ولا تطع كل حلاف مهین

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى : (وَدُّوا۟ لَوۡ تُدۡهِنُ فَیُدۡهِنُونَ (٩) وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافࣲ مَّهِینٍ (١٠) هَمَّازࣲ مَّشَّاۤءِۭ بِنَمِیمࣲ (١١) مَّنَّاعࣲ لِّلۡخَیۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِیمٍ (١٢) عُتُلِّۭ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ زَنِیمٍ (١٣) أَن كَانَ ذَا مَالࣲ وَبَنِینَ (١٤) إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ءَایَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ (١٥) سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ (١٦)). صدق الله العظيم

التفسير:

(وَدُّوا۟ لَوۡ تُدۡهِنُ فَیُدۡهِنُونَ) قال الطبري أي: تمنوا بأن تركن إلى آلهتهم، وتترك ما أنت عليه من الحق! أو تلاينهم، بأن تدعَ نهيهم عن الشرك، وتوافقهم فيه أحياناً، فيلاينونك بترك الطعن والموافقة، كما قال جلّ ثناؤه: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ صدق الله العظيم.

وأصل الإدهان: اللين والمصانعة، والمقاربة في الكلام، وقيل:أدهن الرجل في دينه، وداهن في أمر، إذا خان فيه وأظهر خلاف ما أبطن.

قال العلامة شهاب الدين الخلوتي: أو تمنوا لو تترك ما أنت عليه، ممّا لا يرضونه مصانعة لهم، فيفعلوا مثل ذلك، ويتركوا بعض ما لا ترضى به، فتلين لهم، ويلينون لك.

سبب نزول الآية:

روي أنّ الوليد بن المغيرة وجماعته، لقوا رسول الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد هلم نعبد، ونعبد ما تعبد، ونشرك ونحن، وأنت في أمرنا كله!، فإن كان الذي جئت به خيراً ممّا بأيدينا، كنا قد شاركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً ممّا بيدك، كنت قد شاركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه فأنزل الله تعالى (﴿قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡكَـٰفِرُونَ (١) لَاۤ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ (٢) وَلَاۤ أَنتُمۡ عَـٰبِدُونَ مَاۤ أَعۡبُدُ) … الآيات ، فهذا معنى الإدهان والمداهنة.

(وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافࣲ) كثير الحلف في الباطل والحق، ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلُوا۟ ٱللَّهَ عُرۡضَةࣰ لِّأَیۡمَـٰنِكُمۡ أَن تَبَرُّوا۟ وَتَتَّقُوا۟ وَتُصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٢٤].

(مَّهِینٍ) من المهانة والحقارة، حقير الرأي، وذلك أنّ الكاذب لضعفه ومهانته، إنّما يتقي بإيمانه الكاذب، التي يجتريء بها على أسمائه سبحانه وتعالى، واستعمالها في كل وقت في غير محلها، عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله لا صادقاً ولا كاذباً قط..

(هَمَّازࣲ) عيّاب، وهو الذي يؤذي الناس، قال تعالى ( وَیۡلࣱ لِّكُلِّ هُمَزَةࣲ لُّمَزَةٍ).

(مَّشَّاۤءِۭ بِنَمِیمࣲ) الذي يمشي بالنميمة بين الناس.

(سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ) بالكي على أنفه، وقد أصاب أنفه جراحة يوم بدر، فبقي أثره إلى أن مات.

المصدر: تفسير الرازي- الرازي تفسير ابن كثير - ابن كثير تفسير الطبري - الطبري صحيح البخاري - اليخاري سيرة ابن هشام ابن هشام


شارك المقالة: