ما هي الحياة اللاواعية في التخلف الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


تشكل الحياة اللاشعورية الوجه الخفي للتجربة الوجودية للشخص، وتكتسب كل قيمتها وتأثيرها من خاصيتها الرئيسية، وهي الإفلات المؤكد من سيطرة الإدراك والإدارة من جانب، ومن شدة ومدى الضغط الذي تزاوله المكبوتات، على كافة أوجه النشاط الحياتي من جانب آخر.

ما هي الحياة اللاواعية في التخلف الاجتماعي

اللاواعي يدخل في كل حركة وسكنة وتوجه ونظرة وقيمة تحيط بحياتنا أو تعطى لها، لم يعد بالإمكان حالياً القيام بدراسة نفسية لوجود الإنسان دون التوقف عند نشاط حياته اللاشعور، فكما أنه من الخطأ منهجياً معرفة الواقع الموضوعي دون بحث ارتباطه الجدلي بالواقع الذاتي، كذلك فإنه من غير الممكن دراسة هذا البعد الذاتي دون التعمق في نواته الرئيسية كما هو، ممتد عرضياً من النفس إلى المجتمع الكبير، مروراً بكافة المراحل والدوائر العلائقية.

هذه المسلمات المنهجية النفسانية هي التي أدت إلى نشوء فرع جديد من فروع علم النفس وهو علم النفس الاجتماعي العيادي، أو التحليل النفسي للمعاش الاجتماعي للشخص، وهو فرع آخذ في التفشي نظراً لما أدخله من غنى على دراسة الظواهر النفسانية والاجتماعية على حد سواء، مخرجاً الأولى من عزلتها الذاتية بربطها بالمجتمع، ومعطياً الثانية دفقة ذاتية أمدت بالحياة برود وتجريد المنهج الاجتماعي، وأعاد إلى الشخص وحدته وكليته بعد أن مزق أشلاء خلال زمن طويل بين الأحيائي والنفساني والاجتماعي.

العلاقة جدلية والتحديد متبادل بين الاجتماعي واللاواعي، فالبنية الاجتماعية بمؤسساتها الأساسية تكوّن الشخصية الإنسانية في قوالب خاصة، تناقش نظامها السائد في أعمق أعماق الشخص، عن طريق تكوين حياته اللاواعية، التي تتضمن مستودع النزوات وما يتصل بها من أنماط العلاقات الأثرية الأولية.

نمط الشخصية والحياة اللاواعية

لقد أصبح معروفاً من الجانب النفسي، أن نمط الشخصية وبنيتها هو نتاج نظام العلاقات الأولية الذي يبقى فاعلاً في اللاواعي، وهكذا فإن النظام السائد للبنية الاجتماعية يعود فيتعزز ويترسخ عن طريق ثبات النماذج الأولية لحياة العلاقة في اللاواعي، عن طريق ثبات البنية العلائقية اللاشعوري، كما أنه يعكس وينقل الصراعات والأزمات اللاشعورية الخاصة بالروحية لذلك النظام.

ونخلص من ذلك إلى نتيجة مهمة، وهي أن شدة وعمق تأثير وشدة وضعية القهر المتميزة للمجتمع المتخلف لا تتوقف على بعدها الاجتماعي فقط، بل تتعزز عن طريق الانعكاسات اللاشعورية التي تثيرها وترافقها.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: