ما هو رأي المذهب الحنبلي في الوقاع الموجب للكفارة؟

اقرأ في هذا المقال


ما هي الكفارة:

الكفارة: وهي مشددة ما يستغفر به الإثم من صدقةٍ وصوم وتكفيرٍ عن يمين وما شابه ذلك، أيّ أعطى الكفارة.
فقال صديق خان: الكفارة، تأتي من الكفر وهو بمعنى الستر؛ لأنها الكفر يستر العيوب وتستر الذنب، ومنه الكفار، لأنه يستر الحق، ويُسمّى الليلُ كافراً؛ وذلك لأنه يستر الأشياء عن العيوب، ومنه من قال للزُراع كافر؛ لأنه يغطي البذر، ويُسمّى السحاب الذي يستر الشمس كافراً، وتكفر الرجل بالسلاح إذا تستر به.
وقال الراغب: الكفارة ما يعطي الحانث في اليمين، واستعمل في كفارة القتل والظهار، وهي من التكفير وهو ستر الفعل وتغطيته فيصير بمنزلة من لم يعمل، قال ويصحُ أن يكون أصله إزالة الكفر نحو التمريض في إزالة المرض.

رأي الحنابلة في ضابط الوقاع الموجب للكفارة:

إنَّ ما جاء عند الحنابلة في ضابطِ الوقاع الموجب للكفارة، وتجب الكفارة على من جامع في نهار رمضان في فرجٍ سواء أنزلَ منه أم لم ينزل أو جامع فيما دون الفرج، فأنزل عامداً أو ساهياً، ودل هذا الضابط على أن: الوطء في الفرج يوجب الكفارة سواء أنزل أو لم ينزل وهذا أخذ من حديث الأعرابي الذي واقع في نهار رمضان فلم يسأله النبي عليه الصلاة والسلام هل أنزل أم لا. وكذلك الوطء فيما دون الفرج إذا أنزل المجامع؛ لأنه أفطر بجماع فصارَ كمن جامع الفرج. وقد وردت روايةً أخرى عن أحمد أنه لا كفارة فيه وفاقاً لقول الشافعي وأبي حنيفة؛ لأنه أفطر بغير جماع تام فأشبه القبلة. وأن الأصل عدم وجوب الكفارة ولا نص في وجوبها في الوطء فيما دون الفرج ولا إجماع ولا قياس. وإنَّ كان صاحب الإقناع لم يذكر إلا رواية واحدة وهي إيجاب الكفارة بالوطء فيما دون الفرج أنزلَ أو لم يَنزل.
وقولهم في الضابط”في نهار رمضان” يخرج من واقع في غير رمضان بأن كان يقضي أياماً كانت عليه من رمضان أو يُصوم كفارة أو نذراً أو تطوعاً، فواقع لا كفارة عليه وهذا أمرٌ مجمع عليه أو يكاد أن يكون مجمعاً عليه لمخالفة قتادة حيث قال: تجب على من وطئ في رمضان واستدل على قوله: بأن القضاء عبادة تجب الكفارة في أدائها فتجب في قضائها قياساً على الحج، أما جمهور الفقهاء الذين منعوا الكفارة فقد استدلوا على قولهم: أن المواقع جامع في غير رمضان فلا كفارة عليه قياساً على ما لو جامع في صيام أيام الكفارة وفرقوا بين صيام القضاء والأداء بأن صوم الأداء تعينَ بوقت مقدر شرعاً فيحترم هذا الوقت المقدر وبالواقع هتك حرمة الوقت المقدر بخلاف القضاء، فإنَّ وقته تُرك تقديرهُ لمشغولِ الذمة به فلا يوجد انتهاك لحرمة الوقت.
ويؤخذ من الضابط التسوية في إيجاب الكفارة على المواقع في نهار رمضان على العامد والناسي، وهذا ظاهر مذهب الحنابلة واستدلوا على قصة الأعرابي الذي واقع امرأته في نهار رمضان. ووجه الدلالة منها: أنه لم يسأله هل كان الوقاع عمداً أو سهواً، وعدم سؤاله هو دليل على عدم التفرقة فكأن العمد والنسيان سواء، ولأن إفساد الصوم ووجوب الكفارة حكمان يتعلقان بالجماع لا تُسقطهما الشبهة فاستوى فيهما العمد والسهو كباقي أحكامه. وإنَّ كانت هناك رواية أخرى تقول: بأن أحمد قد توقف عن الجواب عندما سئل عن المواقع سهواً في نهار رمضان فقال: لا أستطيع أن أقول فيه شيء، وأن أقول ليس عليه شيء. وبعد ذكر ضوابط الفقهاء على اختلاف مذاهبهم وتباين مشاربهم يتضحُ لنا ما يأتي: أن هناك أمورٌ متفقاً عليها وأموراً مختلفاً فيها.

الأمور المتفق عليها:

  1. إيجاب الكفارة بالوقاعِ في نهار رمضان، فإنَّ كان في غيره بأن كان صوم نذر أو كفارة أو تطوّع فلا كفارة عليه عند الجمهور ولم يُخالف في ذلك أحداً منهم.
  2. إنَّ من جامع في الفرج في نهار رمضان عامداً، زل أو لم ينزل إذ من الجماع في القُبل مجرد مغيب الحشفة، ولأن المحل مشتهى شرعاً وطبعاً.

الأمور المختلف فيها:

  1. الجماع في نهار رمضان فيما دون الفرج وما دون الفرج يشتمل على الصور التالية:
    – إذا كان الوقاعِ في الموضع المكروه من المرأة الدبر، فرواية الحسن عن أبي حنيفة لا توجب فيه الكفارة وهي رواية الحنابلة.
    – أما اللواطة: وهي إتيان الذكر وكذا وطء البهيمة، فإنَّه عند الحنفية لا كفارة فيه في أشهر الروايتين وفي روايتهم الأخرى يقولون بوجوب الكفارة، وهو رأي المالكية والشافعية والحنابلة.
    – الوقاع في نهار رمضان ناسياً: فعند الجمهور أنه لا كفارة فيه لاشتراطِهم العمدية في الوطء، وخالف في ذلك الحنابلة في رواية عنهم فقالوا بإيجاب الكفارة وهذا ظاهر مذهبهم لتسويتهِ بالمُتعمد، ووافق الظاهرية الحنابلة في هذا.
    الاستمناء باليد: فعند الجمهور فيه القضاء، وعند المالكية عليه الكفارة حيث قالوا إنَّ أنزل بطولِ فكرٍ أو استدامة نظر فعليهِ الكفارة.

شارك المقالة: