ما هي مكانة قانون العمل في النظام القانوني؟

اقرأ في هذا المقال


مكانة قانون العمل في النظام القانوني:

يبدو قانون العمل للوهلة الأولى فرعًا من فروع القانون الخاص؛ لأنه ينظم العلاقات بين الأفراد، من العمال وأرباب العمل، تمامًا مثل باقي فروع القانون الخاص، مثل القانون المدني والقانون التجاري.

وتخرج هذه القواعد عن حدود المبادئ المحددة في القانون الخاص، وانتقلت إلى حظيرة القانون العام بسبب التدخل المتزايد للدولة في تنظيم علاقات العمل مع سلطتها القيادية. ويشتمل قانون العمل على أحكام خاصة بالتوظيف والتدريب، وفي كثير من الحالات يكون من الضروري الحصول على إذن مسبق من الإدارة كما في حالة التوقف الكامل أو الجزئي عن العمل، أو تغيير حجم المنشأة ونشاطها، مما قد يؤثر على حجم العمالة بالنسبة للعقد.

كما هو معروف في القانون المدني أنه قانون الأطراف المتعاقدة، لا يجوز لأحد الطرفين تعديله دون موافقة الطرف الآخر؛ حيث يتعهد الشخص بأداء عمل لحساب الإدارة وتحت إشرافها وتوجيهها، ولا يخضع لهذه القاعدة حيث يسمح للإدارة بتغيير العقد الإداري مع الأشخاص وقد يزيد من التزامات الطرف الثاني.

وفي الواقع، لم يخرج عن قاعدة العقد قانون العمل المقارن، عندما يسمح للعامل بالإضراب، يطالب بشروط العقد التي تم تحديدها مسبقًا والالتزام بها، من أجل انتهاك أو إنكار قاعدة العقد، وقانون المقاولين. وتُعرف المبادئ في القانون الخاص بأن العقد محدود من حيث تأثيره على طرفيه، ولا يمكن تجاوزه للآخرين، بينما يجد أن قانون العمل المقارن قد خرج على هذه القاعدة في عقود العمل الجماعية، فهذه لا تلزم العقود الأطراف بالتقاعد فقط، بل تمتد إلى الآخرين، ويمتد أثرها إلى كل من ينتمي إلى النقابة التي أبرمت العقد، أو على جميع أعضاء مهنة النقابة، حتى لو لم يكونوا منتسبين إليها.

وعلاقة العمل اليوم ليست علاقة فردية ينظمها عقد عمل فردي، لكنها تخضع في تنظيمها لعوامل واعتبارات خارجة عن سيطرة كل من العامل وصاحب العمل. وتم تحديد العديد من الأحكام المنظمة للعمل المتعلقة بساعات العمل والإجازات وسن قوانين للعامل، ليس فقط لحماية العامل، ولكن لأسباب مثل الترتيبات الاجتماعية لها مصلحة  في المجتمع وحمايته، وهذا ما يجعلها جزءًا من النظام العام. لذلك لا يقتصر دور تنظيم العلاقة بين الأفراد على تحديد الحقوق والالتزامات المتبادلة، بل إنه يحدد الحقوق والالتزامات المتبادلة،  ويحدد الحقوق والالتزامات تجاه المجتمع.

أما بالنسبة للنقابات، فإلى جانب كفاءاتها المهنية وكونها ترعى المصالح الخاصة مثل الجمعيات الأخرى، فالأمر الذي يقتضي خضوعها لأحكام القانون الخاص مثلها مثل الجمعيات الأهلية الأخرى، يجد أنها تجاوزت هذا المجال وأصبحت ممارسة السلطة العامة، ويتمثل ذلك في مشاركتهم في العديد من اللجان التي تظهر فيها هذه الممارسة، مثل لجان تفتيش العمل ولجنة تحديد الأجور، ويقتضي القانون باستشارة عند اتخاذ بعض الإجراءات المتعلقة بالعمل، أي أن أصبحت الكفاءة للتعامل مع القضايا التي تقع في صميم القانون العام.

وكل هذا يقود إلى القول بأن قانون العمل هو فرع من فروع القانون العام، ولكن هناك بعض الفقهاء الذين يقولون إن قانون العمل هو قانون مختلط ينتمي في نفس الوقت إلى القانون الخاص والقانون العام؛ لأنه يتضمن قواعد تنظم القانون الخاص، وعلاقات العمل الفردية من جهة، ويحتوي على قواعد تتعلق بالقانون العام من ناحية أخرى.

وقد تم انتقاد هذا الري على أساس أن ما يعهد إليه بتحديد طبيعة أي قانون، هو عدم النظر إلى طبيعة كل من قواعده دون استثناء. وخلاف ذلك، ستصبح معظم القوانين مختلفة، ولكن ما هو مطلوب لتحديد طبيعة المساعدة أو التكاملية ذات الطبيعة المختلفة مهما كانت الحالة، يعتبر العمل قانونًا قائمًا بذاته، ومستقلًا عن القانون الخاص والعام وهو قانون له سمات وخصائص خاصة لا يتسم بها أي قانون آخر.

ويعتبر الطابع الآمر لقواعد قانون العمل من أهم الخصائص التي تميزه عن القانون المدني، تم وضع قواعد قانون العمل بشكل أساسي بهدف حماية العامل، وبالتالي لا تتحقق هذه الحماية عندما يتفق العامل وصاحب العمل على ما يخالف قواعد القانون، أي أن الحماية فعالة فقط إذا كانت تلك القواعد إلزامية. ويمكن اعتبار حماية العامل الهدف الذي يقصده المشرع في لوائح قانون العمل، بحيث تكون كل مخالفة باطلة إذا خالفت الحد الأدنى المقرر لحماية العامل، بينما تعتبر كل مخالفة تزيد من هذه الحماية صحيحة.

المصدر: أصول قانون العمل ، الدكتور حسن كيره ، الجزء الأول ، عقد العمل ،الطبعة الثانية ،سنة 1969 ص 26 .اقتصاد وتشريع العمل ، الدكتور صادق السعيد ، الطبعة الثانية 1969 بغداد ،ص 35 .شرح قانون العمل ، علي العريف ، الجزء الأول ، طبعة 1963 ، القاهرة ص 22 ــ 25 .شرح وقانون العمل ، الدكتور شاب توما منصور ، الطبعة السادسة بغداد سنة 1977،ص25


شارك المقالة: