أشعار أبو نواس في المدح

اقرأ في هذا المقال


العوامل التي أثرت على شعر أبو نواس:

كان أبو نواس على اتصال بأدباء وعلماء اللغة العربية حتى يتعلم منهم؛ وذلك نظراً لكونه كان قد نشأ يتيماً، إلى جانب ذلك فقد كان هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي كان لها الأثر الأكبر على شعره وشاعريته، من أهمها:

  • عاش يتيماً.
  • أصله فارسي.
  • ميله إلى المجون والخمر.
  • ثقافته: كان أبو نواس ملماً بجميع الثقافات التي عاصرها من عربية أو هندية أو يونانية.
  • كان شعره يمتلك صور بديعة.

المدح عند أبو نواس:

عُرف عن أبو نواس أنّه كان قليل المدح في شعره؛ وذلك نظراً لكونه كان كثير التصنع في الشع،كما أن شعره كان يمتاز بالألفاظ العذبة وخفة الكلمات ونعومتها وبراعة الاتقان، حيث كان أبي نواس يحتفظ بالمقدمات القديمة، حيث قال:

يا دارُ! ما فعَلَتْ بكِ الأيّامُ،
ضَـامَتْكِ ، والأيامُ ليسَ تُضامُ
عَرَمَ الزّمانُ على الّذينَ عهدتهمْ
بكِ قاطِنين، وللزّمان عُرامُ
أيّـامَ لا أغْـشى لأهْلِـكِ مَنْـزِلاً ،
إلاّ مُـرَاقَـبَـة ً ، عليّ ظَـلام

أشعار أبو نواس في المدح:

كان أبو نواس يمدح الخلفاء في شعره وكان يتعمق في مدحه، كما أن مدائحه كانت شديد العذوبة والخفة والنعومة، فقد مدح هارون الرشيد قائلا:

لقد دار في رسم الديار بكائي
وقد طال تردادي بها وعنائي
كأني مريعٌ في الديار طريدةً
أراها أمامي مرةً وورائي
فلما بدا لي حانٍ لا تهرّ كلابه
عليّ ولا ينكرن طول ثوائي
فما رمته حتى أتى دون ما حوت
يميني وحتى ريطتي وحذائي
وكأس كمصباح السماء شربتها
على قبلةٍ أو موعدٍ بلقاء
أتت دونها الأيام حتى كأنها
تساقط نورٍ من فتوق سماء
ترى ضوءها من ظاهر البيت ساطعاً
عليك ولو غطيته بغطاء
تبارك من ساس الأمور بقدرةٍ
وفضّل هاروناً على الخلفاء
نراك بخيرٍ ما انطوينا على التقى
وما ساس دنيانا أبو الأمناء
إمام يخاف الله حتى كأنما
يؤمِّل رؤياه صباح مساء
أشمَّ طوال الساعدين كأنما
يناط نِجادا سيفه بلواء

وأيضاً مدح الأمين ابن الرشيد، في قوله:

تتيه الشمس والقمر المنير
إذا قلنا كأنهما الأمير
فإن يكُ أشبها منه قليلاً
فقد أخطاهما شبهٌ كثيرُ
ونور محمدٍ أبداً تمامٌ
على وَضَـح ِالطريقةِ لا يحورُ

وقال في موضع آخر في مدح الأمين:

ملكتَ على طير السعادة واليمنِ
وحزتُ إليـكَ الملكَ مقتبـل السن ِ
لقد طـابت الدنيـا بطيب محمدٍ
وزيدتْ به الأيامُ حسناً إلى حسن ِ
ولولا الأمين بن الرشيد لما انقضت
رحى الدين، والدنيا تدور على حزن ِ
لقد فك أغـلال العناة محمـدٌ
وأنزل أهل الخـوف في كنف الأمن ِ
إذا نحن أثنينا عليك بصالح ٍ
فأنت كما نثني، وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفـاظ يوماً بمدحةٍ
لغيـرك إنساناً، فأنت الذي نعني

وقال أبو نواس يمدح الخصيب بن عبد المجيد وهذا الخصيب صاحب ديوان الخراج بمصر، قائلا:

أجارة َ بَيْتَيْنَا أبوكِ غَيورُ،
وميْسُورُ ما يُرْجَى لديْكِ عسِيرُ
و إن كنتِ لا خِـلمـاً ولا أنتِ زوْجـة ٌ
فلا برحَتْ دوني عليكِ ستُورُ
وجــاوَرْتُ قــوْمـاً لا تــزاوُرَ بينـهمْ ،
ولا وَصْلَ إلاّ أن يكونَ نُشُورُ
فما أنا بـالمشْغُـوفِ شَـرْبَـة َ لازِبٍ ،
ولا كـلّ سـلطـانٍ عـليّ قَــديــرُ
وإنّي لِطَرْفِ العينِ بالعينِ زَاجِرٌ،
فـقـد كـدْتُ لا يخْـفى عليّ ضميـرُ
كمـا نظرتْ ، والريحُ ساكنـة ٌ لها ،
عُـقـابٌ بـأرســاغِ اليـديْـن نَـــدُورُ
طـوتْ ليلتين القُــوتَ عن ذي ضَـرُورَة ٍ
أُزَيْـغِـبَ لم ينْبُـتْ عليـهِ شَـكِـيـرُ
فـأوْفَـتْ على عَـلْـيـاءَ حينَ بَـدَالَـهـا
من الشمْسِ قَرْنٌ، والضّرِيبُ يمورُ
يقلّـبُ طَـرْفـاً في حِـجـاجَيْ مَـغـارَة ٍ ،
من الرأس ، لم يدْخُـلْ عليـه ذَرُورُ
تقـولُ التي عن بيتها خفّ مـرْكبي :
عزيزٌ علينا أن نَرَاكَ تَسيرُ

طوالبَ بالرّكْبانِ غزة َ هاشمٍ،
وفي الفَـرَمَـا ، من حاجِـهِـنّ ، شُقُـورُ
ولَمّا أتَتْ فُسْطاطَ مصْرٍ أجارَهَا
على رَكبِها، أن لا تزالَ، مجيرُ
من القوْمِ بسّامٌ كأنّ جبينَهُ
سـنَـا الفـجْـرِ يسْـري ضــوؤه ويُـنيــرُ
زَها بالخصِيبِ السيْفُ والرّمحُ في الوَغَى ،
وفي السّلْمِ يزْهُو مِنْبرٌ وسَرِيرُ
جـوادٌ إذا الأيْـدي كفَفْنَ عن النّـدى ،
ومن دونِ عَوْراتِ النساءِ غَيُورُ
لَهُ سَلَفٌ في الأعجَمين كأنّهمْ
إذا اسْـتُـؤذِنـوا يـوْمَ السّـلامِ بـــدُورُ
وإني جـديرُ ، إذ بلغْتُـكَ بــالمُـنى ،
وأنْـتَ بـمـا أمّـلْـتُ مـنـكَ جــديــرُ
فـإنْ تُـولِني مـنـك الجَمِـيـلَ ،
فـأهْـلُـهُ ، وإلاّ فـإنّـي عــاذرٌ وشَـكُــورُ


شارك المقالة: