كيف نؤسس مباني صديقة للبيئة؟

اقرأ في هذا المقال


في غضون العشرين عامًا القادمة من المقدر أنه ككوكب سنصل إلى ذروة طاقتنا لاستهلاك النفط، ومع انخفاض الإنتاج العالمي لكل النفط يستمر الطلب في الزيادة، وهذا لا يختلف عندما يتعلق الأمر بصناعة البناء، حيث يعتمد قطاع البناء والصناعات في جميع أنحاء العالم الغربي على النفط الخام الرخيص لاستخدامه في عمليات التصنيع والآلات التي يستخدمونها لتنفيذ هذه العمليات، واللافت للنظر هو أنه على سبيل المثال داخل المملكة المتحدة يمثل البناء حوالي 50٪ من جميع انبعاثات الكربون التي تنتجها الآلات والإنتاج، ومع ذلك بدأت الصناعة ككل حقًا في التغيير والتعرف على مشاكل التلوث – والتهديدات طويلة الأجل التي يشكلها لكوكبنا.

ما هي أشهر اتجاهات البناء الصديقة للبيئة؟

كل عام أصبح الاتجاه الصديق للبيئة أكثر شيوعًا، حيث إن التفكير في كوكبنا ومحاولة الحفاظ على بيئتنا لهما أهمية قصوى، وهذا هو سبب وجود العديد من الخبراء الذين يبتكرون طرقًا جديدة للحفاظ عليها، وإن نقطة البداية لإحداث فرق هي بيوتنا.
ومع ذلك هذا لا يعني فقط إجراء بعض التغييرات الطفيفة حول المنزل من أجل توفير المزيد من الطاقة والمياه، فبدلا من ذلك يحتاج الهيكل الكامل للمبنى أو المنزل إلى التغيير – أي يجب أن تصبح أكثر صداقة للبيئة من أجل المساعدة في الحفاظ على البيئة، ولهذا السبب اكتسبنا بعض اتجاهات البناء الكبيرة، وقد تختلف هذه الاتجاهات من سنة إلى أخرى، وفيما يلي أهم هذه الاتجاهات:

المرونة:

في العامين الماضيين كان تغير المناخ ملحوظًا بشكل أكبر وتسبب في بعض الكوارث الكبرى، وفي جميع أنحاء العالم تم تدمير الكثير من المنازل وحتى المدن بسبب الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، وعلاوة على ذلك من المتوقع أن تزداد وتيرة هذه الكوارث الطبيعية وحدتها في المستقبل فقط – ولهذا السبب يتم استبدال اتجاه الاستدامة بالمرونة.
ومن أجل منع تغير المناخ من أن يصبح العدو الأول لأعمال البناء يقوم بعض المحترفون بتغيير لعبتهم قليلاً وزيادة معاييرهم، وبالتالي أصبحت المواد والتصميمات الأكثر متانة جزءًا مهمًا من البناء – وكذلك المواد غير السامة، وهذا لأنه في حالة تدمير المباني المصنوعة من مواد سامة أو إتلافها فإنها يمكن أن تلوث الماء والهواء والتربة بشكل كبير جداً.
ولحسن الحظ يوجد لدينا بالفعل العديد من تقنيات ومواد يمكن أن تمنع مثل هذا التلوث – بالإضافة إلى المنازل الجاهزة التي يمكنها تحمل الرياح القوية ومواد التكسية المقاومة للحريق وأنظمة البطاريات التي تحافظ على كميات معينة من الكهرباء في حالة انقطاع التيار الكهربائي.

كفاءة الطاقة:

بشكل عام لا تعني زيادة كفاءة الطاقة في المبنى مجرد شراء الأجهزة التي توفر الطاقة، ولا نأخذ هذا بطريقة خاطئة فهذه الأجهزة تستطيع أن تحدث فرقًا بالتأكيد، ولكن اليوم يقوم بعض الناس ببناء منازلهم وتجديدها بطريقة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، ونظرًا لأن المباني والمنازل هي مسؤولة عن حوالي 70٪ من استخدام الطاقة وكمية كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فإن البنائين وأصحاب المنازل يعتمدون على كفاءة الطاقة بقدر الإمكان.
وبالتالي فهم يستخدمون مواد فائقة العزل للجدران – فضلاً عن الأبواب والنوافذ الموفرة للطاقة، ويعتمدون ايضًا على مصادر الطاقة المتجددة في الموقع، حيث تشمل مصادر الطاقة المتجددة هذه بالطبع الألواح الشمسية والبطاريات من  مزودين مختلفين – والتي يمكن أن تقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة في المبنى.

التصميم الحيوي (تصميم البيوفيليك):

يمكن أن تفيدنا الطبيعة بيولوجيًا ونفسيًا، ولسوء الحظ في القرون العديدة الماضية تم تصميم المباني بطريقة تفصلنا عن الطبيعة، ولكن مع اتجاهات اليوم التي تغيرت بشكل كبير – كان الهدف الأساسي لتصميم البيوفيليك هو إعادة الطبيعة وعناصرها إلى المنازل والمباني.
ووفقًا للمهنيين يمكن أن تتأثر النظم البيولوجية الداخلية لدينا بشكل إيجابي من خلال تغيير ديناميكيات الظلال وبرك الضوء في المباني خلال النهار، حيث يمكن تحقيق ذلك بسهولة من خلال جعل المباني تتبع وتلتقط حركة الشمس باستخدام النوافذ والأنماط والتفاصيل المعمارية الأخرى.

المنازل الصحية:

من نافلة القول أن المنزل يجب أن يكون صحيًا، ولكن هذا ليس هو الحال إذا كان هيكل المنزل سامًا، حيث يتضح إن المنازل الخضراء والصديقة للبيئة ليست صديقة للبيئة فحسب بل لها أيضًا الكثير من الفوائد لصحتنا، كما أن هناك الكثير من الدراسات التي تُظهر أنه إذا كان المنزل أو المبنى أخضر فإن الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون فيه يستفيدون منها كثيرًا عقليًا وجسديًا.
ومن أجل جعل منازلنا صديقة للبيئة يجب استخدام الضوء الطبيعي قدر الإمكان وتحسين نوعية الهواء في الأماكن المغلقة واستخدام مواد صديقة للبيئة، حيث لن يساهم ذلك في صحتنا فحسب بل سيزيد أيضًا من إنتاجيتنا ومستويات سعادتنا بشكل عام، وبالتالي يجب أن نضع في اعتبارنا استخدام أجهزة تنقية الهواء ودهانات ومواد قليلة أو معدومة من المركبات العضوية المتطايرة من أجل الحفاظ على صحتنا.

في الآونة الأخيرة كان الناس أكثر تركيزًا على التصميم الداخلي، وعلى الرغم من أهمية التصميم الداخلي إلا أنه من المهم جدًا أن يكون الهيكل بأكمله آمنًا ومقاومًا ومستدامًا، ولذلك مع اتجاهات البناء الصديقة للبيئة هذه يمكننا إحداث فرق كبير في العالم – والمساعدة في الحفاظ على البيئة.

المصدر: كتاب البيئة وحمايتها للمولف نسيم يازجيكتاب النظام البيئي والتلوث د. محمد العوداتكتاب الانسان وتلوث البيئة للدكتور محمد صابر/2005كتاب علم وتقانة البيئة للمؤلف فرانك ر.سبيلمان


شارك المقالة: