النظام المالي في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


النظام المالي في الدولة السعودية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز:

لقد نتج عن الصعوبات المالية وازدياد عمليات الدفع المالي بكميات كبيرة شعور بالحاجة الماسة في البحث عن حل نقدي وعملي، فقامت الحكومة في المبادرة في عام 1370/1951 ميلادي إلى استدعاء فريق من الخبراء الاقتصاديين ليقوموا في دراسة الوضع المالي واقتراح الحلول اللازمة، حيث كان أول إنجاز لتوصيات ذلك الفريق هو إنشاء النقد العربي السعودي، فصدر المرسوم الملكي في تاريخ 1372/1952 ميلادي في تأسيسها، فأصبحت أول مؤسسة حكومية عامة في تاريخ المملكة.

  وأنشئ لها فرعان في الرياض والدمام . وفي تلك المدة أي في عام 1372/1952 ميلادي كانت سندات الحج أول العملات الورقية السعودية التي ظهرت على ساحة التبادل النقدي في الأسواق، وأول إصدار كان يعرف بالإيصال الأبيض وهو من فئة العشرة والخمسة ريالات، وكانت مغطاة بالريالات الفضية، وكان الغرض من ذلك هو التخفيف على الحجاج وتوفير الراحة لهم من مشقة حمل المبالغ الكبيرة من العملات الفضية الثقيلة.

النظام النقدي في عهد الملك سعود بن عبد العزيز:

وفي سنة 1370/ 1950 ميلادي أصدرت المؤسسة إيصالاً من فئة الريال الواحد، وقد شهدت هذه التجربة رواجاً في التبادل التجاري، حيث أقبل السكان على استخدامها وعندما وجدوا فيها السهولة والبساطة في الحمل والتداول والخزن، هذا جعل الحكومة تصدر دفعة جديدة من تلك السندات الورقية عام 1379/1956 ميلادي تختلف في تصميمها وعباراتها عن الإصدار الأول.

لذلك وفي العام نفسه صدر نظام مراقبة النقد. وفي عام 1959/ 1379 ميلادي صدر المرسوم الملكي باستبدال إيصال الحج بعملة ورقية رسمية من فئة الريال والخمسة والعشرة والخمسين والمئة ر.س. وتعد هذه العملة أول عملة ورقية رسمية للبلاد، ودونت عليها الأرقام الخاصة بها والمعلومات باللغتين العربية والإنجليزية، ثم توالى بعد ذلك إصدار العملات المختلفة.

وعمدت الحكومة إلى فتح اعتماد بمبلغ 35 مليون ر.س فرق العملة والذي ضم إيرادات ميزانية الدولة، وذلك لمقابلة الزيادة الطارئة بسبب تعديل سعر الصرف الرسمي على المصروفات مقدرة بالريال السعودي لدفع المرتبات والأجور والبدلات وأجور دور القنصليات والسفارات والممثليات. وأصدر مرسوم أخر بإعادة تقويم رصيد الدولة من المعادن النفيسة والنقد الأجنبي المحفوظ لدى مؤسسة النقد العربي السعودي على أساس السعر الرسمي الجديد للريال السعودي.

صندوق النقد الدولي:

ولقد وافقت المملكة على زيادة حصتها في صندوق النقد الدولي من عشرة ملايين دولار إلى خمسة وخمسين مليون دولار. ولقد صدر مرسوم ملكي يقضي بأنه يجوز لمؤسسة النقد أن تقوم بشراء الذهب وبيعه، والعملات الأجنبية في السوق كلما رأت ذلك ضرورياً، ولكن ضمن الحدود التي يقرها وزير المالية والاقتصاد الوطني.

تعديل الدولة السعودية على قيمة الريال:

وفي عام 1990/ 1380 ميلادي تم أجراء الحكومة تعديلاً على قيمة الريال إذ أصبح يتكون من عشرين قرشاً بدلاً من أثنين وعشرين قرشاً، وأصبح القرش يعادل خمس هللات، وذلك حين أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي في 1379 /1959 ميلادي، عن سعر الصرف الجديد للريال والبالغ 4,5 ر.س للدولار الأمريكي.

وفي عام 1381/ 1991 ميلادي، أصبح للمملكة نظام نقدي حديث حيث أدى ذلك إلى زوال العملات المعدنية وأصبح الريال من العملات القابلة للتحويل، ويستند إلى غطاء كامل من الذهب والصكوك والعملات الأجنبية القوية، وبدأت قيمته في الاستقرار بعدما كانت الصكوك في تقلب مستمر، فأصدرت المؤسسة إصدارها الورقي الأول، ومنذ ذلك التاريخ خرج النظام النقدي رسمياً من قاعدة النقد الورقي الإلزامي المغطى بالكامل بالذهب والأصول.

وكان من نتائج تحسین الوضع في ذلك الوقت هو  تخصيص الحكومة إعانة مقدارها 42,5 مليون ر.س لتغطية 20 ٪ من قيمة واردات الحبوب والحليب والزيوت النباتية والأدوية ولحم الضان وغيرها. وكانت حكومة جلالة الملك قد أصدرت من قبل أمر ومن أجل المصلحة العامة بمنع إخراج الأموال من البلاد إلا للتجارة وجلب البضائع للبلاد فقط، وأن تعاد الأموال المستثمرة في الخارج لتمية ثروات البلاد  الداخلية، خاصة أنها مقبلة على نهضة اقتصادية شاملة وعامة.

المصارف الوطنية:

وكان من الضروري مقابل هذا التطور السريع في إصدار العمل، ظهور المصارف لكونها عنصراً أساساً في حركة النظام المالي،  فقد تم تأسيس المصارف الوطنية بعضها على يد بعض رجال الأعمال مثل مصارف الراجحي وهي من أقدم المصارف التي تطورت مع الزمن، ثم أخذت بعض المصارف صورة الشركات المساهمة السعودية لذلك فإنه في عام 1370 / 1950 ميلادي تأسس البنك الهولندي، و في عام 1377/ 1957 ميلادي تأسس بنك الرياض ليشارك فيه المواطنون والدولة وانتشرت فروعه في معظم مدن المملكة.

وافتتحت لهذه البنوك فروع في  مدينة الدمام وغيرها كبنك الرياض، والهولندي والعربي أما في القطيف فقد افتتحت فيها فروع للبنك الأهلي التجاري، وبنك الرياض وبنك القاهرة والبنك العربي وفي الهفوف بدأت فيها فروع البنك الأهلي التجاري، والرياض والقاهرة منذ عام 1377/ 1955 ميلادي. وملئت الرياض ببعض المصارف الأخرى التي أسهمت بنشاطها في إنماء حركة الاقتصاد في الدولة مثل البنك الأهلي التجاري والعربي المحدود.

وكذلك بنك القاهرة وبنك فرست ناشيونال وكانت هذه المصارف مشتركة مع رأس المال الوطني. وقد فرض جلالته في بيان أصدرته وزارة المالية والاقتصاد الوطني بأنه يجب على هذه البنوك والشركات والتجار والأفراد استعمال اللغة العربية في جميع القيود والمكاتبات والمعاملات، ومن يخالف ذلك من الشركات والمصارف فعليه جزاء نقدي لا يقل عن خمسة آلاف ر.سعودي، أما الأفراد أو التجار فلا يقل عن ألف ر.س مع إيقافهم عن التوريد والتصدير لمدة عام كامل.

المؤسسة الدولية في التنمية الاقتصادية:

يضاف إلى ذلك أنّ المملكة العربية السعودية في عام 1380/ 1990 ميلادي أشركت في عضوية المؤسسة الدولية للتنمية الاقتصادية، وفوض الملك سعود الأمير فيصل بأن يدفع إلى تلك المؤسسة قيمة الاشتراك وقدره ثلاثة ملايين وسبع مئة ألف دولار. ومن أجل تنظيم عمل هذه المصارف صدر قرار وزاري من وزارة المالية والاقتصاد الوطني يقضي بتخصيص الرصيد الدائم الذي يلزم المصارف التجارية الاحتفاظ به لدى مؤسسة النقد العربي الوطني من 10٪ إلى 10٪ من مجموع التزامات ودائعها.

الوضع المالي للدولة السعودية:

إزاء ذلك كله أصبح الوضع المالي للدولة جيدة، واستطاعت أنّ تنفذ العديد من المشروعات وتقوم بتوزيع مبلغ مئتي مليون ر.س، وهذه و زيادة في الإيرادات الخاصة بالدولة، وفوضت وزارة المالية مؤسسة النقد العربي السعودي بصرف هذا المبلغ وفقاً لما يأتي: أربعون مليون ر.س للديون الداخلية، خمسة وأربعون مليون تصرف للديون الخارجية، أربعون مليونة باسم الطرق، والإذاعة ، ومدينة حجاج بجدة ، خمسة وخمسون مليوناً باسم المشروعات المتنوعة كالآتي :20 مليون لإعاشة البادية الذين أصيبوا بالقحط في الشمال وللمشروعات التي أنشئت في المنطقة، وقد قامت وزارة المالية بتأمين الغذاء والكساء وأرسلت لهم الأرزاق والكساء اللازم لهم، كذلك شكلت لجنة لدراسة المشروعات التي تلزم لمنطقة الشمال، وصرف ما تبقى من الخمسة والعشرين مليون المخصصة لبنك المنطقة.

اهتم صاحب الجلالة بمنطقة الأحساء وجرى ابتعاث لجنة لدراسة الأوضاع بها ثم صرف ما تستحقه لإقامة المشروعات الإنمائية بها. إذن ووفقاً لقرار مجلس الوزراء وما أصدرته وزارة المالية بأن إيرادات الدولة خلال العام (1381-1382 هجري) تقدر في  ألفين ومئة وستة وستين مليون ر.سعودي. وتدفع جميعها إلى مؤسسة النقد العربي السعودي وفروعها لحساب وزارة المالية، وتصرف حسب التعليمات.

الوزارة المالية في الدولة السعودية:

وهكذا فإن وزارة المالية هي العمود الفقري للدولة لانتظام مصالحها، وعليها تقوم الحياة العامة والخاصة وأصبحت تتولى جميع واردات الدولة، كما تتولى صرفها ضمن الميزانية المعتمدة والتي أصبحت تقسم على ثلاثة أمور وهي: قسم الموازنة دوائر الدولة ومصالحها. كذلك قسم خصص للمشروعات الخاصة بالدولة، وقسم للاحتياط.

وبالتالي فإن وزارة المالية والاقتصاد الوطني كانت مسؤولة عن التدقيق في عمليات الإنفاق والمسؤولة عن أي انتهاكات، بالإضافة إلى أن كل وزارة كانت مجهزة بمحاسب يخول بالإنفاق وفقا للميزانية. وأخيراً فإن مصادر الدخل للفرد زادت نتيجة لتطور التجارة ونموها، وبالتالي ساهم ذلك في زيادة الفرص التعليمية، لذلك عملت الدولة على إعداد الكفاءات البشرية اللازمة المزاولة الأعمال المالية والإدارية في شتي مجالات التجارة.

المدارس التجارية:

تم افتتاح المدارس التجارية، وتزايد الإقبال عليها في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية مثل الرياض جدة والدمام، مكة، وعملت على رفع كفاءة الكوادر السعودية وتطوير قدراتها بالتدريب والإعداد المهني اللازم لمواجهة التطورات التقنية واحتياجات سوق العمل، وافتتحت الكليات المتخصصة في هذا المجال والتي من مهامها تدريس إدارة الأعمال واللغات والمحاسبة والسكرتارية. إذن فالدولة لم توفر جهداً في سبيل الرقي بالمجتمع ومحاولة توفير كل ما يحتاجه في سبيل مواكبة التقدم والحضارة.

المصدر: التعليم في عهد الملك سعود بن عبد العزيز أل سعود تأليف حصة بنت جمعان الهلالي الزهراني الطبعة الأولىتاريخ الدولة السعودية في عهد سعود بن عبد العزيز تأليف امين سعيد الطبعة الأولىالمملكة من الداخل تاريخ السعودية الحديث نقلة إلى العربية خالد بن عبدالرحمن العوض الطبعة الرابعةتاريخ ملوك آل سعود للأمير سعود بن هذلول الطبعة الأولى 1380 هجري


شارك المقالة: