اقرأ في هذا المقال
إنَّ صنوف التأثير الأدبيّة هي بذور فنية تستنبت في آداب غير آدابها متى تهيأت لها الظروف والأسباب. وهذا ما حصل في اللقاح الفكري بين الأدبين العربي والإسباني الذي وصل إلى مدن فرنسة الجنوبيّة، أيضاً مدن اللورين الكائنة في الشرق عند حدود ألمانيا، فوجد فيها تربة خصبة جرى نسغها إلى ألمانيا وإنجلترا لتكون ركائز النهضة الأوروبيّة.
وكان للموشحات والأزجال الأثر الأكبر في شعر” التروبادور”. وهم العصور الوسطى الأوروبيّة ظهوراً في نهياة القرن الحادي عشر الميلادي في جنوبي فرنسة ووسطها، حيث عاشوا في بلاط الملوك والأمراء يتغنون بالحب. وقد يكون بين شعراء التروبادور ملك أو أمير.
ولقد استقى التروباد من الشعر الأندلسي نبعاً من الحقائق النفسية عملوا بها وطوروها، فقد صوّر ابن حزم حبّه الذي لم يكن وليد الساعة، إنما سرى على مهل واستقرّ عماده. وبالمقابل فإن دوق أكيتانيّة غيوم التاسع، حيث وصف شعوره في حبه وطول انتظاره بقوله” ليس على الأرض شيء يوازي هذا الطرب. ومن شاء أن يتغنى به كما يستأهل فلا بُدَّ أن تنقضي سنة كاملة قبل أن يحقق ما يريد”.
إنَّ هذا التشابه من حيث البساطة في المعنى، الأوزان، القوافي والأسلوب، يدلّ على تأثير التروبادور بالمناخ العروضية في الشعر العربي. وقد انتقل هذا التأثير إلى أوروبا، فكان للعرب اليد الطولىفي إغناء الشعر الأوروبي وإترافه برائع الصور والأساليب.
وقبل أن يظهر العرب المسلمون على مسرح التاريخ، كان البحر المتوسط يُسمَّى بحر الروم. وكان البربر في المغرب قوماً وثنيين ظلمهم الروم فثاروا عليهم، حيث اتصل زعماؤهم بالعرب وفاوضوهم في مقاتلة الروم معهم. وقد استغرق الفتح الإسلامي للمغرب نحو سبعين عاماً بدأ ببعث استطلاعي قام به عقبة بن نافع الفهري، انتهى بحملة موسى بن نصير التي أخضع فيها المغرب الأقصى. وصارت بلاد المغرب تابعة للدول الأموية، فَآل المغرب إلى ولاية عباسيّة.
ثم قامت دويلات في المغرب الأقصى والأوسط والادنى، ففي المغرب الأقصى قامت دولة الأدارسة. واستمر حتى القرن الرابع، ثم ظهر المرابطون في القرن الخامس. وبعدها سيطر الموحدون على بلاد المغرب، ثمَّ انقسمت إلى ثلاث دول: دَوْلَة بني مرين في المغرب الأقصى، دَوْلَة بني عبد الوادي ( بني زيّان)، في المغرب الأوسَط ودَوْلَة بني حفص في المغرب الأدنى.