التحليل البنائي في علم الاجتماع عند راد كليف براون

اقرأ في هذا المقال


التحليل البنائي في علم الاجتماع عند راد كليف براون:

يفترض راد كليف بروان وجود نوع من التنسيق، أو الترتيب، والتساند بين العناصر التي تدخل في تكوين المجتمع، مما ينتج طابعاً معيناً، أو بناءً لهذا المجتمع يمكن ملاحظته، ودراستة دراسة موضوعية، تماماً كما تدرس الظواهر الاجتماعية الأخرى، فهو مثل أوجست كونت، وإميل دور كايم من مؤسسي الوضعية في علم الاجتماع، يرى أن أية ظاهرة اجتماعية تتمتع بوجود له طبيعة خاصة، فهي موجودة في الواقع الموضوعي خارج عقول الأفراد الذين يخضعون لها، ويستجيبون لتوجيهاتها.
لكنه يختلف مع الوضعية السوسيولوجية، ويبتعد عن تعاليمها حين يدخل الأفراد في تحليله للبناء الاجتماعي، ويمتاز براون في أنه استخدم مصطلح البناء الاجتماعي استخداماً مباشراً، ولم يستخدم مصطلحات أخرى بديلة مثل النسق، أو التركيبات المورفولوجية، بوصف أداة فعالة لتحليل مكونات المجتمع، ومكونات الظواهر الاجتماعية بشكل عام.
وفيما يتعلق ببناء المجتمع يعتبر الأفراد جزءاً مكوناً لهذا البناء وهو موقف جرى عليه الكثير من التحفظ من قبل العلماء الآخرين، ومن قبل براون نفسه، وبالتالي فإننا نجده يقيم تفرقة مصطنعة بين الإنسان كفرد، والإنسان كشخص في محاولة ﻹعطاء طابع أكثر علمية، ورصانة لتحليله للبناء الاجتماعي ومكوناته.
فهو يزعم أن الإنسان كفرد ليس من اهتمامات العلوم الاجتماعية، وإنما هو من اهتمام العلوم البيولوجية، وعلم النفس، أما الإنسان كشخص، من حيث أنه يحتل مكانة معينة، ويؤدي أدواراً محددة داخل البناء الاجتماعي فهو جزء مكون في هذا البناء.
وبذلك فإن البناء الاجتماعي يجمع في مكوناته مجموعة العلاقات التي تقوم بين الأشخاص، وبخاصة العلاقات الثنائية بينهم، إضافة إلى علاقات التمايز بين الأفراد والدرجات حسب أدوارهم الاجتماعية.
ومع ذلك فإن براون يأخذ بعين الاعتبار وجود وحدات أخرى تدخل في تكوين البناء الاجتماعي، من أهمها بالنسبة له الجماعات الاجتماعية، التي تمتاز عادة بمستوى عالي من التمكّن على البقاء والاستمرار مثل القرية، والعشيرة، والجماعات الإنثية، والطبقات الاجتماعية، لكن تركيزه يبقى على العلاقات بين الأفراد، أو ما يسميه (العلاقات الثنائية)، أي العلاقات التي تقوم بين فرد وفرد آخر.
ففي رأيه أن الأنساق، أو النظم الاجتماعية، يمكن تقنيتها إلى مجموعة من العلاقات الثنائية، فالنظام الأسري مثلاً يتكون من علاقات ثنائية بين الزوج والزوجة، وبين الوالدين والأبناء، وبين الأخوة والأخوات، وبين الأسرة نفسها، والأقارب.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: