من هو الخليفة عمر بن الخطاب؟

اقرأ في هذا المقال


كان عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للخلافة الراشدة، حيث أشار المسلمون إلى الخلفاء الأربعة الأوائل، كان من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام وأحد الصحابة المقربين للنبي محمد عليه السلام .

من هو الخليفة عمر بن الخطاب؟

بعد وفاة النبي محمد قدّم عمر بن الخطّاب دعمه الكامل والمخلص لأبي بكر الصديق الذي أصبح بعد ذلك الخليفة الأول، بعد وفاة أبي بكر الصديق عام 634 ميلادي، أصبح عمر بن الخطّاب الخليفة التالي وواصل حملات سَلفه وامتدت سيطرته إلى أبعد من شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى النجاحات العسكرية المتعددة، تميز عهده بالعجائب في الإدارة.

عمر بن الخطاب ابن خطاب بن نفيل ولد في مكة عام 584 ميلادي، على الرغم من تعليمه الجيد، إلّا أنّه كان مولع بالقتال وركوب الخيل، لقد اكتسب سمعة طيبة وكان مضطَهِد وتحول إلى مؤمن، كان لا يحب النبي محمد في البداية ولكنّه أصبح بعد ذلك من أتباعه المتدينين، في بعض الأحيان دافع عن المسلمين ضد المضايقات الجسدية من المكييّن.

واصل عمر بن الخطاب دعمه للنبي محمد وكان أحد المقربين منه، حتى أنّه شارك في معركة بدر ومعركة أُحد، تزوّج الرسول من ابنة عمر بن الخطاب حفصة، التي ترمّلت عام 624 ميلادي وتزوجت من النبي عام 625 ميلادي، ممّا جعل عمر والد زوجته إلى جانب أبو بكر ووطَّد علاقته بالنبي.

خلافة عمر بن الخطاب:

بعد وفاة الرسول محمد أدرك عمر بن الخطاب قدرة أبي بكر، حيث قدّم له الدعم الكامل في محاولته لقيادة المجتمع، ممّا ساعده على أن يصبح الخليفة الأول للخلافة الراشدة، فقد تنازع على هذا الموقف أيضاً أنصار علي بن أبي طالب وهو رفيق للنبي وصهره، بعد نجاح أبي بكر عمل عمر بن الخطاب كمستشار له وتعلم منه الكثير أيضاً، واجه الخليفة أبو بكر تمرداً مفتوحاً من المرتدين في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية.

بعد لمّ شمل العرب شنّ أبو بكر الصديق غزوات على البيزنطيين وسوريا و الساسانية والعراق، التي أثمرت قبل وقت وفاته في 634 ميلادي على الرغم من نكسة قاصر في العراق، كانت الأولوية الأولى لعمر بن الخطب هي تعزيز سيطرته على الإمبراطورية والسيطرة على الإدارة، كان خالد بن الوليد أبرز شخصية عسكرية في عصر أبي بكر الصديق، كان أبو بكر يعتز به لموهبته الفريدة في الحرب، أثبتت مهارات خالد أنّها مطلوبة بشدة في حروب الرِّدة وفي الغزو اللاحق للعراق.

أبو بكر لم يعش طويلاً بما يكفي للتمتع بالنجاح، كما أنّ تقدم المسلمين في العراق تعرض للخطر في غياب خالد بن الوليد، عند موته رشّح أبو بكر عمر خليفةً له ثمّ أصبح الخليفة عام 634 ميلادي، حكم عمر بن الخطاب لمدة عشر سنوات حتى 644 ميلادي، كانت الأولوية الأولى لعمر هي إحكام قبضته على الإمبراطورية والسيطرة على الإدارة، ثم حوّل انتباهه إلى الحملات المستمرة في العراق وسوريا.

جرّد عمر بن الخطاب خالد من قيادته للفرقة السورية لأسباب غير مؤكدة ومثيرة للجدل، بدلاً من ذلك، أوكل الأمر إلى شخصه المفضل أبو عبيدة زعيم إنساني ورجل نبيل، عزّز الخليفة القوات الإسلامية في العراق بقوات جديدة تحت قيادة زعيم جديد سعد بن أبي وقاص.

استسلام القدس:

لقد شملت أحداث الفتح مجموعة متنوعة من المواقف والسلوكات التي صدرت عن الخليفة عمر بن الخطاب وعن بعض أصحابه، حيث كانت من أكبر البراهين على أثر الإسلام على الأشخاص الذين اعتنقوه، من حيث إحداث التغيير بشكل أساسي في الخُلق والسلوك وتوجيههما نحو المثالية والكمال الذي تطمح إلى بلوغه جميع الأمم والمُصلحين، كما أنّ قادة الروم والفرس رأوا أنّ أمّة تعتنق مثل هذا الدين لا يمكن أن تغلب أو يتم مقاومتها.

إلّا أنّ مقاومتهم قد انهارت رغم وجود فرق كبير في عددهم وعدّتهم وخيرتهم بين المسلمين وبين الأعداء، في أحداث فتح مدينة القدس نلمس بعض السلوكات والمواقف الإنسانية منها، أنّ القادة المسلمين كانوا يثقون بقيادتهم وطلبهم بصورة دائمة لتوجيهاتها، مثلاً أبو عبيدة بعد أن انتصر في معركة اليرموك وفتح مدينة دمشق، أرسل عرفجة بن ناصع النخعي ليطلب التوجيه من الخليفة عمر بن الخطاب في المدينة، فيأمر الخليفة قائده المظفر وصديقه الحميم بأن يتوجه بالمسلمين إلى القدس.

يعد ذلك وجه القائد أبو عبيدة جيشه إلى القدس على شكل كتائب يقود كل منها أحد القادة، مثل خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، تشمل كل منها خمسة آلاف جندي حيث كان يفصل بينها وبين الكتيبة الأخرى مسيرة يوم واحد، كذلك جيش عمرو بن العاص الذي سبقهم إليها وإلى ضعفة الناس والنساء الذين سار بهم أبو عبيدة على مهل رفقاً بهم.

النجاحات العسكرية لعمر بن الخطاب:

تميل النجاحات العسكرية في عهد عمر بن الخطاب إلى أن تظل النقطة المحورية في معظم التواريخ المكتوبة عنه، لكن مهاراته الإدارية تطغى بسهولة على الإنجازات التي تحققت في هذا المجال، من أهم سمات سياسة عمر هي عرض شروط متساهلة على الأشخاص الذين تم غزوهم حديثاً، بما في ذلك الحرية الدينية على الرغم من أنهم كانوا سيدفعون ضريبة خاصة تسمى الجزية، تمّ حظر شراء الأراضي في الأراضي المكتسبة حديثاً.

أيضاً تمّ إيواء القوات بشكل منفصل عن السكان المحليين في مدن الحامية، كما تمّ إدخال معاشات التقاعد وقوة الشرطة والمحاكم والبدلات لتسهيل الناس، كما تمّ إنشاء خزانة دائمة للدولة تسمّى بيت المال، تم إنشاء نظام قضائي لا هوادة فيه على أساس معايير العدالة العليا، إلى الأشخاص الذين خضعوا لحكمه من خلال الغزو.

كما قدّم شروط متساهلة وضرائب منخفضة وحماية كاملة من الحكام أو القوات المسيئة والاستقلال الديني؛ نظراً لأنّ غير المسلمين معفيون من دفع الزكاة أو الخدمة العسكرية، التي كانت إلزامية على جميع المسلمين الأصحاء.

فقد خضعوا لضريبة منفصلة الجزية، يُشار إليهم باسم الذمِّي (الأشخاص المحميون)، كما منع عمر الخلافات القبلية للعرب المتعصبين من الظهور من خلال حكمه الصارم، لن يكون خلفاؤه ناجحين مثله في القيام بذلك، بدلاً من توزيع الأراضي التي تم احتلالها بين القوات، كما كان متوقع من أحد شيوخ الصحراء، قدّم عمر بن الخطاب معاشات تقاعدية لرجاله، كما سمح لأصحاب الأراضي بالاحتفاظ بممتلكاتهم.

قام عمر بن الخطاب بحماية الشعب المحتل حديثاً من التحرُّش بالجنود المارين من خلال بناء مدن حامية لإيواء الجيوش، منفصلة عن السكان المحليين، من الأمثلة على هذه المدن الفسطاط في مصر والكوفة والبصرة في العراق، تناول العديد من القضايا الخطيرة مثل الدمار الذي أحدثه الطاعون في سوريا، بعد ذلك تم إرسال معاوية كحاكم جديد بعد وفاة أبو عبيدة، كما قام بتوزيع الطعام على السكان المحليين خلال مجاعة في شبه الجزيرة العربية، ممّا أدّى إلى إنقاذ حياة عدد لا يحصى من الناس.

لم يقتصر الأمر على تقديم قضاة وهيئات محلفين للتعامل مع القضايا المحلية، بل قدّم أيضاً محاكم خاصة لمحاسبة المسؤولين عن إساءة استخدام السلطة، تمّ إدخال قوة شرطة للحفاظ على الانضباط في المدن، بدلاً من تسليم مثل هذا الواجب الحساس إلى الجيوش، لتمويل هذه المؤسسات وإعالة الناس أُنشئت خزينة دائمة للدولة، إنّ حب عمر بن الخطاب للعدالة يفوق كل سماته الأخرى، سواء في تحديد مدى فعالية حكمه أو شهرته بعد وفاته.

الموت والإرث:

في عام 634 ميلادي أثناء أداء الصلاة في الجماعة، تعرّض عمر للطعن مراراً وتكراراً على ظهره من قبل عبد فارسي يدعى لؤلؤة المجوسي، يقول البعض أنّ العبد كان لديه بعض الحقد الشخصي ضد الخليفة، بينما يزعم المؤرخون البارزون الآخرون أنّه كان عمل انتقامي للهزيمة الفارسية في إحدى المعارك لإخوته، حيث أصيب الرجل بالخزي بسبب فقدانه له، فقرّر أن ينتقم لإخوانه الذين سقطوا في الميدان.

كان عمر شخص عملي وأدرك أنّ جروحه كانت قاتلة عندما نُقل إلى منزله، ولدى سؤاله عن مهاجمه أعرب عن ارتياحه لعلمه أنّه لم يقتل على يد إخوته المسلمين، ثم عيّن لجنة مؤلفة من ستة أعضاء تتألف من رجال قادرين لانتخاب خليفة جديد، أعلن عمر صدقه في الأمر وقال إنّه لم يختر ابنه أو أحد أقاربه، بعد وفاة عمر تمّ اختيار عثمان بن عفان خليفةً له، توفي الخليفة تارك وراءه إرث دائم استمر لقرون بعد وفاته، دُفن بالقرب من قبر النبي في جزء من المسجد النبوي بالمدينة المنورة.

في عهد عمر بن الخطاب الناجح الذي دام عشر سنوات لم يحكم عمر بشكل فعّال فحسب، بل تمكن أيضاً من الاستيلاء على كل السيادة الساسانية وجزء كبير من أرض القياصرة السابقة، هذه المكاسب العسكرية التي كانت مقدمة لما سيأتي، ستستمر في جلب الكثير من العائدات للإمبراطورية والتي ستستخدم في الوقت المناسب لتمويل المشاريع الكبرى، مثل المسجد الأقصى الذي أرسى أساساته من قبله في القدس.

المصدر: الخلفاء الراشدون، أمين القضاةالخلفاء الراشدون، حسن أيوبالخلفاء الراشدون، عبد الوهاب النجارتاريخ الخلفاء الراشدين، د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: