تعريف الأدب في العصر العباسي

اقرأ في هذا المقال


ازدهر الأدب في العصر العباسي نتيجة لعدة عوامل ساعدت على ذلك وأهمها رعاية خلفاء بني العباس بالعلم رعاية شديدة، وشجعوا على إقامة الأماكن التعليمية والجلوس في حظرة العلماء، كما أجزلوا الأموال في سبيل تعليم أبنائهم حيث اختاروا لهم أمهر الأدباء، ومما ساعد الأدب على التطور هو الانفتاح على الحضارات الأخرى والاستفادة منها.

الأدب في العصر العباسي

تأسس حكم بني العباس على أنقاض الحكم الأموي وأصبحت بغداد مركزًا لبني العباس محتلة مكان دمشق مركز بني أمية، وظهر على الحكم في هذه الفترة السمة الفارسية حيث كانت تعج بالفرس، ومن صفات آخر عهدها الانحلال والانقسام، حيث تجزأت إلى دويلات كثيرة وعلْى الصعيد الاجتماعي قد برزت فئتان من الناس، فئة الأغنياء، وفئة الفقراء، وشاع الفساد نتيجة اندماج أهل المشرق بالعجم كما أدى إلى تطور العمران فيها.

بخصوص الأدب فقد ازداد العلم كثيرًا، فركز أدباء هذه الفترة بدراسة اللغة المشرقية وتعلُّم أصولها، ونتيجة لذلك كان لا يترأس الأماكن المهمة في الحكم إلا أصحاب العلمِ ومعرفة أصول اللغة المشرقية، كما برزت مجموعة من الأدباء الذين ركزوا على دراسة أصول الدين، كما ازدهرت الحياة الأدبيّة كثيرًا، فبرز أهل الأدب والكتّاب وأهل الشعر.

الشعر في العصر العباسي

تطور نظم الكلام في الفترة العباسية ويرجع ذلك إلى ما كان يوفره الخلفاء لأهل الشعر وحثهم على التجديد والمجيء بتعابير حديثة، وكذلك نتيجة لحياة الرفاهية التي كان ينعم بها أهل الشعر في قصور الخلفاء حيث كان الخلفاء يجزلون العطايا لهم، كما كان لاندماجهم بالحضارات الأخرى أثر في ظهور أنماط وأساليب جديدة في الشعر.

اتجاهات الشعر في العصر العباسي

لقد تجزأ أهل الشعر في هذه الفترة بنوع أبياتهم والخصائص التي اتصفت به إلى جزأين أساسيين:

1-  الاتجاه القديم: وهو الذي سلك أهله نهج القدامى من أهل الشعر الجاهلي والإسلامي، فتقيدوا في قصائدهم بكل ما أتى ممن سبقهم كمفردات الأبيات وقوافيها وأوزانها.

2- الاتجاه الحديث: قام بتأسيسه أعوان التحديث، حيث وجدوا قوافي وبحور وأنواع وتعابير خاصةً بهم، وفيما يلي نبذة من أبرز سمات التحديث التي قد أسسها أعوان الاتجاه الحديث:

التطورات التي ظهرت على الحياة الاجتماعية والفكرية واندماج أهل المشرق بالعجم نتيجة توسع الحكم العباسي، وقد تمثل التحديث في سمات كثيرة وهي:

1- التجديد في المواضيع السابقة: لقد تنوعت مواضيع الشعر في هذه الفترة حيث عمد أهل الشعر إلى المواضيع السابقة في الجاهلية، وما لحقه من عصور قبل الفترة العباسية مع التحديث فيها المصاحب لهذه المحافظة.

ومن الأغراض التي حُدث فيها شعر المدح: فقد كان في السابق يرتكز على ذكر الخصال الجيدة بنظر المجتمع للشخص، أمّا في الفترة العباسية قام الشاعر بوصف تلك الصفات وصفًا حسيًا، حيث يمدح الخليفة مصورًا إياه عابدًا لله عادلًا في حكمه مطبقًا للعقائد، مثال على ذلك قول أبي العتاهية في هارون الرشيد:

وراع يراعي الليل في حفظ أمة

يدافع عنها الشر غير رَقود

بألوية جبريلُ يقدم أهلها

ورايات نصر حوله وبُنُود

بَحَاَفيَ عن الدنيا وأيقن أنها

مفارقةٌ ليست بدار خلود

وشدُّ عرى الإسلام منه بفتية

ثلاثة أملاك وُلاةِ عهود

هُمُ خير أولاد لهم خير والد

له خير آباء مضت وجدود

بنو المصطفى هارون حول سريره

فَخيرُ قيامِ حوله وَقُعود

ومن الأغراض السابقة التي حافظت على وجودها في هذه الفترة حديث الدمن، إلا أنهم استعملوها إشارة، فالدمن ترمز إلى حبهم القديم، وخوض الصحراء ترمز إلى رحلة البشر في هذه الدنيا، ومن ذلك مسلم بن الوليد:

هلّا بكيتَ ظعائنًا وحمولا

ترك الفؤاد فراقهم مخبولا

فإذا زجرتُ القلبَ زادَ وجبُه

وإذا حسبتُ الدّمع زاد همولا

بخصوص شعر الهجاء: فقد ازدهر في هذه الفترة نتيجة التحدي والتفاخر بين أهل الشعر في هذه الفترة، حيث كانوا يصفون الفرد بذكر كل ما فيه من عيوب ووصل الهجاء ولاة الأمر وكان يخشاه ولاة الأمر كثيرًا ومثال على الهجاء قول بشار بن برد في هجاء ابن قزعة:

فلا تبخلا بخلَ ابن قزعة إنه

مخافة أن يرجى نداه حزينُ

إذا جئته للعُرف أغلق بابه

فلم تلقه إلّا وأنت كمينُ

أبز أعلام الشعر العباسي

1- أبو الطيب المتنبي:

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ

وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ

وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها

وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِم

2- بشار بن برد:

كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا

وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه

3- أبو العتاهية:

أنساكَ مَحْيَاك المماتا

فطلبتَ في الدنيا الثباتا

أوثقتَ بالدنيا وأنـ

ـتَ ترى جماعتها شتاتا

النثر في العصر العباسي

للنثر في الفترة العباسية أساليب حديثة لم تكن معلومة سابقًا حيث ازدهر النثر نتيجة المجريات التي ظهرت في الفترة العباسية حيث أثرت الإبداع النثري، ومن هذه المجريات تشبث أهل المشرق بالثوابت التي ورثوها عن أجدادهم من الفصاحة والخطابة، واندماج أهل المشرق بالعجم له أثر واضح على تطور النثر ومن أبرز النماذج في ذلك:

1- الخطابة: من أبرز الخطب في هذه الفترة العباسية قول أبو جعفر: “مهلًا مهلًا، روايا الإرجاف، وكُهوفَ النفاق، عن الخَوْض فيما كُفيتم، والتخَطي إلى ما حُذرْتُم قبل أن تَتْلف نفوس، ويقلّ عدد، ويدول عزٌ، وما أنتم وذاك، ألم تَجدُوا ما وَعَد ربكم من إيراث المُسْتَضعفين من مَشارق الأرض ومَغاربها حقًا والجَحْد الجحد، ولكن حِب كامن، وحَسدٌ مُكْمِد، فبُعدًا للقوم الظالمين.”

2- الرسائل الديوانية: أبرز هذه الرسائل ما خطَّه ابن المعتز واصفًا الكتاب والقلم: “الكتاب والجُ الأبواب، جريءٌ على الحِجاب، مفهمٌ لا يفهم، وناطقٌ لا يتكلم، به يشخص المشتاق إذا أقعده الفِراق، والقلمُ مُجهزٌ لجيوش الكلام، يخدم الإرادة، ولا يمل الاستزادة، ويسكت واقفًا، وينطق سائرًا على أرض بياضُها مظلمٌ، وسوادُها مضيء، وكأنه يقبل بساط سلطان، ويفتح نوار بستان.”

3- التوقيعات: ما وقَّعه جعفر البرمكي لبعض القادة: “قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلت وإما اعتزلت.”

4- المقامات: ومن أبرزها مقامة الهمذاني: “حدّثنا عيسى بن هشام قال: أحلتني دمشق بعض أسفاري، فبينا أنا يوما على باب داري، إذ طلع علي من بني ساسان كتيبة قد لفوا رؤوسهم، وصلوا بالمغرة لبوسهم، وتأبط كل واحد منهم حجرا يدق به صدره، وفيهم زعيم لهم يقول وهم يراسلونه، ويدعو ويجاوبونه.”

أبرز أعلام النثر العباسي

1- الجاحظ.

2- بديع الزمان الهمداني.

3- أبو جعفر المنصور.

4- ابن المعتز.

5- ابن المقفع.

6- عمرو بن مسعدة.

وفي النهاية نستنتج أن الأدب في الفترة العباسية تطور بسبب اهتمام الخلفاء بالعلم، حيث قاموا بإنشاء مجالس العلم والاجتماع بالعلماء، وأجزَلوا العطايا من أجل تعليم أبنائهم الأدب كما كان للانفتاح على الحضارات الأحرى دور في تطوره وازدهاره.

عوامل ازدهار الأدب في العصر العباسي

ازدهر الأدب في العصر العباسي بشكل كبير، و ذلك بسبب العديد من العوامل، منها:

  • الترجمة: تمّت ترجمة العديد من الكتب العلمية والفلسفية من الحضارات الأخرى إلى اللغة العربية، مما أدى إلى توسيع آفاق المعرفة لدى العرب.
  • الاهتمام بالثقافة: اهتم الخلفاء العباسيون بالثقافة والأدب، و شجعوا الشعراء والكتاب على الكتابة.
  • الحياة الحضرية: ازدهرت الحياة الحضرية في العصر العباسي، و ظهرت المدن الكبيرة مثل بغداد و البصرة، مما أدى إلى تفاعل ثقافي واسع.

أهم خصائص الأدب في العصر العباسي

  • التنوع: تنوع الأدب في العصر العباسي و شمل مختلف الأغراض، مثل الشعر و النثر و المسرح.
  • الابتكار: تميز الأدب في العصر العباسي بالابتكار و الخروج عن الأنماط التقليدية.
  • التأثر بالحضارات الأخرى: تأثر الأدب في العصر العباسي بالحضارات الأخرى، مثل الحضارة اليونانية و الفارسية.

أهم شعراء العصر العباسي

  • أبو العتاهية.
  • بشار بن برد.
  • أبو نواس.
  • المتنبي.
  • أبو تمام.

أهم كتاب العصر العباسي

  • الجاحظ.
  • ابن المقفع.
  • الطبري.
  • المسعودي.

أهم مؤلفات العصر العباسي:

  • ألف ليلة وليلة.
  • كليلة ودمنة.
  • رسائل الجاحظ.
  • تاريخ الطبري.

في الختام، كان الأدب في العصر العباسي عصرًا ذهبيًا في تاريخ الأدب العربي، و تميز بالتنوع و الابتكار و التأثر بالحضارات الأخرى.


شارك المقالة: