لقد كان للحديث النبويّ الشريف رجال داوموا البحث عنه وذادوا عن رسول الله بحياتهم، فقضوا مجمل أيامهم في البحث والتنقيح، فصُنّفت كتبٌ في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حملت إلى الأجيال من بعد من ألفوها وحتى يرث الله الأرض ومن عليها حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مؤكدين أهمية الحديث النّبويّ في ديننا وعقيدتنا، وأنّه لا يجوز الإكتفاء بالقرآن الكريم والإستغناء عن الحديث والسنّة، ومن أهم كتب الحديث عند علماء الحديث والأمة الإسلاميّة هو صحيح البخاريّ.
نبذة عن صحيح البخاريّ
كما ورد عند علماء الحديث والتراجم فإنّ صحيح الخاري هو مختصر لكتاب( الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه)، وهو مايطلق عليه بالجامع الصحيح، وهو للإمام أبي عبدالله ، محمد بن إسماعيل البخاريّ رحمه الله تعالى، المولود في بخارى سنة 194 للهجرة النّبويّة الشريفة، والمتوفى سنة256 للهجرة، وهو الإمام الحافظ التّقي النّقي، شهد له شيوخة وتلاميذه بالعلم والفقه، وشهد له شيخه إسحاق بن راهويه بالحديث، ولقّب في زمانه بأمير المؤمنين في الحديث، وهو شيخ إمامنا مسلم بن الحجّاج.
إنّ صحيح البخاريّ له المكانة الكبيرة عند أهل الحديث النّبوي الشريف، فهو أهم الكتب الّتي صنّفت في الحديث من القرن الثالث حتى عصرنا الحاضر، وقد عدّه العلماء من أصحِّ كتب الحديث ، وثاني كتاب بعد القرآن الكريم، لما كان لصاحبه الإمام البخاري من شروط في تصنيفه، وهي الشروط الأقوى بين المصنّفين في هذا العلم ،كما ساعدت مكانة إمامنا البخاري العلمية من إخراج هذا الكتاب بالمنزلة الكبيرة التي يحتلها صحيح البخاريّ بين كتب السُّنة للأئمة الآخرين.
سبب تصنيفه
أورد المؤرخون أنَّ سبب تصنيف إمامنا البخاريّ لكتابه الصحيح هو رؤيا رآها الإمام البخاري في النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيده مروحة، ففسَّر علماء التفسير هذه الرؤيا بأنّه يذود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويدافع عن حديثه، كما كان شيخ البخاري إسحاق بن راهويه يطلب من تلاميذه ومن بينهم البخاريّ أن يصنّفوا كتاباً في سنن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الصحيح، فكانت كل هذه الأسباب قد دعت البخاريّ رحمه الله إلى تأليف صحيحه.
منهج البخاري في الصحيح
لقد صنّف البخاريّ رحمه الله الصحيح في الأحاديث الصحيحة التي اشترط في قبولها اتصال السند للعدول الثقات، وبإثبات الالتقاء والمعاصرة لكل راوٍ بمن سمع منه وحدّث عنه، وقد أورد فيه أيضاً أحاديثا مكرّرة، للفائدة الفقهية من هذه الأحاديث بأبواب متعدّدة، وقد رتب الإمام البخاري كتابه الصحيح على الأبواب الفقهية، فيورد تحت الباب الأحاديث التي يستخرج منها فقه هذا الباب.
شروح الصحيح
لقد كان لصحيح البخاريّ شروحاً كثيرة من العلماء، وذلك لأهميته في الحديث الفقهيّ، ومن أهمّها:
1ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاريّ لابن حجر العسقلانيّ.
2ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري للإمام بدر الدين العينيّ.
وغيرها من الكتب التي شرحت صحيح إمامنا البخاري رحمه الله تعالى، وجزاه عنّا وعن أمَّة محمد صلّى الله عليه وسلّم خير الجزاء إلى يوم القيامة.