عند التحدث عن العمارة الإسلامية في ليبيا من المفيد دائماً توجيه الانتباه صوب المشرق وصوب المغرب، إذ كثيراً ما تتوافر عناصر للمقارنة بمعنى أن هناك أوجه شبه وتباين، ففي المشرق الإسلامي مثلاً يعثر المرء على أنماط عديدة من القلاع التي هي مجرد سرداقات للصيد مجهزة بالمنافع اللازمة، أمر بعض الخلفاء تشييدها على جوانب الصحراء، حيث نجد أن هذه الإنشاءات دوماً تحتوي على الفناء المركزي الذي تفتح عليه جميع عناصر العمارة.
خصائص القلاع الليبية
إن القلاع الليبية عبارة عن عمارات ضخمة جداً تكون في العادة مستطيلة أو مربعة الشكل، فيها تعاريج ولها أحياناً أبراج ركنية، وتبنى هذه القلاع من الحجارة الملتحمة بالوحل وتكون في الأحيان مكسوة بطبقة من الملاط.
ويستند إلى الوجه الداخلي من جدرانها المحيطة العديد من الحجرات الصغيرة على طابقين أو ثلاثة طوابق مع إمكانية الوصول إلى السطوح عبر سلالم خشبية خشنة، وتتوسط القلعة ساحة للتجمع وعلى جانب أو أكثر من جوانبها توجد اسطبلات ومخازن ومرافق مختلفة أخرى، إن عمارات مماثلة يكون العثور عليها في المناطق الجنوبية من البلاد في مدينة مرزق وبراك ودرج الواقعة على حافة الصحراء، وكثيراً ما يلاحظ المرء تأثير تقنية إنشائها بهذا القرب.
وصف القلاع الليبية
في ليبيا كانت تقام القلعة عادة على مرتفع (قارة) وكانت تشكل في الغالب النواة التي نشأت ونمت القرية حولها تدريجياً، وبفضل الرحالة والبحارة اشتهر في القرون الغابرة ما كان يدعى بقلعة طرابلس الغرب، ولكن لم تتوفر عنها المعلومات لأن المبنى الحالي لم يحتفظ بشيء يرجع عهده إلى ما قبل الحكم الإسباني، وقد تأكد الباحثون أن قلعة طرابلس المحتمل تأسيسها على أيدي الرومان والمعاد تحصينها من قبل العرب، وقد دمرها الإسبان في النهاية وأعادوا بناءها مع فرسان مالطا.
ولما احتلها الأتراك في القرن السادس عشر للميلاد أدخلوا عليها تغييرات جديدة أخرى، من بينها أحداث مسجد ذي قبيبات نقل تصميماً مختصراً له، وإن موقع المحراب في المسجد يدل أن الغرض الذي أنشأ المسجد من أجله أصلاً كان مخالفاً، ففي واقع الأمر لم يكن قبل الاحتلال العثماني سوى كنيسة القديس ليوناردو التي كان قد شيدها فرسان مالطا هناك.