الدراما
عند الحديث عن الدراما، يتبادرُ إلى الذهن ما تعرضُهُ أجهزة التلفاز من أفلامٍ ومسلسلات، وتعريف الدراما شاملٌ لجوانبَ عدّة، ففي معجم المعاني تُعرّف على أنّها: حكايةٌ تعرض جانبًا من جوانب الحياة الإنسانية، ويعرضها مُمثّلون يرتدون أزياء مناسبة للدور الذي يؤدُّونهُ في العمل الدرامي.
ويُقلّدون الأقوال والأفعال، وفي القاموس المحيط عُرّفت بأنَّها تأليفٌ نثريٌّ أو شعريٌّ يصنع حوارًا أو قصة لعرض جانبٍ من الحياة الإنسانية، وغالبًا يكون هذا العرض مُصمَّمًا للعرض على الشاشة أو على خشبة المسرح، وتختلف أنواع الدراما باختلاف القضية التي يُعالجها العمل الدرامي، والدراما من أنواع النُّصوص الأدبية التي تُعرض في الإذاعة أو التلفاز، وهي كلمة إغريقية تعني العمل، وفي هذا المقال سيتم ذكر أنواع الدراما.
أنواع الدراما
تختلف أنواع الدراما باختلاف القضية التي تعرضها واختلاف بناء العمل الدرامي فيها، وقد تختلف تقسيمات أنواع الدراما بحسب شمولية كلِّ نوع، وقد جاء هذا التَّنوّع منذ القدم، منذُ أن كانت الدراما في زمن روما القديمة.
حيث كانت على شكل أدب يُقرأ ويُعرض على المسرح، وكان الأداء الدرامي في ذلك الوقت ارتجاليًّا لا يعتمد على أيَّة نصوص، لكنَّه كان يُركّز على التفاعل الإنساني، ويكون مصحوبًا في معظم الأحيان بالغناء والموسيقى، وفي زمن الإغريق تميَّزت أنواع الدراما الرئيسية بثلاثة أنواع، ثم أُضيفت إليها أنواع أخرى عُدّت من أنواع الدراما الرئيسية، والتي تتفرَّع منها الأنواع الأخرى، وهي كما يأتي:
- دراما الملهاة أو الكوميديا: في هذا النوع من أنواع الدراما، يعتمد الممثلون على الأداء التمثيلي الذي يُسبّب الضحك، كما يعتمد النص الدرامي على إضحاك الآخرين، ويُتّخذ القناع الأبيض الضاحك رمزًا لهذا النوع.
- دراما المأساة أو التراجيديا: هذا النوع من أنواع الدراما عكس دراما الملهاة أو الكوميديا، وهو أداءٌ تمثيليٌّ دراميٌّ يُسبّب الحزن، ويُتخذ القناع الأسود الباكي رمزًا لهذا النوع.
- داراما التراجيكوميدي: هذا النوع من أنواع الدراما يمزج ما بين الكوميديا والتراجيديا، ويعتمد على قصص الأساطير، كما يتناول قصص الشخصيات الأسطورية التي تمزج ما بين السخرية والبكاء، وفي كثيرٍ من الأحيان يضم هذا النوع الكوميديا السوداء التي تعرض التراجيديا بقالب من السخرية.
- الميلودراما: هذا النوع من أنواع الدراما يُعدّ من الدراما الخفيفة الشاملة للعديد من الأنواع الفرعية من الدراما، وهي الدراما التي تعرض الأفلام البوليسية وأفلام الرّعب والأفلام الرومانسية، وهو النوع المنتشر بشكلٍ واسع.
- موندراما: هذا النوع من الدراما يكون على شكل فيلم أو مشهد أو مسرحية يؤدّيه مُمثّل واحد فقط، ومن أشهر الأمثلة عليهِ قصة العجوز والبحر التي عُرضت في السينما.
تاريخ الدراما
الدراما من الفنون القديمة جدًا التي وُجدت بشكلٍ فطري منذ زمن روما القديمة، وتطوَّرت بشكلٍ ملحوظ في زمن الإغريق، حتى أن أرسطو كان قد حدّد عناصر البناء الدرامي في كتابه الذي ألَّفه حول الدراما، وهو كتاب “الخطابة والشعر” الذي ألفه في عام 335 قبل الميلاد، حيث بدأت الدراما بشكلها المعروف من خلال المسرحيات التي كانت تُعرض على المسارح الإغريقية والرومانية.
وهذا دليلٌ على أنّ الدراما من أقدم الفنون التي مارسها الناس، وتطوَّرت بشكلٍ مُتدرج حتى وصلت اليوم بشكلها المعروف بأنواعٍ متعدّدة، ويوجد العديد من الأعمال الدرامية الإغريقية القديمة المعروفة.
عناصر البناء الدرامي
الدراما بجميع أنواعها تُشكّل بناءً دراميًّا متكاملًا وشاملًا، ولذلك لا بدّ من وجود عناصر لكلِّ بناء دراميّ يُبنى عليها هذا العمل، وقد تحدَّدت عناصر البناء الدرامي منذُ القدم من قبل الفيلسوف أرسطو التي حدَّدها بستة عناصر وهي: المنظر المسرحي، واللُّغة، والغناء، والفكرة، والحبكة، والشَّخصية.
ولكلِّ عنصرٍ من هذه العناصر أهميةٌ مُختلفةٌ عن العناصر الأخرى، حيث رتَّبها أرسطو بحسب سيطرة العنصر على البناء الدرامي، واعتبر أنَّ الحبكة هي أهمّ عنصر؛ لأنّ جوهر العمل يُبنى عليها، ولهذا فهي بمكانة الروح من الجسد، ووصفها أرسطو بأنها ترتيب الأحداث، بشرط أن تعرض حدثاً واحدًا تامًا، ويكون له بداية ووسط ونهاية.
ويمكن أن تكون هذه الحبكة بسيطة أو مُعقدة وذلك بحسب طبيعة العمل الدرامي، أمَّا المادة التي تعتمد عليها الحبكة فهي الشخصية المحترفة، وأمّا اللغة فيجب أن يتم صياغتها بكلِّ وضوحٍ.
يؤكّد أرسطو أيضًا أنّ الغناء بوصفه أحدَ عناصر البناء الدرامي يُعدّ ذا أهمية كبيرة، ويُضفي على المَشاهد الدرامية بُعدًا جديدًا، وأنّ مَهمته هي تهيئة المُشاهد للأحداث، كما اعتبر أرسطو أنَّ المنظر المسرحي هو أقلُّ عناصر البناء الدرامي أهمية.
ويمكن تنفيذ المشهد التمثيلي بالاستغناء عنهُ أو تجاوزه بإمكانيات عادية دون الاعتناء به بشكلٍ كبير، مع ضرورة الانتباه إلى ثلاث وحدات رئيسة ومهمّة وهي: وحدة المكان ووحدة الزمان ووحدة الموضوع، وووجود تناسق بين هذه الوحدات مع الحفاظ على تسلسلها ومنطقيتها أثناء العرض؛ وذلك لتجنيب تعرض المُشاهد للتَّشتت والضياع أثناء متابعته للعرض الدرامي، وكي يظلّ مشدودًا للأحداث بشغف وانتباه.
الدراما العربية
تزخر الدراما العربية بمختلف أنواع الدراما المعروفة، وبهذا فهي جزءٌ مُهمٌّ من الدراما العالمية، ولها حضور واضح على الساحة العالمية، وتعكس بشكلٍ رئيس ثقافة المجتمع العربي وما يتعلَّق به من أفكار، بالإضافة إلى عاداته وتقاليده، ويُعرف عن الدراما العربية بأنَّها تتَّصف بالإنتاج الغزير قي شهر رمضان المبارك، إذ أصبح رمضان بمثابة الزمن المثالي لتسويق الدراما العربية بمختلف أنواعها.
وممَّا يجدر ذكره أنَّ الدراما قد تلعب في كثير من الأحيان دورًا سلبيًا في المجتمع وتؤثر عليه بشكلٍ غير مقبول، وهذا يحدَّده نوع الدراما المُنتجة وما تحمله من أفكار مُوجّهة للمجتمع، خصوصًا أنَّ الأعمال الدرامية التوعوية والدينية قليلة جدًا مقارنة بالأعمال الدرامية الاجتماعية والكوميدية والتي يحمل بعضها ترويجًا لأفكار خارجة عن المجتمع العربي، وهذا يُضاعف المسؤولية على الدراما العربية لتركز رسالتها التوعوية للمجتمع العربي.