارج لجمع التبرعات لنفس الغاية.

إلى جانب ذلك فقد تم القضاء على المشكلة المزمنة التي عانى منها المتحف؛ بسبب موقعه المنخفض والتي تمثلت في تجمُّع المياه الجوفية في الطابق السفلي وقاعاته، حيث كان يصل ارتفاعها أحيانًا إلى المتر، كما أنها كانت تؤدي إلى ارتفاع نسبة الرطوبة بحيث تصل إلى 98 في المئة، وتتسرب إلى المستودعات فتغمر القطع الأثرية وتُسبب أضرارًا جسيمة لها تؤدي إلى التلف.

المصدر: بشير زهدي-كتاب المتاحفكتاب "الموجز فى علم الأثار" للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب"علم الآثار بين النظرية والتطبيق" للمؤلف عاصم محمد رزقعبد الفتاح مصطفى غنيمة-كتاب المتاحف والمعارض والقصور


شارك المقالة: