جوانب السيميائية باستخدام نظرية رولان بارت

اقرأ في هذا المقال


من الدراسات الهامة التي قام بها علماء السيميائية هي دراسة جوانب السيميائية باستخدام نظرية رولان بارت ودراسة الصورة وإنتاج المعنى.

جوانب السيميائية باستخدام نظرية رولان بارت

لقد اعتمد علماء الاجتماع في دراسة جوانب السيميائية باستخدام نظرية رولان بارت على التفاصيل الدلالية لمعنى الصورة باعتبارها ثقافية النمط من خلال طرق البحث السيميائية للصورة المرئية بأشكالها المختلفة في الحياة المعتادة.

وركزت على أهمية الصورة لإظهار المكونات الأساسية التي لها تأثير على المتلقي اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً؛ لأن الصورة هي دائماً رسالة مجازية، وتحمل معنى رمزي جعلها بكل ما فيها مكونات لغة الخطاب الثقافي اليومي، وإذا كان قد رُكز على استكشاف الآثار المترتبة على الصورة المرئية فهذا يجعل هناك تساءل عما إذا كان الكلمات أو الصور أكثر قدرة على عكس المعنى في بعض الأحيان، ومن وجهة نظر يبدو أن الصورة لغة القرن الحالي القوية، والتي يتم استخدامها في الثقافة اليومية.

ويبدو إنه الأكثر فاعلية في نفسية المتلقي، وهو يعبر عنها بعلامة الصور في هذا الدراسة، ويمثل خطاب الصور في هذا الواقع الثقافي اليوم الصورة قادرة على تجسد ما لا تدركه الكلمات أحيانًا، وإذا كان الكاتب يعتمد على الكلمات في إبداعه تحتاج المتطلبات الثقافية في الوقت الحاضر إلى صور حية يمكنها أن تلمس العقل والروح وتؤثر عليه.

والصورة لها أهمية أكبر مما يعطي المتلقي انعكاسًا وفرصة التأمل، واستحضار المتلقي لتوليد العلامات والرؤى، وهكذا فإن الصورة أحد أهم عناصر إنتاج معاني جديدة في الحياة، وأداة مستخدمة في الخطابات الثقافية، وتربط أهمية الصورة في دراسة جوانب السيميائية باستخدام نظرية بارت في مشاعر المتلقي تجاه إمكانات الدلالات والمعاني الخفية.

وفي هذه الحالة يوجد اتصال بين المستقبل والصورة أولاً، ثم هناك اتصال بين المتلقي ومن يوجه الحديث عن ما يرى ثانياً، وإنها حركة دائرية في عملية الاتصال التي ستجعل انطباع المتلقي يتحول إلى إبداع إنتاج، لذلك ركزت على معاني الصور كجزء من لغة لغوية.

ومعنى الصورة هو ما يحفز مشاعر المتلقي ويعبر عن مشاعره تجاه صورة الخطاب، أما الهدف من استخدام هذه الصور فيعتمد على الموضوعات المشتركة بين الناس في صورتهم من واقع اجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي، وبالنظر إلى ماهية هذه المواضيع تحمل الحواس الدلالية، ثم يختار المتلقي ما يراه مناسبًا للتعامل معه، وإنتاج المعاني حسب ذوقه.

وهكذا فإن قراءة الصورة وإنتاج ملف يمكن أن يختلف معنى ذلك من جهاز استقبال إلى آخر، وتظل هذه القراءات مرتبطة بجوانب السيميائية باستخدام نظرية رولان بارت، واستثمرت المعرفة في الصورة كما حددها رولان بارت حيث الخطاب الرمزي الصورة تحمل المعرفة اللغوية والفنية، ومحددة سلفاً من قبل المجتمع والثقافة واللغة.

وتساهم هذه الصور في تنمية الوعي البشري والتعليم، وتساعد على توطيد العلاقات الاجتماعية، وتنمية الحس الجمعي، وركز علماء الاجتماع في تحليلهم على العلاقة المشتركة بين الصور التي كان يتم توظيفه في هذه الدراسة لمحاولة فهم الرسالة التي تبدأ بنقلها الصورة من الواقع الثقافي للمجتمع.

وقراءة أي صورة تعتمد على تاريخ المجتمع وكيف ينظر الأفراد إلى الدلالات والمعاني الموحية، على سبيل المثال هناك تمثيلات أخلاقية ورمزية في كل ثقافة، وهذا يعني أن الصورة بكافة أشكالها تحمل دلالات معبرة في وعي المتلقي، فهي تعتبر اليوم على أنها نظام الاتصال بين الناس، بالإضافة إلى أنظمة أخرى مثل السياسية والنظم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لأنهم يعتقدون أن تكامل الأدوار بين هذه المواضيع السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية أصبحت تهم الناس في ثقافتهم وحياتهم اليومية.

الصورة وإنتاج المعنى

إذا كانت اللغة حسب فرديناند دو سوسور هي واقع اجتماعي يستخدمه الناس للتواصل تعتبر الصورة كوحدة مظاهر مكتفية ذاتياً، مثل وحدة دلالة شاملة يمكن تحليلها، وعلى النحو الذي حدده السير جيرمس ترتبط الصورة ارتباطًا وثيقًا بالحياة الاجتماعية للناس وقدرتهم على التواصل مع بعضهم البعض، واللغة في الجانب اللغوي السوسوري تعتبر قدرة فريدة بالنسبة للبشر، مما يمكنهم من التواصل عن طريق أنظمة أو أنماط صوتية وملصقات.

حيث عندما فرضت الصورة الحديثة نفسها أصبحت دليلاً يظهر في الحياة اليومية، ولقد أثبتت الصورة وجودها من خلال مضاعفة اللغة اللفظية وغير اللفظية ورسائل الاتصال كما هو الحال في الأفلام والإعلان والتصوير الفوتوغرافي، وما إلى ذلك.

والبشر يعيشون في حضارة الصورة وفقًا لرولان بارت، على الرغم من التحفظات التي يحملها النظر في هذه الصفة الجديدة، طالما أن الصورة نفسها هي نظام سيميائي، فيمكنها مثل ما يرى رولان بارت إنشاء سلسلة من السميوزيات فقط من خلال التدوين اللغوي، والصورة بتنسيق رأيه غير قادر على التعبير عن كل شيء في غياب العلامات اللغوية، لذلك فإن الصورة هي أحد المفاهيم التي لا يمكن أن يكون لها تعريف شامل، لأنها موضوع مرتبطة بجميع مجالات الحياة من خلال التواصل ابتداء من نواة المجتمع الأسرة من خلال المدرسة، وجميع التنشئة الاجتماعية المرتبطة بها.

وساهم علم اللغة في ربط الصلة بين التواصل واللغة، وفي بداية القرن العشرين ظهرت السيميائية وأصبحت استمرارًا للاتجاه المستقل لعلم اللغة، وكان هناك تكامل بين العلمين أي: اللغويات والسيميائية حيث تسعى إلى وضع معايير تشرح كل ما يحيط بالبشر، وكان هناك تركيز على دراسة معرفة الاتصال بين الناس بعد ذلك أصبح التواصل مفتوحًا على كل الأشياء والمعنى الذي يحمل في طياته إيحائي المعنى أو الدلالي، وهكذا فقد تجاوزت حدود البعد اللغوي في عملية التواصل لأبعاد وأشكال التواصل الجديدة الأخرى التي أنشأتها الناس في سياق حاجتهم إلى التبادلات الاجتماعية.

وهذا ما جعل بعض العلماء يميزون بين صيغ التواصل المختلفة مثل التواصل من خلال العلامات والصور، والتركيز على بُعد اللغة في أي عملية تواصلية، وكانت اللغة ظاهرة اجتماعية حاوية للحمل الفكري والسياسي والاقتصادي والمحتوى، وأداة بامتياز للتواصل بين الناس، وإدراج الصورة مع اللغة كجزء من عملية التواصل الاجتماعي يعقد الاتصال، والعمل الفني هو أساس القواعد المبتكرة التي تحكمه، وفي المقابل يمكن التواصل فقط لأولئك الذين يعرفون القواعد بالفعل، ومن هنا تأتي ضرورة وفرة الأولية لتفسيرات أن الفنان يجد نفسه مضطرا لتقديم عمله حيث تتطلب الصور دراسة بصرية دقيقة.

مما يحفز الرأي والتفاعل بين الرؤية والتفكير ويولد المشاعر التي يمر بها المتلقي بعفوية وغريزية، خاصة إذا كانت الصورة ذات طابع جمالي مثل اللوحة، كنوع خاص من الاتصالات ضروري للمستقبل لإنتاج المعنى المطلوب ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال اللغة المصاحبة للصورة والمصور، وإشراك اللغة مع الرؤية يكمل عملية الاتصال بدقة، ويخلق معنى ليس بالضرورة متوافقًا مع إحساس مألوف، وهذا يثير تساؤلات أبرزها كيف يتم دمج الصورة مع رؤية المتلقي لإعطاء رسالة اتصال؟ وإلى أي مدى تؤدي الرؤية إلى إنتاج المغزى في غياب النص الذي يفترض أن يعلق بالصورة؟

وماذا هي طبيعة العلاقة بين اللغة والأداء البصري بكل أشكاله رسم فيلم إعلان وتصوير؟ وإلى أي مدى تستجيب الصورة للنمط اللغوي والتواصلي؟ وقبل ذلك هل اللغة وحدها قادرة على إنتاج ملف المعنى؟ وهل يمكن اعتبار الصورة بكل لغتها المرئية كوسيلة للتواصل بين الأفراد والمجتمعات، وإذا كانت الصورة منذ ذلك الحين تُستخدم في التوجيه التربوي والأخلاقي والجمالي والذوق من أجل تعديل السلوك وتبادل الخبرات، فهو اليوم يساهم في إقامة مجالات عديدة، بما في ذلك الفكري الثقافي والاقتصادي التجاري والفني الإبداعي والاجتماعي السياسي، ولم تعد اللغة المنطوقة كافية للتواصل الأكثر فاعلية.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: