الفرق بين الشعر القديم والشعر الحديث

حاز الكلام المنظوم المشرقي على مكانة مرموقة في التاريخ الأدبي، ويُعد من أهم أشكال الأدب عند العرب نُظم بلغة الضاد منذ بدايته حتى زمننا الحالي ويمكن تعريفه بأنه كلام ملتزم بالوزن، وكذلك القافية مُحمل بعواطِف وأحاسيس مؤلِفه بقالب أدبي جميل يسحر العقول ويأسر الأفئدة ويحرك مشاعر المتلقي الشعر العربي القديم.

الشعر العربي القديم

يمكن توضيح الكلام المنظوم القديم بأنه أول أبيات تم نظمها في اللغة العربية في الزمن الجاهلي ويُعتبر هو الأساس والبداية للكلام المنظوم في العهود المتتالية، وعلى الرغم من فقدان أغلبه بسبب عدم التدوين والتركيز على الحفظ وتداوله شفاهي إلا أنه مع ما وصل إلينا يُعدُّ الأكثر بلاغةً وفصاحةً ومكانة مرموقة بين ما جاء بعده من نظم.

ومعروف أن الكلام المنظوم القديم تفرد ببلاغته ومن خلاله تمكن العلماء استخراج الأسس اللغوية والمفردات منه، كما توجه العلماء لتَّعمق فيه وتدوين المجريات التاريخية التي جرت في ذلك الوقت من خلال هذا الشكل الأدبي الشامل. 

الشعر العربي الحديث

يُقصد به الكلام المنظوم المُقفى يرمز على معنى معين ويُعد شكل من أشكال الأدب الذي برز قديمًا وتطور إلى الزمن الحالي حيث برز بعد الثورة، ويمكن التفريق بينه وبين غيره عن طريق الأساليب وكذلك المحتوى والبنية الفنية وكان معظم رواده من الذين انتقلوا من بلادهم إلى دول الغرب أمثال خليل مطران وإيليا أبو ماضي وغيرهم.

الفرق بين الشعر القديم والحديث

1- الكلام المنظوم القديم ما تم نظمه في الأزمان القديمة قبل زمن الانحطاط وأُطلق عليه التقليدي وقد تميز ببلاغته وقوة فصاحته ومنه استنبط العلماء قواعد نحوية ولغوية، كما يُعد بمثابة معجم لغوي يتضمن كم كبير من المفردات والتراكيب، وأيضًا يعتبر بمثابة موسوعة تاريخية يحمل في ثنايا أبياته العديد من الحكايات والمجريات التي عَمِد رواد الكلام المنظوم على توثيقها من خلال انتاجهم.

2- أما بخصوص الكلام المنظوم المعاصر فهو الذي تم نظمه بعد النهضة والثورة المشرقية وقد تميز عن القديم من حيث أسلوبه وكذلك محتواه ومضمونه، حيث استحدث مواضيع ونظم فيها لتواكب المجريات والأحداث المتطورة وكما عرف عنه أن معظم رواده كانوا من الأدباء الذين ارتحلوا من بلادهم إلى الدول الغربية.

خصائص الشعر الحديث

1- تفرد الكلام المنظوم الحديث بأنه لا يلتزم بقواعد معينة مثل القوافي إلا أنه ملتزم ومُقيد بالوزن.

2- يتميز النَّظم بنمطٍ لغوي سهل واضح مستخدمًا معه المفردات والتراكيب الصعبة ويسهب فيه استعمال الأنواع البلاغية.

3- يُعدُّ الكلام المنظوم الحديث مفعمًا بالشُّعور الوطني والانتماء للبلاد.

4- الإسهاب في الغوص بعالم الخيال.

5- استعمل نمط التهكم لكن بصورة شديدة لاذعة.

6- كما نرى انتشار استعمال نمط العامي فيه.

أبرز شعراء العصر الحديث

1- نزار قباني من سوريا.

2- محمود درويش من فلسطين.

3- بدر شاكر السياب من العراق.

4- خليل جبران خليل من لبنان.

5- أمل دنقل من مصر.

خصائص الشعر القديم

1- امتاز الكلام المنظوم القديم بالصدق والوضوح بعيدًا عن التعقيد، فيخط رواده كلامهم دون تكلف أو عناء فنرى في مقطوعاتهم بساطة في الأسلوب يرافقه قوة في الأفكار وعمق الدلالة.

2- صياغة المقطوعة من بدايتها حتى نهايتها كلها على منوال محدد باستثناء الرثاء وما يشابهه.

3- عدم الإسهاب في الخيال وكانوا قديمًا يستمدَّونه من البيئة المحيطة بهم.

4- الاختصار في المعنى حيث يتكلم عنه من خلال أبياته سريعًا فلا يسهب في وصف مشهد معين إنما يكتفي بالمرور السريع مع الإبقاء على تماسك الأفكار.

5- الكلام المنظوم القديم يعج بالحكم والأمثال وكان يهدف أصحاب هذه المقطوعات إلى تقديم تجاربهم وخبراتهم للمتلقي.

6- كان الكلام المنظوم القديم مطواعًا قابل للغناء لأنه مقطوعاته ذاتية لا تعتمد على القصص وسرد الملاحم.

أبرز شعراء الشعر القديم

1- امرؤ القيس.

2- الأعشى.

3- عنترة بن شداد.

4- جميل بن معمر.

5- الحارث بن حلزة.

نماذج شعرية على الشعر القديم

يتحدث امرؤ القيس في معلقته:

أفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ

 وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي

 أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي

 وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ 

وإِنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ

 فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

 وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِي 

بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ

يقول الأعشى:

أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدَا 

وَبِتَّ كَمَا بَاتَ السَّلِيمُ مُسَهَّدَا 

وَمَا ذَاكَ مِنْ عِشْقِ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا

 تَنَاسَيْتَ قَبْلَ اليَوْمِ خُلَّةَ مَهْدَدَا

 وَلَكِنْ أَرَى الدَّهْرَ الَّذِي هُوَ خَائِنٌ 

إِذَا أَصْلَحَتْ كَفَّاي عَادَ فَأَفْسَدَا

 شَبَابٌ وَشَيْبٌ وَافْتِقَارٌ وَثَرْوَةٌ 

فَلِلَّهِ هَذَا الدَّهْرُ كَيْفَ تَرَدَّدَا

نماذج شعرية على الشعر الحديث

قال محمود درويش:

أيّها المارون بين الكلمات العابرة

 احملوا أسماءكم وانصرفوا

 واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا

 وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة

 وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا 

أنّكم لن تعرفوا 

كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء

 أيُّها المارون بين الكلمات العابرة

قال بدر شاكر السياب:

 عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحر

 أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر

 عيناكِ حين تبسمان تورِقُ الكُروم

 وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهر

 يرجُّه المجداف وهنًا ساعة السَّحر

 كأنما تنبضُ في غوريهما النّجوم

وفي النهاية نستنتج إن الكلام المنظوم القديم قد تميز بالعديد من السمات منها الأسلوب السهل المرافق للغوص بالمعنى والدلالة وكذلك بُعده عن الخيال، أما الحديث فكان لا يلتزم بقواعد محددة مثل القوافي وكان يعج بالخيال وعرف عنه أنه أدب وطني مفعم بالانتماء للبلاد حيث خُطَّ بأقلام رواده الذين ارتحلوا عن أوطانهم أمثال نزار قباني وخليل مطران وغيرهم.