دراسة القانون في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


دراسة القانون في علم الاجتماع:

يعد القانون في نظر بعض علماء الاجتماع مثل بروم وسلزنيك، أحد النظم الاجتماعية الكبرى التي تسهم في تحقيق التكامل الاجتماعي داخل المجتمع، مثله في ذلك النظام التربوي والنظام الديني، فالنظام القانوني يسهم في تحقيق التماسك والانتظام الاجتماعيين، كما يسهم في استمرار التنظيم الاجتماعي، من خلال تحديد نماذج السلوك الواجب القيام بها من جانب أعضاء المجتمع، كذلك فإن القانون يعد مؤشراً للقيم الثقافية، حيث أنه يحدد مجالات التطلع لدى الأعضاء، فالقانون يحدد الخصائص والصفات المرغوب فيها من خلال نظام المكافآت والمزايا.

والواقع أن النسق القانوني مجال متسع للصراع، إلى جانب أنه مصدر للاستقرار والتكامل الاجتماعيين، فالمحاكم ورجال القانون وأجهزة الشرطة وبعض الأجهزة الأخرى تهتم بمختلف أوجه النزاع وانتهاك القواعد والمعايير الاجتماعية، ومن هذه الزاوية يمكن النظر إلى القانون على أنه وسيلة نظامية عامة، لمواجهة وحسم الخلافات التي تنشأ داخل المجتمع.

ولعل هذا هو ما يجعل من إسهام القانون في دعم البناء التنظيمي والتكامل الاجتماعي إسهاماً إيجابياً، حيث أنه يحدد نماذج السلوك المقبولة وغير المقبولة، كما يحدد العقابات الدقيقة الكفيلة بإتباعه.

ويمكن فهم طبيعة القانون من خلال معرفة مجموعة من الجوانب المتعلقة به أهمها ما يلي، أولاً ما يسهم به القانون بالنسبة للمجتمع والثقافة والفرد، وثانياً المصادر المتميزة للقانون وأساليبه ومشكلاته.

ومن خلال هذه المعرفة يمكننا فهم طبيعة القانون كنشاط أو كنظام حيوي يؤدي مجموعة من الوظائف الاجتماعية، والواقع أن النظام القانوني لا يقتصر على مجموعة من القواعد والمعايير فحسب؛ ذلك ﻷنه يتضمن إلى جانب ذلك مجموعة من الجماعات القانونية والأجهزة القانونية أو أجهزة الضبط الاجتماعي الرسمية العقابية وأجهزة النيابة والشرطة ويمكننا أن نضيف إلى ذلك كافة المؤسسات العقابية ومؤسسات حفظ النظام داخل المجتمع.

الوظائف الاجتماعية للقانون في علم الاجتماع:

يحدد ليونارد بروم وسلزنيك أهم الوظائف الاجتماعية للقانون فيما يلي:

1- وظيفة الحفاظ على النظام العام:

فالقانون يقدم ﻷعضاء المجتمع الأسلوب المشروع لحسم صراعاتهم وخلافاتهم والحصول على حقوقهم، وبالتالي يقدم لهم البديل عن أساليب الصراع والانتقام التي تقوم على أساس العصبية أو القوة الشخصية أو الخداع والمؤامرة، فالقانون يسهم في دعم الأساليب غير الرسمية للضبط الاجتماعي كالأعراف والعادات التقليدية والتنشئة الاجتماعية.

ويمكن أن ندرج ما يقوم به القانون أو النظام القانوني من دور قامع للانحراف، تحت بند وظيفة حفظ النظام، فالقانون يحاول بقدر الإمكان الحيلولة دون وقوع الانحراف من خلال تحديد ما هو مسموح به وغير مسموح به، ومن خلال ما يضعه من عقابات ضد العمل المنحرف، ومن خلال أساليب الردع والعقاب التي يمارسها على المنحرفين.

2- تسهيل العمل التعاوني:

يقوم المجتمع ويقوم الحياة الاجتماعية داخله على أساس التوقع المستقر لنماذج سلوك الآخرين، فالإنسان يمكنه الانصراف لعمله وهو مطمئن إلى ما سوف يقوم الآخرين بفعله، وإلى وأن حقوقه محفوظة مصانة اعتماداً على مجموعة المعايير والقيم والتوقعات الاجتماعية للسلوك، المنظمة لحركة الناس داخل المجتمع.

وإذا كان العمل التعاوني بين مجموعة من الأشخاص بهدف تحقيق مصلحة مشتركة، يتم داخل المجتمعات التقليدية استناداً إلى المعرفة الشخصية وروابط القرابة أو الجيرة أو الصداقة، فإن أعضاء المجتمع الحديث يضطرون للدخول في علاقات ومعاملات، دون أن يعرف بعضهم بعضاً أو دون الاعتماد على الروابط التقليدية كالقرابة أو الصداقة، وهنا يلعب القانون أو النصوص التشريعية والتنظيم القانوني التعاقدي دوراً هاماً في تأمين كل مواطن على حقوقه ومصالحه المتفق عليها بأسلوب قانوني.

3- إرساء الأساس المروع للسلطة والقوة داخل المجتمع:

ففي كل مجتمع يوجد صراع مستمر من أجل السلطة والقوة الاقتصادية والسياسية وتتزايد هذه الصراعات وتتعدد أشكالها مع نمو المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً وديموغرافياً وسياسياً، ويسهم القانون في تخفيف هذا الصراع من أجل القوة، وذلك من خلال إرساء مجموعة من المعايير والقواعد التي تحدد أساليب هذا الصراع وطريق النجاح فيه، فالقانون هو الذي يحدد من الذي له الحق في ممارسة كل نوع من أنواع القوة على حدة، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك القانوني الدستوري، فهو الذي يحدد شروط تولي المواقع القيادية أو الرئاسية العليا داخل المجتمع مثل رئاسة الدولة أو رئاسة الوزارة.

4- توصيل المعايير الأخلاقية ﻷعضاء المجتمع:

فالقانون يحدد مجموعة الحقوق والواجبات الأساسية لكل عضو من أعضاء المجتمع، فهو يحدد الحقوق والمسؤوليات، يدعم هذا التحديد من خلال التحديد باستخدام القوة ضد من لم يلتزم بها، ولعل هذا ما يجعل من القانون وسيلة فعالة وقوية للاتصال، وبقول آخر فإن للقانون وظيفة تربوية من خلال تعليم الناس النماذج المقبولة وغير المقبولة للسلوك، ومعايير السلوك السوي والانحرافي.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: