إنَّ ليومِ الجمعةِ عندَ المسلمينَ منَ المكانةِ العظيمةِ، وقدْ علَّمنا رسولُ اللهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ منَ الإيَّامِ المباركةِ وسنَّ فيهِ منَ السُّننِ ما يتسابقُ إليها المسلمونَ كالاغتسالِ والتَّطيُّبِ، كما كانَ لصلاةِ الجمعةِ الأجرَ الكبيرَ، وجعلَ الفضلَ الكبيرَ لكلِّ منْ يبكِّرُ إليها، ونيلهِ الثَّوابَ الأكبرَ منَ المتَّأخِّرِ، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ السَّعيِّ إلى صلاةِ الجمعة.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا آدمُ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عنِ الزُّهريِّ، عنْ أبي عبدِ اللهِ الأغرِّ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا كانَ يومُ الجمعةِ، وقفتِ الملائكةُ على بابِ المسجدِ يكتبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، ومثلُ المهجِّرِ كمثلِ الّذي يُهْدي بدَنَةً، ثمَّ كالّذي يُهدي بقرةً، ثمَّ كبشاً، ثمَّ دَجاجةً، ثمَّ بيضةً، فإذا خرجَ الإمامُ طَوَوْا صُحُفَهمْ ويستمعونَ الذّكرَ). رقمُ الحديث: 929)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الجمعةِ؛ بابُ الاستماعِ إلى الخطبةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ صخرٍ الدُّوسيُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منَ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- آدمُ: وهوَ أبو الحسنِ، آدمُ بنُ أبي إياسٍ عبدُ الرَّحمنِ العسقلانيُّ (132ـ220هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- ابنُ أبي ذئبٍ: وهوَ أبو الحارثِ، محمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ المغيرةِ القرشيُّ العامريُّ (80ـ158هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- الزُّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمَّدُ بنُ مسلمِ الزُّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ الثِّقاتِ المشهورينَ منَ التَّابعينَ.
- أبو عبدِ الله الأغرُّ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، سلمانُ الأغرُّ الأصبهانيُّ، وهوَ منَ التَّابعينَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديث.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى فضلِ السَّعيِّ والتَّبكيرِ إلى صلاةِ الجمعةِ وعدمِ التَّاخُّرِ إليها، وقدْ أخبرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ الملائكةَ يكتبونَ الأجرَ والثَّوابَ لمنْ كانَ منَ الأوائلِ في الوصولِ إلى المسجدِ لحضورِ صلاةِ الجمعةِ، ويضربُ لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ يصلُ أوَّلاً كالّذي يذبحُ بدنةً تقرباً للهِ، والبدنةُ هي النَّاقةُ أوِ الجملُ، ثمَّ الّذي يأتي بعدهُ كالّذي يذبحُ بقرةً ثمَّ التَّالي كالّذي يذبحُ شاةً ثمَّ دجاجةً ثمَّ بيضةً وهكذا، وفي هذا التَّرتيبِ دلالةُ على مستوياتِ الأجورِ ودرجاتها في التَّسابقِ لصلاةِ الجمعةِ، ثمَّ يذكرُ النَّبيُّ أنَّ الملائكةَ بعدَ تسجيلِ منْ سعى إلى الصَّلاةِ يجلسونَ للاستماعِ للذِّكرِ والخطبةِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- فضلُ صلاةِ الجمعةِ والسَّعيِّ إليها.
- تفاوتُ درجاتِ السَّعيِّ وأعلاها منْ يصلُ الأوَّلَ إلى الصلاةِ منْ يومِ الجمعة.