كيف أصبح ممثل كوميدي

اقرأ في هذا المقال


الكوميديا

هو فَنّ يتطلّع بشكل رئيسيّ إلى إثارة الضحك وتقديم المُتعة والتسلية. وذلك بطريقة تمثيليّة هزليّة أو ساخرة. وهو فنّ يُؤدّي رسالة مغزاها مُحاكاة واقع المجتمع بطريقة تعكس أخطاءه وحماقاته. وذلك على أمل بتقديم طُرُق لإصلاحها.
وبدأت الكوميديا منذ القرن 4 قبل الميلاد في اليونان، تحديداً في عهد أرسطو، حيث أنّ أَصْل كلمة كوميديا عائد إلى الكلمة اليونانيّة “الكَشْف”. ووُجِدت لتصحيح المواضيع الخاطئة، المُرتبِطة بالحياة الاجتماعيّة والحياة الشخصيّة للبشر، فهي تُعتبَرُ نوعاً من الأدبِ الهزلي.
ومن الجدير بالذكرأيضاً أنّ الشخص الكوميدي، تكون لديه المقدرة على ملاحظة المواضيع المُثيرة للسخرية، بالإضافة إلى طَرْحها بطريقة ذكيّة مُثيرة.

كيف تصبح كوميدي

كتابة النكت

يجب على الكوميدي ألّا يكتفي بسَرْد النُّكت التي يعرفها، بل عليه أن يبدأ بكتابة النُّكت الخاصّة به. ويمكنه الحصول على إلهام لصياغة نكتة ما بالاطِّلاع على الأحداث الواقعيّة في البلد، أو عن طريق الملاحظة المُستمِرّة للأحداث، التي تجري خلال اليوم العادي. ولكتابة نكتة جيّدة، لا بُدّ من معرفة الهيكل الأساسيّ للنكتة وصياغتها بطريقة صحيحة.

البدء بمقدمة قوية ولافته

دائمًا ما تكون النكتة هي بمثابة الحيلة التي تجذب المستمع إلى مكان ما، من ثم تنقله كلياً إلى مكان آخر مفاجئ ومضحك، لذلك الخطوة الأولى هي أن تصنع الفخ، تلك هي الفرضية الأولويّة التي تلفت لك الأنظار خبر المستمعين بما يحتاجون لمعرفته من المعلومات الأولية التي تمهد لهم فهم النكتة.
ويجب أن تكون المقدمة دائماً واضحة ومختصرة ومباشرة. ويجب أن تبني المقدمة للنكتة بأسلوب مباشر ومفهوم، حيث أنك لن تستفيد أي شيء من تشتيت ذهن المستمع بالكثير من المعلومات التي يصعب متابعتها.

التمرن على طريقة إلقاء النكت

“التوقيت” هوعبارة عن كلمة السر وراء النجاح في إلقائك للنكتة بطريقة صحيحة؛ لذلك يجب عليك المعرفة بوضوح متى يكون الوقت المناسب لإلقاء قنبلتك المضحكة. ومتى يجب عليك التمهّل والاستمرار في تمهيد السرد وصولاً إلى لحظة الذروة.
ويجب أن يكون هناك “وقفة” قبل قول “الجملة المضحكة” من النكتة. وهو ما يتيح تزايد التوتر والترقب من قِبل الجمهور. وتأكد من منح الجمهور الفرصة للانتهاء من الضحك، قبل الانتقال إلى النكتة التالية. قد يتسبب التسرع في سرد النُكت في منع الجمهور عن الضحك وهو خلاف ما تهدف إليه لا شك.
وقام الكوميديان العالمي “كوني كارسون” باتباع طريقة إلقاء مميزة للنُكت الخاصة به. وهي أنه يضع “ظرفًا مُغلقًا” على جبينه يحوي سؤالاً ما، يقوم في البداية بقول الإجابة ومن ثم يقوم ببطء شديد بفتح الظرف، على صوت دق الطبو، وهو ما يخلق حالة من الترقب والحماس بين الجمهور، بانتظار اكتشاف السؤال المخفي (الجملة المضحكة في هذه الحالة).

الاعتمد على جمل افتتاحية مميزة

تحتاج عادة مع كل نكتة أو عرض كوميدي إلى الاعتماد على جملة افتتاحية، تقدر من خلالها على جذب انتباه المستمعين وجعلهم على أشد الاستعداد للضحك. ويفترض أن تكون جملة بسيطة تمرنت عليها بالقدر الكافي، تساعدك على تقديم نفسك وأسلوبك الكوميدي المنتظر استمراره في بقية العرض.
ومن المفضل دائمًا أن تلقي تعليقاً موجهاً للجمهور، خاصة إذا كنت قد قدمت إليهم من مدينة أو بلد مختلفة، اسخر بذكاء وخفة ظل من واحدة من الظواهر الشائعة في تلك المدينة.
وتجنَّب نهائياً أن تحمل جملتك الافتتاحية أي نوع من السخرية اللاذعة المهينة، فأنت تهدف إلى نيل محبة وتقدير الجمهور وليس التسبب في إثارة إزعاجهم.

التمرن على العرض

تأكد من إتقانك التّام لإلقاء عرضك الكوميدي. وواصل التمرّن مرة بعد مرة إلى أن تقدر على قوله غيباً بدون تفكير أو أية أخطاء. وقم بأداء العرض من وقت لآخر أمام المرآة وأصدقائك المقرّبين؛ لكي تكتشف بنفسك الأجزاء الجيّدة المضحكة والأجزاء الأخرى، التي تستدعي للمزيد من التنقيح والحذف. واستمر في التحرير وأعد ترتيب الفقرات، إلى أن تشعر بالرضا الكامل والثقة الشديدة تجاه ما وصلت إليه.

الصعود الى المسرح

توقع وتقبل حقيقة أنك سوف تشعر بالتوتر والقلق في المرات الأولى، التي تظهر فيها على المسرح لأداء عرضك الكوميدي. ولا يوجد ما يُعيبك إذا كانت عروضك الأولى بالغة السوء. ولا مشكلة من الخوف من الفشل، فالنسبة الأكبر أنك ستفشل أكثر من مرة بالفعل.

والأهم هو ألا تتوقف عن المحاولة. اذهب إلى كل حفلة “مايك مفتوح” وأعلن عن حضورك، محاولًا التمرن على تلك المواقف. وهو ما يضمن لك بمرور الوقت، أن تتغلب على الخوف من الصعود على المسرح. ويمكنك بعد ذلك أن تجعل كل تركيزك منصبّاً على تقديم محتوى كوميدي رائع.
والطريقة الأمثل لتعلم كيفية الحضور الجيد على المسرح، هي أن تتمرن أكثر من مرة على الوقوف أمام الجمهور. وتذكّر دائماً أنَّ كل عظماء الكوميديا واجهتهم لحظات عصيبة في مرات ظهورهم الأولى على المسرح، حيث يقول فنان الكوميديا العالم “جيري سينفيليد” وهو يتذكر المرة الأولى لصعوده على المسرح: “لقد وقفت هناك لمدة ثلاثين ثانية، دون أن أقول تقريبًا أي شيء، فقط كنت خائفًا ومرعوبًا.”

التواصل الجيد مع الجمهور

يجب أن يكون ما تقوله وثيق الصلة بما يهم ويشغل بال الجمهور. ويجب أن يقدر الجمهور على فهم دعابتك والوصول إلى المغزى من ورائها. تحدث إليهم دائماً بما يناسبهم ويهمهم، تعامل مع إلقائك للنُكت على أنه بمثابة المحادثة المتفاعلة مع الجمهور، وليس كعرض فنّي منعزل بنفسه وبأداء فردي متمركز فقط حول شخصك.
كُن هادئ، فلن تقدر على التواصل الجيد مع الجمهور إذا كنت تشعر بالتوتر والقلق. وتحدث مع الجمهور بحميمية. وليس من منطلق أنك تقف على المسرح متغطرساً وتُلقي عليهم خطبتك، التي لا يجب أن يتم مقاطعتها أبداً.

التفاعل مع الجمهور

اجعل الجمهور المتواجد لمشاهدة العرض جزءاً أساسياً منه. وهو ما يساعدك على دعم التواصل بينك وبين الجمهور وبالتالي القدرة أكثر على انتزاع ضحكاتهم. وتحدَّث إلى بعض الحاضرين من وقت لآخر وأثناء الانتقال من نكتة إلى أخرى.
قام الممثل العالمي “روبن ويليامز” بتقديم العروض الكوميدية لفترة طويلة من حياته. ويمكن اعتباره ملك التواصل مع الجمهور في العالم. وتميز كلاً من “محمد صبحي” و”سمير غانم” بعادة النزول من المسرح، أو التعليق والتفاعل مع الحضور وجعلهم جزء أساسي من المشاهد.
فكّر في التحدث مع الجمهور وإلقاء تعليقات عفوية إذا فاجئتك ضحكة غريبة من الحضور على واحدة من النُكت، كما يمكنك أن تجهز مشاهد يشاركك بها الحضور كمكوّن أساسي في العرض.

العمل على بناء الحضور المسرحي

قد تحتاج إلى سنين من العروض والتمثيل؛ لكي تصل إلى شخصيتك المسرحية وأسلوبك الخاص المميز. والمقصود من هذا المصطلح، الإشارة إلى نبرتك الخاصة أثناء سرد النُكتة وطريقة مفاجئة الجمهور وانتزاع ضحكاتهم. 
ولا يتم بناء الكاريزما والحضور بين ليلة وأخرى، لكنها في النهاية جزء أصيل من شخصيتك الحقيقية وطريقة تفاعلك وأدائك في العروض الترفيهية الكوميدية.
ويمكنك مراقبة الفرق بين حضور “محمد هنيدي” و”عادل إمام” على المسرح مثلاً، فلكل منهم طريقته المميزة وأسلوبه في الأداء، أو يمكنك المقارنة حديثًا بين أساليب الأداء المختلفة لنجوم “مسرح مصر”. وتأكد بأنّ حضورك المسرحي “الشخصية المسرحية”، هي بالتحديد ما تجذب الجمهور وتجعلهم مقبلين على دفع الأموال لمشاهدتك.


شارك المقالة: