متى يكون فرض الصّيام؟

اقرأ في هذا المقال


الصّيام هي أحد أركان الإسلام الخمسة، والتي فرضها الله تعالى على المسلمسن بحكم الفرض الجازم.
وسنتعرف في هذا المقال على الصّيام، ومتى شرعت فريضةُ الصّيام؟ وغير ذلك ممّا يتعلّق في ما يخصّ الصّيام .
فالصّيام في اللغة: يعني الإمساكُ مُطلقاً، ومنهُ قوله ــ سبحانه وتعالى ــ في شأن مريم عليها السلام:(إنّي نذرتُ للرَّحمن صّوماً) أيّ؛ إمساكاً عن الكلام مُطلقاً في شأن مولودها .
أما الصّيام في الاصطلاح: وهو التَّعبُّد لله تعالى بنيةِ الإمساك عن الطعام وعن الشراب وعن سائر المفطرات، ويبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، من شخصٍ مخصوص وبشروطٍ مخصوصة .


وغير ذلك أيضاً بدليل قولٍ بعده:(فلن أُكلِّمَ اليومَ إنسيَّا)“مريم 26” .
قال أبو عبيدة: كلُّ مُمسكٍ عن الطعام أو الكلام أو سير فهو صائم .
قال النابغة الذبياني: خيلٌ صيام وخيلٌ غير صائمة تحت العجاج وأخرى تلعكُ اللّجاما .

فرض الصّيام على المسلمين


فرض الله علينا شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، حيث توالت التَّشريعات الرَّبانية بعد تأسيس الدولة الإسلامية، وإرساء قواعدها الأساسية من وجود عاصمة وقوّة ونظام، فشُرع الصيّام، وشُرعت زكاة الفطر، ثمّ زكاة المال، وشُرعت صلاة العيد، وشُرع الجهاد، وأُحلت الغنائمُ، وتحوَّلت القبلة، وتزوَّج سيدنا عليّ ــ رضي الله عنه ــ بفاطمة ــ رضي الله عنها ــ بنت رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وسيدة نساء العالمين، وفيها وقعت معركةُ بدر الكبرى التي سمَّاها الله تعالى يوم الفرقان؛ لما فرَّق فيها من الحق والباطل، وأعزَّ فيها الإسلام وأهله، وأذلَّ فيها الشّرك وأهله.
وقد كان فرض الصيام شهراً كاملاً بعد أن كان فرض الصّيام لأيَّامٍ محدَّدة كيوم العاشر من محرم، كما روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:(ويوم عاشوراء كان يومٌ تصومهُ قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يصومهُ أيضاً، فلمّا قَدِم النبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ المدينة صاماً أمر بصيامه، وعندما فُرِضَ شهر رمضان تركوا يوم عاشوراء، وقالوا فمن شاء صامه ومن شاء لم يصمه) .
وكان صيامه في المدينة شُكر لله تعالى على نجاة أخيهِ موسى بن عمران كليمُ الله من فرعونَ وقومهِ، وهلاك عدو الله فرعون وقومه، فلمّا قدم على المدينة ووجد اليهود يصومونه قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم (فصامهُ، وأمر بصيامهِ).
ولمّا فُرض رمضان نُسخ وجوب صيام هذا اليوم، وبقيَ سنة لها أجر عظيم، كما قال ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ: (ما علمتُ أنَّ رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ صام يوماً يطلب فضلهُ على الأيام إلّا هذا اليوم، ولا شهراً إلّا هذا الشهرِ) يعني شهر رمضان، وقد بيّن النبي ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ فضيلة صيام عاشوراء مع سُنِّيتهِ فقال: (يكفِّر السِّنة الماضية).

وبفريضة الصيام اكتملت بنية الإسلام في تكوين المسلم؛ حيث قامت قواعده الأربعة من إيمان، وصلاة، وزكاة، وصيام، ولم يبقَ إلّا الحجّ؛ الذي لم يشرع حتى تطهَّرت مكة من الأصنام والوثنيّات، وكان ذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة، وليس في ذلك ضير على بنية المسلم؛ لأنَّ الحج لا يجب إلّا على المسلم القادرمن الناس، وقليل من الناس مَن هو مستطيع لأداء هذه الفريضة، فبهذه الفريضة تكتمل التربية الإيمانيّة التي تبنيها أسس الإيمان، ولعلَّ الصيام أكثرها أثراً في نفس المسلم؛ لأنَّ الصيام يغرس التقوى والهداية في قلب المؤمن .
فكما قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)“البقرة183” .
حيث يهذّب النفس بمراقبة الله تعالى في السّرّ والعلن، ويُشغل جوارحهُ بطاعة الله تعالى من صيام، وقيام، وتلاوة قرآن وبرٍ وإحسان، وإطعام والطعام، وإلانة الكلام، وصِلة الأرحام، ونحو ذلك ممّا يقرّب العبد للملك الدّيان، على مدى شهرٍ كامل، وهو على هذا المنوال حتى يكون قلبهُ قد زكى وصفا لنظر الحقِّ سبحانهُ وتعالى، فيقذف فيه من أنوارهِ الرَّبانيّة ما تتحقِّق بها السعادة الإيمانية، والرضا عن المولى في السّراء والضّراء، وبذلك يترقى العبد إلى مرتبة الإحسان التي هي أعلى درجةً من الإسلام والإيمان، فحيث تُحقّق محبة الله تعالى للعبد، فقال الله سبحانه وتعالى:(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)“البقرة 159” .
وقد عرف النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ الإحسان بقوله: (أن تعبد الله كأنكَ تراه، فإن لم تكن تراهُ فإنه يراك).
وهو الحال الذي يكون عليه الصائم في نهاره وليله.

ثبوت شهر رمضان:


يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين وهما:
الأمرالاول: رؤية الهلال، ليلة الثلاثين من شعبان، وذلك بأن يشهد أمام القاضي شاهدٌ عالمٌ بالفلك بأنه قد شاهد الهلال.
الأمر الثاني: اكمال شعبان ثلاثين يوما، وذلك فيما إذا تعسّرت رؤية الهلال بسبب غيوم أو لسبب آخركسوء الأحوال الجوية أو إذا لم يتقدّم شاهدٌ عدل يشهد بأنّه قد شاهد الهلال، فيتممّ شهر شعبان ثلاثين يوماً، إذ هو الأصل ما لم يعارضهُ شيء .
وهناك دليلانِ من السّنة على هذينِ الأمرين: قوله ــ صلّى الله عليه وسلم ــ:(صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدَّة شعبان ثلاثين يوماً)”رواهُ البخاري ومسلم” .
عن ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال:(إنّي رأيت هلال رمضان. فقال: أتشهد ألَّا إله إلا الله قال: نعم قال: أتشهد أنَّ محمّداً رسول الله قال: نعم. قال: يا بلال، أذّن في الناس، فليصوموا غدا) . صحَّحهُ ابن حبّان .
وإذا رُؤِيَ الهلال ببلدٍ لزم الصّوم أهل البلاد القريبة من بلد الرؤية، دون البلاد البعيدة؛ لأنّ البلاد القريبة مثل دمشق وحمص وحلب في حكم البلد الواحد، بخلاف البلاد البعيدة، وكالقاهرة، ومكة ويعتبر البعد باختلاف المطالع.
والدّليل على ماذكر:
عن كريب قال: استهَّل عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثمّ قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجُمعة. قال أنت رأيته؟ قلتُ نعم. ورآهُ الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: كلُّنا رأيناه ليلة السبت. فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم ــ. رواهُ مسلم .
وعلى ذلك قال العلماء: إذا لم يجب الصّوم على أهل بلد بعيد فسافر إليه شخص من بلد الرؤية فإنه يوافقهم في الصّوم آخره وإن كان قد أتم ثلاثين يوما؛ لأنهُ بالانتقال إلى بلدهم صار واحدا منهم، فيلزمهُ حكمهم، ومن سافر من البلد الذي لم يرَ فيه الهلال إلى بلد الرؤية أفطر معهم، سواء أصام ثمانية وعشرين يوما، وذلك بأن كان رمضان عندهم ناقصا فأفطر معهم في التاسع والعشرين، أم صام تسعة وعشرين، وذلك بأن كان رمضان عندهم تاماً، لكنّه يقضي يوماً إن صام ثمانية وعشرين، لأنَّ الشهر لا يكون كذلك.
ومن سافر إلى بلد بعيدٍ وأهلهُ ِصيام؛ وجب عليه أن يمسك بقية اليوم موافقة لهم.

سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم:

سميّ شهرُ رمضان بهذا الاسم لعدّة أقوال عند أهل اللُّغة ومن أشهر هذه الأقوال:

أولاً: سُمّي هذا الشهربشهر رمضان؛ لأنه غالباً ما يصادف زمن الرَّمضاء، وهو الذي يشتدُّ فيه الحرُّ في جزيرة العرب، فسُمّي بذلك من الرّمض وهو شدّة الحر، والرمضاءُ: هي الأرضُ أو الحجارةُ التي حَميت من شدّة حرّ الشمس .
ثانياً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لأنّ الشهور سُمّيت بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر شدّة الحرِِّ.

ثالثاً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لارتماض الصائمينَ فيه من شدّة الجوع ومعاناته .
رابعاً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لأنّ القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارةُ من حرّ الشمس.
خامساً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب؛ أي يحرقها بالأعمال الصالحة، فرمضان مصدر رمضَ إذ احترق واختفى.
سادساً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لأنه يرمضُ الذنوب، أي يغسلها بالأعمال الصالحة، وقالوا هو مأخوذ من الرَّميض، والرَّميض هو السحاب والمطر في آخر القيظ وأول الخريف، وسُمّي رميضاً؛ لأنهُ يدرَأ سخونة الشمس، وهكذا رمضان فإنّه يغسل الأبدان من الآثام .
سابعاً: سُمّي هذا الشهر رمضان؛ لأنّ العرب كانوا يرمضون أسلحتهم فيه، أيّ بمعنى يحشدونها ويجهزونها استعداداً للحرب في شهر شوال.

حكم صيام شهر رمضان:

إنّ حكم صيام شهر رمضان واجبٌ على كلِّ مسلم ومسلمة بالغين وعاقلين صحيحين مقيمين، ودلّ على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع الأمّة الإسلامية .

أمّا من الكتاب: فقال الله تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)”البقرة183″ .
أمّا من السنة: حديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ:(يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ فَقَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ) “رواهُ البخاري ومسلم” .
أمّا من ناحية الإجماع، فقد أجمعَ المسلمون على أنّ الصّومَ هو ركنٌ رئيس من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة؛ حيث إنّه يكفّرُ منكرهُ، ولا يسقطُ عن المكلّفِ إلا بعذرٍ من الأعذار الشرعية الضرورية.

مَن أول من صام من البشر؟

أولُ من صام هو سيدنا آدم عليه السلام، وقد صام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وقد ذكر جلال الدين السيوطي، وهو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين الخضيري الأسيوطي: وهو من كِبار علماء المسلمين في(كتابهِ الوسائل إلى معرفة الأوائل).
وإنّ أول من صام هو سيدنا آدم عليه السلام، وقد صام ثلاثة أيام من كلِّ شهر.
عن ابن مسعود مرفوعاً. قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحَّاك، قال: الصّوم الأول صامه نوح، فمن دونه حتى صامه النبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأصحابه، وكان صومه في كلِّ شهر ثلاثة أيام إلى العشاء، وهكذا صام النبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأصحابه. وقد ذكر أنَّ أول من صام في الإسلام هو النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ، وقد قام، وصام أصحابه اقتداءً بفعله وامتثالاً لأمره قبل أن يفرض الصيام، ثمّ جاء فرض الله تعالى في القرآن الكريم للصّيام في شهر رمضان. 
والآية التي ذكر فيها الصيام : قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ _أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ_شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ _ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ _ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ_)” البقرة 183-187″.

دعاء الصّائم اثناء الصّيام وعند الفطور

قال النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ:(إنَّ للصّائم عند فطره دعوة لا تردُّ).
وقال: ثلاث دعواتٍ لا تردّ، ألا وهي دعوة الوالد لولده، ودعوة الصّائم، ودعوة المسافر.
وقال الأستاذ الدكتور عبد المقصود باشا بجامعة الأزهر: إنّه وبلا شكّ فإنَّ شهر رمضان المبارك وللصّيام عموماً فضائل مهمّة وعديدة من أهمها، أنّهما من أهمِّ أوقات إجابة الدعاء؛ لأنّ المسلم يكون في أكثر أوقات العبودية الحقيقية لله، وقد جاء في ذلك نصوص من القرآن وأحاديث كثيرة ومنها:
قال الله تعالى:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)”البقرة186″. أي بمعنى يدعوني .
وقد حرص النبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ على تأكيد فضائل شهر رمضان، حتى يسعى الصحابة والمسلمون ومن بعدهم إلى استغلال فضائل تلك الفريضة العظيمة، فلهذا يجب أن يسعى المسلم دائماً لأن يكون صيامه مقبولاً، وأنّ يتوجّه لله سبحانه وتعالى بالدعاء خلال الشهر الفضيل، وخلال الصيام بشكل عام، وهو موقنٌ دائماً بالإجابة.
ويضيف أيضاً الدكتور باشا قال: أمّا بالنسبة لاختيار وقت الدعاء، وهل هو خلال صوم المسلم أم ساعة تناوله طعام الإفطار؟ فقد اتّفق الفقهاء على أنهُ من الأفضل أن يكون الدعاء خلال فترة الصيام.
قال النووي: في (المجموع): يستحبُّ للصَّائم حال صومهِ أن يدعو لنفسهِ بما فيهِ خيري الآخرة والدُّنيا لهُ ولمن يحبّ وللمسلمين، فيقتضي استحباب دعاء الصّائم من بداية اليوم إلى آخره، لأنّه يسمّى صّائماً، والدعوة المُستجابة للصائم تكون خلال صيامهِ، وذلك شريطة أن يكون قد أخلص في الصّيام، لا أنّ يكون صومه رياء، وكلمة الدّعوة لا تقتضي أنّها دعوة واحدة، ولا أنّها بشيء واحد، بل المراد هو دعاؤهُ، فعلى المسلم أن يأخذ بعين الاحتياط بأنّ يدعو ويجتهد في الدعاء بما شاء من أمور الدنيا والآخرة.
وأضاف الدكتو باشا: فالصّيام وخاصّة في رمضان من أرجى أوقات إجابة الدعاء، ومن أحبّ الفرائض إلى الله تعالى ولهذا قال الله في الحديث القدسي: (كلُّ عمل ابن آدم لهُ إلّا الصّوم فإنّهُ لي وأنا أجزي به)، وهذا يعني أنَّ الصّيام هو من أحبِّ الأعمال إلى الله، وأنّ الإنسان لا يستغني عن الدعاء فهو سلاح المؤمن وعدّته في الشدّة والرخاء، ومفتاح الفرج لهُ فرمضان من أرجى أوقات الإجابة.



شارك المقالة: