اقرأ في هذا المقال
- مفهوم البلاغة عند ابن خلدون
- وظيفة البلاغة عند ابن خلدون
- علاقة الفصاحة بالبلاغة عند ابن خلدون
- الملكة البلاغية عند ابن خلدون
- فائدة الملكة البلاغية عند ابن خلدون
- وسائل اكتساب الملكة البلاغية عند ابن خلدون
- أهمية علم البلاغة عند ابن خلدون
- أشهر علماء البلاغة في المشرق العربي
اهتم أهل المشرق منذ العهود القديمة بالبلاغة وشهد التاريخ العديد من المحاولات لتحديد مفهومها ومعالمها، ونرى في الكتب البلاغية والأدبية القديمة والمعاصرة مواقف عديدة بخصوص ذلك، وقد أجمع العلماء والباحثين إلى أن تفسير القزويني وتوضيحه للبلاغة هو الأدق وشامل لجميع جوانب الموضوع، وفي هذا المقال سنتحدث عن مفهوم البلاغة من خلال وجه نظر ابن خلدون ورأيه فيه.
مفهوم البلاغة عند ابن خلدون
وافق ابن خلدون القزويني في تعريفه وذهب إلى أن لكل مقال مقام، وأسلوب مختلف يميزه عن غيره من إطناب أو اختصار أو حذف أو تأكيد وغيره، ويوضح أن المقال يتعدد حسب شكل الحال وسرد ابن خلدون قصة توضح ذلك:
“ويعتبر ذلك بما يحكى عن عيسى بن عمر، فقد قال له بعض النحويين إني لأجد في كلام العرب كثيرًا من التكرار، وفي قولهم: زيد قائم، وإن زيدًا قائم، وإن زيدًا لقائم، والمعنى هو واحد فقد قال له إن معانيها مختلفة، فالأول لإفادة خالي الذهن من قيام زيد، والثاني لمن سمعه فتردد فيه، والثالث لمن يعرف بالإصرار على إنكاره، فاختلف الدلالة في اختلاف الأحوال.”
كان للبلاغة عند ابن خلدون مكانة عالية وقال عنها أنها الأساس في كلام أهل المشرق وسجيتِهم، ويذهب برأيه إن الحديث الذي لا يتضمن توافق مقتضى الأحوال ليس من كلام أهل المشرق؛ لأن كل ما ينطقون به واسع وشامل ولكل مقام حديث يختص به.
وظيفة البلاغة عند ابن خلدون
1- دلالة الحديث على المعنى المقصود وتُعد هذه الوظيفة إعرابية.
2- الوظيفة الثانية تفيد بتمام المعنى وهي شكل الأحوال وما تقتضيه من مفردات وتراكيب لتدل عليه وقال عنه ابن خلدون موضحًا إياه بأنه مطابقة الحديث للمعاني ومن كافة الجوانب وعبر عنه: ” أعلم أن الكلام الذي هو العبارة والخطاب إنما سره وروحه في إفادة المعنى، وأما إذا كان مهملاً فهو كالموت الذي لا عبرة به وكمال الإفادة هو البلاغة.”
ومن هذا الحديث يتضح التركيب المتناسق عند ابن خلدون العاكس للمعاني في الأذهان وتوضيح لما في المقام من هيئات، على حسب تمكن المتحدث في موافقة المنطوق به لمقتضى الحال تختلف رتبهم ومنازلهم في البلاغة قوةً أو وهنًًا.
علاقة الفصاحة بالبلاغة عند ابن خلدون
لم يخصص ابن خلدون كلامًا عن الفصاحة ولم يذكر اشتراطها لتوضيح البلاغة إنما تحدث عن مقاييسها ومعاييرها التي تداولها الباحثين في كلامهم عن الفصاحة ونراها عنده ذات أسس لبلاغة العرب.
تكلم عن فصاحة الأدب المنظوم وإتقان صناعته حيث أنه يقوم على الفصيح من المفردات ويبتعد عن المقعد منها، كما يجب على الأديب العزوف عن الحوشي من المفردات والسوقي منها؛ لأنه ينزل من قدر الحديث ويبعده عن البلاغة والأفكار أيضًا فإن الحديث يبعدها عن البلاغة وتصبح مبتذلة غير مفيدة كقولهم: ” النار حارة والسماء فوقنا.”
الملكة البلاغية عند ابن خلدون
ابن خلدون من الذين تناولوا الموهبة البلاغيَّة ووضع قواعدها وفسرها بالصورة الثابتة في النفس والتي لا تزول بسهولة والملكة لديه لها مراحل عدة حتى تكتمل كالتالي: عدم اكتمال الملكة إلا بتكرار الأفعال؛ لأنها تحدث أولاً وبعدها تتكون في الذات هيئة له ثم تتكرر لتصبح حالاً، وهي بهذا لا تكون صورة ثابتة وراسخة في النفس إلا عندما يزيد تكرارها فتكون موهبة راسخة في الذات ولا يستطيع الشخص الحديث إلا بها.
فائدة الملكة البلاغية عند ابن خلدون
1- التمكن من الحديث بأساليب أهل المشرق ونمط مخاطبتهم فنرى أن من لديه المَلكة لا يستطيع التكلم إلا بأسلوب بلاغي، وقال عنها ابن خلدون بأن من يمتلكها يكون نظمه جيد متقن موافق لكلام العرب في لغتهم وطريقة نظمهم.
2- التمعن في بلاغة الحديث وصوابه والتمكن من نقده وتفريق الحسن منها والرديء وتحدث عنها: ” إن الملكات إذا استقرت ورسخت في محالها ظهرت كأنها طبيعية وجبلة لذلك المحل.”
وسائل اكتساب الملكة البلاغية عند ابن خلدون
1- الإسهاب في الحفظ والإنصات للحديثِ البليغ ويتضمن ذلك حفظ القرآن والسنة وكلام السابقين، ومناظرات فحول أهل المشرق في الكلام المنظوم والنثر.
2- الاستمرار في استخدام الحديث البليغ وتكراره والتعبير عن كل ما حوله من خلاله.
3- العلم بالأحكام التي تتطابق فيها التراكيب لمقتضى الحال.
أهمية علم البلاغة عند ابن خلدون
1- إدراك الإعجاز القرآني.
2- تفسير وتوضيح آيات القرآن وما تتضمنه من دلالات.
3- مساعدة المتحدث في إقناع المخاطب.
4- توجيه الأدباء والعلماء وتصحيح مسارهم.
6- الابتعاد عن الغفلة وانتقاء الجيد من المفردات التي تدل على هيئة الحال.
أشهر علماء البلاغة في المشرق العربي
1- أبو عبيدة معمر بن المثنى.
2- أبو عمر بن بحر الجاحظ.
3- أبو بكر الباقلاني.
4- أبو بكر عبد القاهر الجرجاني.
وفي النهاية نستنتج إن ابن خلدون أبرز الباحثين الذين تناولوا البلاغة وأظهر معناها ووضح وظيفتها وأهمية الملكة البلاغية، ورأيُّ ابن خلدون موازي لحديث القزويني الذي ذهب إلى مطابقة الحديث لمقتضى الهيئة.