ما هي شروط الانعقاد باليمين والنذر؟

اقرأ في هذا المقال


شروط الانعقاد باليمين والنذر:

إن ابن تيمية يعتبر اليمين والنذر مُنعقدين بتوفر الشرطين التاليين وهما:

  • الشرط الأول: أن يكون المعقود به أوله مشرعاً، أي بمعنى أن يكون معقوداً لله أو بالله؛ وذلك لأن أي عقد يمين أو نذر لا يكون مشروعاً إلا إذا كان لله أو بالله، وهذا معنى ضابط: ” أن كل يمين يحلف بها المسلمون في أيمانهم، ففيها الكفارة”. وبهذا الشرط يخرج ابن تيمية الأيمان والنذور الشركية التي تكون للمخلوقاتِ وغيرها، وهو ما تناوله بالتفصيل في ضابط كل يمين غير مشروعة، فلا كفارة لها ولا حنث، وهذا الأمر يعتبر أن هذه النذور والأيمان غير منعقدة، فلا يلزم بها شيء، ولا يترتب عليها أي التزام؛ ولهذا يقسم المحلوف به والمنذور له إلى قسمين رئيسين وهما:
    القسم الأول: كل ما يحلف به المسلمون في أيمانهم وينذرون له في نذورهم، وأيمان المسلمين كلها التزام بالله، ونذورِهم كلها التزام له وهو أبلغ؛ ولهذا يجب الوفاء به دون اليمين، وهي الأيمان والنذور المحترمة المنعقدة التي يترتب عليها الوفاء والحنث والكفارة، ولا يخرج ما يحلف به المسلمون في أيمانهم ممّا يلزم منه حكم عن أحد نوعين:
    الحلف بالله باسم من أسمائه أو صفة من صفاته “الالتزام بالله”.
    الحلف بحكم من أحكام الله، ويدخل فيه الحلف بالنذر والطلاق والعِتق والظهار وغيرها مثل الالتزام بالله.
    القسم الثاني: الأيمان والنذور الشركية: كالحلفِ بالمخلوقات والأموات، ونحوها وكذا النذر لشيء من ذلك وكلها أيمان ونذور غير منعقدة ولا تلزم فيها الكفارة، ولا يترتب عليها حنث.
  • الشرط الثاني: أن يكون القصد إلى العقد موجوداً صحيحاً، ويشترط ابن تيمية أن يكون العقد يميناً أو نذراً مقصوداً للعاقد قصداً صحيحاً، وبهذا يخرج يمين اللغو والغموس، فيلتقي بهذا بقية الفقهاء الذين قَسموا اليمين المنعقدة ولغو وغموس، ولكنه أوسع نظرة منهم في هذه المسألة، فيرى أن يمين اللغو ويمينُ الغموس غير منعقدتينِ لعدم صحة القصد فيهما، والقصدُ معتبر في العقود والتصرفات كما هو معتبر في العقود والتصرفات، كما هو معتبر في العبادات. وعلى هذا فإن اليمين عند شيخ الإسلام ابن تيمية من حيث القصد وصحته تنقسم إلى الأقسام التالية:
    القسم الأول، يمين منعقدة: وحكمها الكفارة بالحنث، ومدارها على القصد، فالحالفُ بها عاقد العزم على الالتزام بالمحلوف عليه، ومن أجل هذا العزم أكده بما له صفة الإلزام في نفسه وهو المحلوف به، ولهذا لا يُعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية منعقداً من الإيمان إلا ما توفر فيها أمران:
    أن تكون على مستقبل، يقصد الحالف فيها الالتزام بالفعل أو الترك، حضاً أو منعاً، تصديقاً أو تكذيباً.
    وأن تكون يميناً من أيمان المسلمين، التي يحلفون بها في أيمانهم، فلا تنعقد اليمين بالمخلوقات وغيرها من أيمان الشرك.
    القسم الثاني، يمين لغو: وقد تسمّى يمين الخطأ، ومدارها على كون الحالف بها لم يتوفر على قصد المخالفة في عقد اليمين أو في الحنث فيها، وحكمها: أنها لا حنث فيها ولا كفارة، لانعدام النية التي هي مدار الحكم، وهي المقصودة في قوله تعالى: “لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ” البقرة: 225. وعدم المؤاخذة يستلزم عدم الانعقاد، إذ انعقاد العقد لا بد أن يترتب عليه أحكام، فلما نفى المؤاخذة دل على انتفاء الأحكام واعتبار هذه اليمين من الكلام اللاغي الساقط، وحيث لم تنعقد اليمين وكانت لغواً فلا فرق بين كونها بالله أو بالطلاق أو بالعتاق أو غيره ممّا يحلف به المسلمون، وهذه اليمين تشمل صوراً عدة.
    أن يحلف على الشيء يظنه كما حلف عليه، فإذا هو خلاف ذلك كما لو حلف على أجنبية بالطلاق يظنها زوجته فلا طلاق عليه، وكما لو حلف لا يكلم هذا الصبي فبان شيخاً، ونحو ذلك، ويُقيد هذه الصورة بكونِ الحالف غير مفرط في حلفه، فيُعتبر من يحلف مجازفة بلا مستند أصلاً حانثاً ولو أخطأ في يمينه، بخلاف الذي احتاط في يمينه، بخلاف الذي احتاط في يمينه ولم يُبادر إلى الحلف بلا مستند فيعتبرهُ لاغياً.

    وأن يحلف على شخص أن يفعل أو أن لا يفعل، وهو يظنه يُطيعه ويبر يمينه، فتبين له الأمر بخلاف ذلك ولو علم أنه كذلك لم يحلف، فلا حنث عليه.
    وأن يجري اليمين على لسانه من غير قصد، كقول الرجل في الماضي بلى والله، وكلا والله، لقد حصل أو لم يحصل كذا، أو في المستقبل لأفعلن أو لن أفعل من غير أن يعقد قلبه على نية الحلف بل جرى على لسانه بلا قصد منه.

المصدر: كتاب الأيمان والنذور من الحاوي، للإمام أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي.كتاب الأيمان والنذور، للدكتوزر محمد عبد القادر أبو فارس.كتاب القواعد والضوابط الفقهية عند شيخ الإسلام ابن تيمية في الإيمان والنذور، للدكتور محمد بن عبد الله الحاج التمبكتي الهاشمي.كتاب بحث في النذور وأحكامها، للأستاذ الشيخ عبد الرحمن قراعة.كتاب الأيمان والنذور في القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية، إشراف علوي بن عبد القادر السقاف.


شارك المقالة: