الموسيقى في العصر الأموي

اقرأ في هذا المقال


تعلّق العرب بالغناء والموسيقى على مرّ العصور بشكل واضح وكان الخلفاء يشجعون ذلك ويجزلون عليه الأموال والهبات الكثيرة لتعلقهم الشديد بذلك، بعد أن كانوا شغوفين بسماع الأشعار وتشجيع الشعراء لنظم وخصوصًا شعر المدح والتفاخر، كما ازدهرت الموسيقى في العصر الأموي بشكل كبير وبرز في هذا العصر العديد من الموسيقيين الذين كان لهم أثر واضح في تطور الموسيقى.

الموسيقى في العصر الأموي

ازدهرت الموسيقى في العصر الأموي بشكل واضح بسبب تشجيع الخلفاء والأمراء في هذا العصر على ذلك وأغدقوا العطايا والهبات على أهل هذه الصناعة، حتى أن عبد الملك كان مولعا بسماع الموسيقى وملحنًا بارعًا وعلى دراية بأنواع الموسيقى والغناء كذلك.

وتنوعت المراكز والمعاهد الموسيقية في العصر الأموي وكانت مجالس اللهو قائمة على الموسيقى، وكان أهل هذه الصنعة أغلبهم من الفرس، وكانت قصور الخلفاء تعج بالموسيقى والغناء على الرغم من تعصب بعض الخلفاء الأمويين مثل الخليفة الأموي عمر الثاني، وفي زمن الوليد الأول تطورت الموسيقى بشكل سريع على الرغم من انشغاله بأمور الحكم، حيث استقدم أهم الموسيقيين في المدينة ومكة وهم معبد وابن سريج إلى دمشق وقام على استقبالهم بمراسم مهيبة تفوق استقبال أهل الشعر آنذاك.

وبهذا فإن مجالس الخلفاء الأمويين كان تعج بالموسيقى، ونالت هذه الصنعة أشد التشجيعات من الخلفاء والأمراء، وحصل الملحنين العازفين على الاحترام والعطايا المجزية، وكان للموسيقى والموسيقيين في هذا العصر مكانة اجتماعية مرموقة، ولم تبقى الموسيقى مقتصرة على العبيد والجواري، إنما أصبح في هذا العصر أشخاص ذوي مكانة عالية يمتهنون الموسيقى والتلحين.

سمات الموسيقى في العصر الأموي

1- بروز الأغنية الفردية وانتشارها وكانت تغنى بمرافقة العود.

2- ظهور منشد البلاط في زمن يزيد الأول والذي اشتهر برعاية للموسيقى واهتمامه بها حتى سمي براعي الموسيقى، وتميز أيضًا بإجادة الشعر، وكان يطرب عند سماع الأغاني والموسيقى، وكان أول الخلفاء الذين أطلقوا اسم الملاهي على مجالس الغناء والموسيقى.

3- أسس ابن مسجع نظريات العزف والتلحين، حيث أنه كان على دراية واطلاع على نظريات الموسيقى من خلال تنقله في سوريا وبلاد فارس.

4- توطيد الطابع العربي في الموسيقى وإنهاء الطابع الأجنبي، حيث قام على تجديد اللحن حتى تتمكن الأذن العربية من تذوقه.

5- وضع قواعد التلحين والضرب على العود.

أبرز معاهد الموسيقى في العصر الأموي

1- مدرسة ابن مسجع: وهو أول من أسس قواعد الموسيقى والتلحين، وبرزت هذه المدرسة بكثرة سماع غناء الفرس في ذلك الحين، حيث أخذ من ألحانهم ما راق له ورآه مناسبًا للذوق العربي، وعمد إلى تغيير الكلمات الفارسية بكلمات من الشعر العربي.

2- مدرسة ابن محرز: هو من أبرز تلامذة ابن مسجع، وسار على نفس درب أستاذه في الموسيقى وكان أكثر التنقل بين دول الروم والفرس، وتلقى الألحان الغربية في هذه الأثناء وأهمل منها ما يراه غير مناسب، ومزج ودمج بعضها وألف منها أجمل الأغاني، وكان له مساهمة فعالة في الفن العربي، وقام على تجديد مهمة في الموسيقى آنذاك.

أهم تجديدات ابن مشجع في الموسيقى

1- وضع العديد من القواعد الموسيقية.

2- نبذ الروح الغربية وتقوية الطابع العربي في التلحين والغناء.

3- أسس قواعد للغناء.

4- تغنى بالنوح والحداء وكذلك التعبير وهذا ما كان معروفًا منذ القدم.

5- غنى الشعر مُلَحنًا، واعتمد على قواعد التجويد من تقصير ومد وإدغام، مما دعم أساس اللغة العربية وألفاظها.

6- أسس قواعد العزف وَالغناء المتقن، وكيفية التنقل من الطبقات وأخذ ذلك عن الفرس وكذلك الروم حيث ينتقلون من الطبقات الغليظة إلى الطبقات الحادة.

7- يعد ابن مسجع أول من أسس دستور اقتباس الألحان الغربية، مع إبقاء روح الموسيقى العربية.

أهم تجديدات ابن محرز في الموسيقى

1- تأسيس ميزان الرمل ويعد ابن محرز أول من غنى عليه وطبقة أثناء غنائه.

2- انتشار الغناء المزدوج في مدرسته.

3- تشجيع الغناء مع تعدد الألحان والأصوات الموسيقية.

أهم رواد مدارس الموسيقى في العصر الأموي

1- من المغنين من تردد على معاهد الموسيقى الأموية في ذلك العصر ومنهم سائب خائر، والمغني معبد بن وهب، طويس، وكذلك الأبحر وغيرهم الكثير من الرواد المغنين.

2- من المغنيات المرتادات لهذه المعاهد الموسيقية الأموية عزة الميلاء، والمغنية المعروفة حبابة ولذة العيش، وكذلك بلبلة.

3- ومن الخلفاء من كان مولع بالموسيقى والغناء مثل الخليفة الأموي يزيد بن معاوية الذي كان يطرب حين يسمع الموسيقى والغناء.

أهم التطورات التي لحقت بالموسيقى في العصر الأموي

1- استخدام إيقاع خفيف الرمل، وكذلك خفيف الثقيل.

2- أدخل أبو الموسيقى تطورات لحنية وأسس في العزف والتلحين، وسار على دربه العديد من الموسيقيين مثل ابن محرز.

3- إيجاد إيقاعًا لحنيًا مستقلًا عن الوزن الشعري.

4- انتشار المؤلفات في أخبار الموسيقى.

5- بروز الطابع الفارسي في الموسيقى وكذلك انتشار بعض المفردات الفارسية في الغناء.

أهم المؤلفات الموسيقية النظرية في العصر الأموي

1- يونس الكاتب: هو أول من ألف الكتب في الموسيقى والغناء عند العرب، وله العديد من الكتب والمؤلفات في هذا الموضوع مثل: “كتاب النغم” “وكتاب القيان”، ويعتبر هذان الكتابان أساس لمن جاء بعده وكتب في هذه المواضيع، ومن خلالهما أسس يونس الكاتب حركة فكرية للموسيقى فيما بعد.

2- الخليل بن أحمد الفراهيدي: كان يعمل كاتبًا في المدينة، وكان شاعرًا بارزًا يجيد الشعر بطلاقة وكان متمرس ومتمكن في مهنة الموسيقى، وهو العالم الثاني الذي تطرّق إلى الموسيقى النظرية، وكان أبرز الأدباء في البصرة وقام على تأليف المرجع اللغوي الأول تحت مسمى كتاب العين، وقام على تأليف كتابين في الموسيقى وهما: ” كتاب الإيقاع” “وكتاب النغم” حيث كان السباق في بحث موضوع الإيقاع عند العرب، وقام على وضع قواعد العروض في الشعر.

نماذج من الفرق الموسيقية في العصر الأموي

1- عود يرافقه الدف والقضيب برفقة مغني.

2- مِزْهَر ويكون بِرفقة مغنيات.

3- طبل مع دف ويرافقها المزمار والعود دون مغن.

وكان يسمى العازفين في ذلك الوقت الضاربين والمجموعة الموسيقية تسمى جوقة، وكان العوّاد والصنّاج، والدفافين وغير ذلك.

أهم الآلات الموسيقية في العصر الأموي

1- العود وهو من أهم الآلات الموسيقية وسيدها وكان يستعمل في العزف منفردًا في أغلب الأحيان.

2- المزمار وكان مرافقًا للعود.

3- الطبل وكان مهم من أجل تمييز الإيقاع.

4- الدف الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وكان يستخدم في الموسيقى منذ القدم.

وفي النهاية نستنتج أن العرب تعلقوا بالموسيقى على مرّ العصور، وتطورات الموسيقى وازدهرت في العصر الأموي، وكان الخلفاء الأمويين يشجعون أهل الموسيقى، وَيغدقون عليهم الأموال والهبات.


شارك المقالة: