ماذا تعني الفتن في أشراط الساعة؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الفتن:

الفتنُ: وهي جمعُ فتنة، وأصل كلمة فتنة هي مأخوذ من قول العرب فتنت الذهب والفضة في النار أيّ إذا أحرَقتهما فيها لتمييزِ الرديء من الجيد منهما، وبالتالي فإن أصل الكلمة هو الإحراق بغرض التمييز والاختبار والامتحان لتخليصِ الشوائب، وتمييز الجيد من الرديء. ومن المعاني التي جاء ذكرها في كتاب الله هي ما يلي:

المعنى الأول:
الإحراق: وقد جاء في قوله تعالى:”يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ” الذاريات:13. أيّ بمعنى يحرقون. أيضاً قوله تعالى:”إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ” البروج:10. أيّ أحرقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود.
المعنى الثاني: الامتحان والاختبار. دلّ عليه قوله تعالى:”أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ” العنكبوت:2. أيّ أحسب الناس أن يتركوا دون اختبار وتمحيص في أموالهم وأنفسهم ليتميز صادق الإيمان عن غيره. ومنه قوله تعالى في حق المنافقين:”أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ” التوبة:126. معناه يختبرون بالدعاء إلى الجهاد فلا يستجيبون. ومنه قوله تعالى على لسان هاروت وماروت:”إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ” البقرة:102
المعنى الثالث: التخلص من الشوائب من خلال الابتلاء. وقد عليه قوله عليه الصلاة والسلام لموسى عليه السلام:” وفتناكَ فتونا” أي ابتليناك بالمحن والشدائد وأخلصناك لمقام الرسالة إخلاصاً. وهذا المعنى ما يسمى بالمعنى الأصلي ولوازمه.
أما من المعاني المجازية لكلمة الفتنة فهي:
المعنى الأول: الضلال والإثم والميل عن الحق: لذلك يُقال عن الشيطان فتان؛ لأنه يميلُ بالناسِ عن طريق الحق بخداعه وغروره وتزيينه المعاصي، والفاتنُ المضلُ عن الحق، ومنه قوله تعالى:“مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ” التوبة:49. أي أنكم لا تقدرون الميل عن الحق إلا من قدر الله سبحانه وتعالى له ذلك وكان من أهل الجحيم.
أما كون الفتنة بمعنى الإثم، فيدلُ عليه قوله تعالى على لسان المنافقين قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم:” وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي“التوبة:49. أيّ اسمح لي بعدم الخروج معك لقتال بني الأصفر، أيّ الروم حتى لا أضل بسبب بناتهم فأقعُ في الإثم.
المعنى الثاني: الكفرك ويدلُ على هذا المعنى قوله تعالى:” والفِتنةُ أشدّ من القَتل”. فالمقصود بالفتنةُ هنا هي الكفر.
المعنى الثالث: الجنون والميل عن اعتدال العقل: ومنه قوله تعالى: “بأيّكُمُ المَفتونُ”. أيّ المجنون الذي خرجَ عن طريق الصواب.
المعنى الرابع: الإعجاب بالشيء أو الوله الشديد وما يترتب عليه من فجور: فيُقال: افتتن الرجل بالمرأة إذا أعجب بها وتعلق بها تعلقاً عجيباً، ويُقال فتن النساء إذا أراد الفجور بهن.
المعنى الخامس: القتل واختلاف الناس في الآراء: ومنه قوله تعالى:”عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ“يونس:83. فالمرادُ بالفتن هنا ما يقع بين الصحابة من اختلافات يترتب عليها حروب وحصول قتل بينهم.

نظرة تحليلية لمعاني الفتنة:

يُلحظ من معاني كلمة فتنة أنّ أصلها اللغوي يُطلق على المحن والابتلاءات التي تُعرّض للناس بقصد اختبارهم، وهي بمعناها الأصلي تُرادف معنى الامتحان والاختبار، إلا أنها كثر استخدامها للدلالة على الاختبار بالمكروهِ، ثم كثر استخدامها للدلالة على الاختبار بالمكروهِ، ثم كثر استخدامها بمعنى الإثم والقتل والكفر والميل عن الحق.
يقول ابن الأعرابي:” الفتنةُ: الاختبار. والفتنةُ: المحنةُ. الفتنة: المال. الفتنة: الأولاد والفتنة: الكفر. والفتنة: اختلاف الناس بالآراء.
ويقول سعيد حوى: إنّ الفتنةُ في اصطلاح الشارع يُطلق عليها بأنها الصراعات الداخلية غير المبصرةِ بين المسلمين، كما تُطلق على نشر الآراء الشاذة، وتطلق على الاضطهاد الذي يُسلطه الكافرون أو الظالمونَ على المؤمنين، كما تُطلق على الفوضى وعلى الخوض فلا تُبين في المعارك السياسية والعصبيات والهجوم والتهجمِ بسببها، وتُطلق على ما يُفتن الإنسان في دينه من مال أو جاه أو خواطر باطنة أو اتجاهات باطلة ويدخل في اسم الفتنة التحريش بين الناس والتفريق بين المتحابين. وعليه يمكن أنّ يقال أن معنى الفتنة ما يعرض للناس من محن ومُمحصات من خارج الأمة أو داخلها، على مستوى الأفراد والجماعات والعصبيات سواء كانت الفتن متعلقةً بالشهوات أو الشُبهات بما يترتب عليه ضلال البعض وميلهم عن طريق الحق أو اختلاف قلوبهم وما ينتج عن ذلك من وقوع القتل بينهم أو وقوعهم في الإثم أو الضلال أو الخروج من دين الله إلى الكفر.
ونلاحظ من خلال تعريف الفتنة؛ أنه يختلف المراد بها حسب دلائل الحال، والسياق أو المناسبة التي سيق النص لأجلها، وهذا المعنى لا بد من ملاحظته خلال حديثنا عن الفتن.

المصدر: كتاب الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف محمد أحمد المبيض.كتاب المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف مصطفى العدوي.كتاب أشراط الساعة وأسرارها، تأليف محمد سلامة جبر- الطبعة الأولى.كتاب مختصر أشراط الساعة الصغرى والكبرى، إعداد عوض بن علي بن عبد الله- تقديم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.كتاب علامات الساعة، تأليف سعيد اللحام.


شارك المقالة: