تُعتبر رواية قوس قزح من أبرزت الروايات التي ظهرت في مجال الأدب الإنجليزي والأدب العالمي، وقد كان مؤلفها من أهم الكُتاب الذين ظهروا واشتهروا تلك الفترة في إصدار مجموعة كبيرة من المؤلفات والفنية، إذ تم كتابتها من قِبل المؤلف والأديب المعروف على مستوى العالم هربرت ديفيد لورانس، كما كانت تلك الرواية واحدة من الروايات غير المعتادة، إذ دار حولها الكثير من الاهتمام والنقد، حتى أنه تم منع الرواية من التوزيع لفترة؛ وذلك بحسب آراء النقاد بأنها إباحية، بينما وصفها البعض الآخر بأنها رواية استثنائية.
رواية قوس قزح
تعد الرواية من أهم وأبرز الروايات التي قدمت تعبير مفصل عن التحولات الكبيرة التي حصلت في حياة المرأة الإنجليزية، حيث كان ذلك بالتحديد في أواخر القرن التاسع عشر، كما تناولت في موضوعها المحاولات التي كانت تجريها المرأة باستمرار من أجل تحرير نفسها من القيود التي يفرضها المجتمع والأسرة عليها.
فقد كانت تدور الأحداث في الرواية حول حياة إحدى الأسر التي تسكن في إحدى المزارع في دولة بريطانيا، حيث قامت الرواية برصد تاريخ ثلاثة أجيال متتالية لتلك الأسرة، بالإضافة إلى طبيعة الحياة التي يعيشوها يومياً، ففي البداية يقوم برصد حياة الجيلين الأول والثاني، ثم بيان كيف التشابه في كافة التفاصيل الخاصة في حياة كل من الجيلين.
وقد تطرقت الرواية إلى أدق التفاصيل مثل الخوض في المشاعر والأحاسيس التي يمر بها الجيلين وطبيعة العلاقات التي تقام كذلك، وإلى الطريقة التي يقام بها الزواج والطريقة التي يتم بها تربية الأطفال، وكيفية تقسيم العمل في المنزل، حتى الصراع الدائم بين الرجال والنساء حول آرائهم في السلطة واختلافهم في الرأي، كما تطريق للحديث في كل ما يتعلق بالرغبات والشهوات والجنس بين الجنسين.
ثم بعد ذلك يبدأ لورانس في الحديث لوصف الحياة التي يعيشها الجيل الثالث، وأول ما يبدأ به رصد التغيرات الكبيرة والجذرية، التغيرات التي تحدث على المستوى الفكري والطريقة التي يعيشون بها، وكيف أنّ الفتاة التي ولدت من الجيل الثالث كبرت ونضجت وتحولت إلى سيدة متقدمة في العمر، سيدة تعي وتدرك احتياجاتها ورغباتها وحتى متطلبات جسدها.
كما دار الحديث حول معرفتها وعلمها في ماذا تريد في حياتها وكيف تتغير طموحاتها من البيت والأولاد إلى العمل والاجتهاد، ومقدرتها على كيف لها أن تكون قوية وشديدة في المواجهة والمشاركة في عالم العمل أو عالم الرجال الخارجي، كما كانوا يطلقون عليه في تلك الفترة، وكيف لسيدة من الجيل الثالث بدأت تدرك احتياجات جسدها وتسعى لتلبيتها.
وكيف لفتاة من الجيل الثالث أن تكون حرة مطلق الحرية في تجريب الكثير والخوض في كثير من المحاولات لاكتساب المعرفة والخبرة من الأشياء من حولها والانطلاق بكامل حريتها، حتى لو كان هذا أن تلهو مع أكثر من رجل وليس رجل واحد كالمعتاد، إذ كانت تلك الأمور من الأشياء المعتادة وليس فيه استغراب، في البداية الرواية تقوم بتتبع وتوثيق العديد من المغامرات الكثيرة الناجحة منها والفاشلة التي تخوضها البطلة.
وذلك لأنّ في الغالب كان الرجل يريد من المرأة إلا أن تكون خاضعه له فقط ولا تقوم بالخضوع لغيره، والمرأة هذه من الأشياء التي تستفزها ولا تريد ذلك، لذا لا يتمكن الرجل أبدًا من أن إدراك رغباتها الحقيقة والسيطرة عليها، إذ أنه لا يرى سوى رغباته ومتطلباته واحتياجاته فقط، ولا يسعى إلا تحقيق رغباته هو، وبالتالي يبقى على الدوام يسعى للزواج منها؛ من أجل تحقيق وتلبية جزء من رغباتها.
أما عنها فقد كانت متمردة وعنيدة، فكيف من تمردت على العائلة والمجتمع أن لا تتمرد على الرجل، رافضة من خلال ذلك أن تتحول إلى نسخة مكررة من النساء في هذا المجتمع، وبالنهاية اعترضت على القيم والمبادئ التي يمتثل ويخضع لها المجتمع، فقد كانت تعتبرها مجرد قيم وضعت للتجارة بالبشر فقط، وليست قيم جمالية تحسن من المجتمع وتنهض به.
ولهذا اعتبرت الرواية من الروايات التي قامت بوضع نموذجًا استثنائيًا يريد أن يندد كل العادات والتقاليد القديمة، ويعمل على خلق نوع جديد من النساء في المجتمع اجتمعن على تغيير يردن أن يغيرن مصائرهن ويكونن هن من يمسكن في زمام الحياة، بالقوة والإصرار ضد القيم والقوانين المجتمعية، حتى لو كان هذا يعني تحدي المجتمع المتعنت بالذكور وخلق مكان مميز وقوي لهن في هذا المجتمع.