الجانب العقلي أو المجرد في المعرفة العلمية في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الجانب العقلي أو المجرد في المعرفة العلمية في علم الاجتماع:

إن التفكير المجرد أو المنطقي صفة يتصف بها الإنسان وحده بين الكائنات الحية نظراً لما يتمتع به من جهاز عصبي معقد ومتطور، ويعتمد هذا التفكير على استخدام الرموز بينما يعتمد الجانب الحسي على استخدام الاحساسات التي ترتبط بالأشياء الملموسة المباشرة، والرمز عبارة عن فكرة توجد في ذهن الإنسان يدل بها إلى أشياء ملموسة توجد في العالم الخارجي.

ولكن هذه الرموز تتدرج من الرموز البسيطة التي ترتبط مباشرة بأشياء خارجية إلى رموز أكثر تعقيداً تشير إلى ما هو مشترك بين المجموعة من الأشياء، فرمز السيارة مثلاً يشير إلى شيء معين ملموس أمامنا، ولكن لفظ وسائل النقل يشير إلى خاصية مشتركة بين مجموعة من الأشياء تبدو ظاهرياً شديدة الاختلاف (الدواب، السيارات، القطارات، الطائرات، السفن).

وأول وأسهل شكل من أشكال الرمز هو المعرفة الذي نصور بها الشيء الذي نلاحظه في ذهننا في خصائصه الخارجية فقط، ولكن هناك أشكالاً غيرها من الرموز المعقدة تساعدنا على تصوير الأشياء في جوهرها.

وتعرف هذه الرموز بالمفهومات، حيث أن المفهومات تشكل العناصر الأساسية في المعرفة العقلية أو النظرية العلمية، فأي نظرية علمية تتكون من عدد هائل من هذه المفهومات التي ترتبط مع بعضها البعض بشكل متناسق في فروض أو قوانين أو تعميمات، أنظر مثلاً إلى هذه العبارة، المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، تتكون هذه العبارة من مجموعة من المفهومات أو الرموز المترابطة التي تصور الخصائص الجمهورية لعدد لا نهاية له من الأشياء التي تمت ملاحظتها باستخدام أعضاء الحس، ولتأخذ مفهوماً واحداً منها وليكن المعادن هذا المفهوم في حد ذاته مركب ويتضمن عدداً من المفهومات الأخرى، مثل الحديد والنحاس والألمنيوم.

ومفهوم الحديد يشير إلى مجموعة من المدركات التي توجد في الطبيعة قطع من مادة معينة، ولكنه يركز على الخصائص الجوهرية لها ويهمل كافة الخصائص الثانوية أو السطحية، مثل: الأشكال المختلفة التي توجد عليها هذه المادة وبالمثل يشير مفهوم المعادن إلى الخصائص الجوهرية المشتركة بين أنواع شتى من المادة ويهمل الخصائص الثانوية أو السطحية لها مثل اللون أو الشكل.

والعلماء، يتوصلون إلى المفهومات عن طريق عمليتين أساسيتين يتمان في العقل هما، التحليل وهي العملية التي نقسم بها الظاهرة التي نلاحظها إلى عناصرها أو جوانبها المكونة لها من أجل فهم كل جانب في الظاهرة واختيار الجوهري منها والتأليف أو التركيب، وهي العملية التي نقوم فيها بتجميع أو تركيب الأجزاء أو العناصر الهامة في الظاهرة سوياً.


شارك المقالة: