مدينة بخارى في أوزبكستان ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Bukhara City” وتعتبر واحدة من أقدم المدن في أوزبكستان والتي تقع على تلٍ مقدس، وهو المكان الذي قدم فيه عبدة النار القرابين في فصل الربيع، حيث ورد ذكر المدينة في كتابٍ مقدس، كما كانت ذات يوم مركزاً تعليمياً مشهوراً في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

تاريخ مدينة بخارى

تم تأسيس مدينة بخارى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد في عهد السيافوشيد، الذي تولى السلطة 980 سنة قبل الإسكندر الأكبر، حيث نشأ اسم بخارى من كلمة “vihara” التي تعني “دير” باللغة السنسكريتية، وكانت المدينة ذات يوم مركزاً تجارياً كبيراً على طريق الحرير العظيم، وكانت العاصمة لسلالة السمانيد في القرنين التاسع والعاشر، وتعتبر المثال الأكثر إكتمالاً لمدينةٍ من العصور الوسطى في آسيا الوسطى.

في نهاية القرن التاسع، أصبحت بخارى واحدة من أهم المراكز الإسلامية والثقافية في آسيا الوسطى لعدة قرون، ويأتي إليها الكثير من المسافرين والحجاج والخطباء والباحثين، فهي تعتبر مستودعاً للمعرفة العلمية والدينية والفلسفية، وقد عاش ودرس فيها شخصياتٍ دينية وشخصيات تقدمية في عصرهم؛ كأليشر نافوي وأبو علي بن سينو (إبن سينا) والبخاري وغيرهم الكثير الذين أصبحوا ملكاً حقيقياً للمدينة.

وبعد الاستيلاء على الإسكندر الأكبر، تشكلت فيها الدولة اليونانية البكتيرية، ثم تشكلت دول أخرى مثل كوشان وإمبراطورية هفتاليين وخاقانات الترك، والخلافة العربية ودول السامانيين والكاراخانيين، وكارا خيتيس والخوارزمه، وفي القرن الثالث عشر، حدث الغزو المغولي، حيث تقول الأسطورة أنه بعد غزو بخارى، ركب جنكيز خان مئذنته الرئيسية “بوي كاليان”، لإلقاء نظرة على البرج، ورفع رأسه وخلع خوذة المعركة عن رأسه وانحنى الفاتح عليها، ثم ابتسم ابتسامة عريضة وقال: “لقد غزت بخارى لكنني انحنيت أمام مئذنتها”، وأمر بعدم تدمير المئذنة.

وفي عهد تيمور والتيموريين، ازدهرت مدينة بخارى، وأصبحت المدينة في هذا العهد حديقة الفردوس، ومن القرن السادس عشر إلى بداية القرن العشرين، كانت بخارى عاصمة بخارى خانات، وحكمت فيها سلالاتٍ شهيرة مثل؛ الشيبانيين والأشتارخانيين، وفي هذا الوقت، وصلت المدينة إلى أقصى درجات التطور؛ حيث تطورت فيها المعرفة العلمية والحياة الثقافية.

واكتسبت المدينة مظهرها الحديث، وتم بناء مجموعات ومجمعات معمارية كبيرة فيها، حيث حافظت بخارى على قدرٍ كبير من تخطيطها الحضري الذي يعود تاريخه إلى العصر الشيباني، وتم تشييد المباني الحديثة في المركز التاريخي على مدى نصف القرن الماضي والتي دمرت مظهر بعض الأحياء، ولكن في مناطقٍ أخرى، نجت المدينة من العصور الوسطى، ومع ذلك، فإن نسبة المباني القديمة ولا سيما المباني العامة والدينية، لا تزال مرتفعة ولا شك أن المركز التاريخي له أهمية بارزة كمثالٍ إستثنائي لمدينة إسلامية من القرون الوسطى إلى حدٍ كبير في آسيا الوسطى.

المعالم الأثرية في مدينة بخارى

تعتبر مدينة بخارى إحدى الأماكن التاريخية المهمة في أوزبكستان، حيث تم الحفاظ على عددٍ كبير من المساجد والأضرحة والمدارس الدينية، التي يعود بعضها إلى القرن التاسع عشر، كما تتم إدارة آثار التراث الثقافي في بخارى من قبل وزارة الثقافة والرياضة في جمهورية أوزبكستان على المستوى الوطني والتفتيش الإقليمي، لحماية واستخدام آثار التراث الثقافي والسلطات المحلية على المستوى الإقليمي.

1. مئذنة كاليان

تم تخصيص مئذنة كاليان لاستدعاء المسلمين للصلاة خمس مرات في اليوم، وعادةً، كان لكل مسجد مئذنته الخاصة، لكن المئذنة الرئيسية كانت تقع بالقرب من مسجد جمعة، حيث المودزين يدعو المؤمنين من أعلى الرواق للصلاة بأعلى صوته.

2. خوجة جاكوشون

وهي واحدة من أكبر مجموعات المدينة، والتي تضم مسجداً ومئذنة ومدرسة، وفي الماضي، كانت جاكوشون عبارةً عن ساحة للتجارة الكبيرة في بخارى، وحصلت على اسمها بسبب المسلخ الذي كان موجوداً في هذا الموقع، لأن جاكوشون تُرجمت على أنها “قتل الثيران”.

3. مستطيل “Lyabi-Hauz”

وهو عبارةً عن مستطيل يبلغ ارتفاعه 36-46 متراً ويمتد من الشرق إلى الغرب، مدفوناً في ظل صخور شرقية مهيبة، تتشكل شواطئها مع صعود درج إلى الماء، مصنوعة من كتل ضخمة من الحجر الجيري الأصفر، وقديماً كان يوجد فيه “بازار الشاي”، حيث يتم بيع الحلويات والأطباق الشهية والخبز والطعام.

4. مدرسة “Nadir Divan-Begi”

وهي عبارة عن جزء من المجمع المعماري الواقع حول “Lyabi-Hauz” الشهير في بخارى، حيث سميت المدرسة والخانكة المجاورة على اسم الوزير نادر الذي شُيِّد بموجب ترتيبه، حيث خدم الوزير نادر في ساحة محكمة لأحد أقوى وأقوى الممثلين لسلالة “Ashtarhanid Imamkuli-khan” ، الذي حكم بخارى في 1611-1642م.

5. ضريح السامانيين

تم تشييد ضريح السامانيين كقبو عائلي بعد وفاة والد إسماعيل السماني مباشرةً، فيما بعد دفن فيها إسماعيل نفسه وحفيده حصر، والمثير للاهتمام أن نصب الخبايا كان مخالفاً للشريعة الإسلامية في ذلك الوقت، لأن الإسلام نهى عن إقامة أي آثار بعد الوفاة على قبور المؤمنين المسلمين.

6. بئر تشاشما أيوب

بئر تشاشما أيوب تعني مصدر القديس أيوب، حيث تقول الأسطورة أن نبي الكتاب المقدس أيوب، بعد أن زار مدينة بخارى، قرر مساعدة الناس الذين عانوا من نقص المياه في الصحراء، وضرب الأرض بعصاه، مما جعل مصدراً للمياه النقية الصافية ينبع في ذلك المكان.

7. مدرسة عبد العزيز خان

تم بناء مدرسة عبد العزيز خان في 1651- 1652م وهي آخر مدرسة كبيرة في بخارى، حيث تتكون من مبنى نموذجي من حيث التكوين، مع ساحةٍ من أربعة أيفان، بالإضافة إلى مروحة متباينة غير عادية ومباني القبة على المحور المركزي.

8. مدرسة ميري العربية

وتعتبر واحدة من أفضل المعالم السياحية في بخارى في القرن السادس عشر، حيث تتميز بالعمارة والديكور الميري العربي بأعلى ثقافة وذوق، لكنها تعرضت لدمارٍ كارثي، وفي الوقت الحاضر، تم ترميم البوابة والجناح الشمالي الكامل للواجهة الرئيسية، وتم تعزيز بناء القبة وأروقة الفناء.

9. مسجد “Magoki-Attori”

يقع هذا المسجد في وسط المدينة، ويعتبر مثالاً لمسجدٍ حضري في حي سكني، وقد تم بناء المسجد في موقع معبد قبل الإسلام، حيث كشفت الحفريات عن حقيقة أنه حتى في عهد السامانيين كان هناك مسجد من ستة أرصفة، ويبدو أنه كان يحتوي عبى قبة.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: