حكم قضاء الديون من أموال الزكاة

اقرأ في هذا المقال


الديون كمعاملات مالية:

الديون معاملات مالية يتعامل بها الكثير من الناس؛ بسبب حاجتهم للمال في توفير متطلّبات حياتهم، وتسيير أمورهم، وعلى المدين تسديد ما يترتب عليه من ديون في ذمته، كونها حقوقا للناس، لكن قد يتوفى المدين في بعض الأحيان قبل تسديده لما عليه من ديون، ولم يكن لديه من المال ما يسد هذه الديون بعد وفاته، فيقوم بعض الأغنياء بإخراج زكاة أموالهم، لتسديد ديون مثل هؤلاء، فما حكم قضاء ديون الناس من أموال الزكاة؟

الجهة المسؤولة عن قضاء ديون الغارمين:

إنّ الأصل في فقه المعاملات المالية الإسلامية، أن يقوم المدين بتسديد ما عليه من ديون بنفسه ومن أمواله، وإن توفي يجب تسديد ما في ذمته من ديون من أموال تركته قبل توزيعها على الورثة، إلّا إذا لم يكن للمتوفى أموال يتركها، فعلى الحاكم تسديد هذه الديون من بيت مال المسلمين، كما قال النبي _عليه الصلاة والسلام_ :”أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاءً لدينه فعلينا قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته” متّفق عليه.

لكن في هذه الأيام ليس من السهل تيسير أمور دفع ديون الغارمين من أموال بيت مال المسلمين، لذلك يلجأ البعض من أصحاب أموال الزكاة، إلى تسديد ديون الغارمين من زكاتهم.

حكم قضاء الديون من أموال الزكاة:

حكم قضاء ديون المتوفى من أموال الزكاة:

أجاز علماء الفقه المعاصرين تسديد ديون المتوفين من الغارمين، فالمدين وإن كان متوفى فهو من ضمن مصرف الغارمين الذين ذكرهم الله تعالى من بين مصارف الزكاة في القرآن الكريم: “وَٱلۡغَٰرِمِينَ” سورة التوبة آية 60، فهذا المصرف المذكور جاء شاملاً لأي مدين سواء كان ميتاً أو على قيد الحياة.

وقال بعض الفقهاء في هذه المسألة بما أنه ديون الغارم المتوفى لا يُرجى سدادها، فإنّ تسديد ديون المتوفى أولى من تسديد ديون الغارم الحي. وذكرت مجموعة من أقوال العلماء الذين تحدثوا في هذه المسألة جواز قضاء الدين من أموال الزكاة، وكانت أغلب هذه الأقوال تعود للشافعية والمالكية وبعض الحنابلة، وعلى الأغلب لا خلاف بين الفقهاء في هذه المسألة؛ لأنّ النصوص الشرعية التابعة لهذا الموضوع، تجيز سداد الديون التي لا يرجى سدادها من قبل المدين من أموال الزكاة، وخاصة إذا كان المدين متوفى.

حكم قضاء ديون الأبناء من أموال الزكاة:

يعود الحكم في هذه المسألة في البداية إلى حكم إعطاء الأقارب من أموال الزكاة، حيث أجاز الفقهاء إعطاء الأقارب الذين لا تجب نفقتهم على المزكي من أموال الزكاة إذا كانوا فقراء، أمّا الذين تجب نفقتهم على المزكي فلا يجوز إعطائهم من أموال الزكاة، لأن هذا يُسقط النفقة الواجبة على المزكي.

لكن إذا كان الابن متزوج وترتب في ذمته ديون غير قادر على سدادها، فيجوز تسديد هذه الديون من أموال الزكاة، باعتباره من الغارمين الذين يستحقون لأموال الزكاة، ولا أثر للقرابة أو وجوب النفقة في هذا الحكم.


شارك المقالة: