تُعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب هربرت جورج ويلز، وقد تناولت في مضمونها حول مجموعة من الأشخاص كانوا يتبعون مجموعة من المهاجمين لقريتهم، إلا أنهم تعرضوا إلى هجوم من قِبل جيوش من العناكب، وقد تم نشرها عام 1903م.
الشخصيات
- الرجل القائد
- الرجل النحيف
- الرجل القصير
رواية وادي العناكب
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في يوم من الأيام الذي تعرضت به قرية إلى هجوم من قِبل مجموعة من الأشخاص في منتصف النهار، حينها على الفور قام ثلاثة من رجال القرية بمطاردة المهاجمين من أجل الإمساك بهم، وأثناء تعقبهم وصلوا المطارِدون إلى أحد المنعطفات الذي يقع في أسفل أحد المجاري المائية المطلة على وادي شاسع للغاية، كان الحصى الخشن في أسفل المجرى الذي سلكه المطاردين يمتد ليصل إلى منحدر عريض، وهناك في تلك المنطقة توقفوا عن تعقب الأثر لبرهة من الوقت، ومن ثم امتطوا جيادهم حتى وصلوا إلى ربوة صغيرة، وهناك توقف ثلاثتهم.
ظلوا لبعض الوقت يعاينون المساحة الفسيحة الممتدة أسفلهم، إذ كانت الأرض الجرداء تمتد لمسافات شاسعة جداً، والآثار الباهتة لمجرى النهر أصبحت جافة، ويخترق وسط الأرض المقفرة الحشائش المصفرة الجافة، بينما التلال كانت أكثر اخضرارًا نوعًا ما، ومن فوقها بزغت قمم الجبال التي تكسوها الثلوج، وفي تلك الأثناء كانوا الرجال الثلاثة يكفون النظر عن المناطق الشرقية والمناطق الغربية، ويوجهوا أنظارهم بثبات نحو الوادي.
ومن بين هؤلاء الرجال كان هناك رجل نحيف وهو أول من تكلم؛ فقال بنبرة تسيطر عليها خيبة الأمل: لا أثر لهم في أي مكان، ولكنهم لم يسبقوننا بمسيرة يوم كامل، وهنا رد عليه الرجل القصير: إنهم لا يدركون أننا نتعقب أثرهم، فأجاب القائد: هي كانت تعرف، فرد عليه الرجل القصير: لكن حتى إن عرفت، لا يمكنهم الإسراع؛ إنهم لا يمتلكون أي جياد، كما أن قدم الفتاة التي كانت معهم بقيت تنزف طوال اليوم، وهنا تحدث القائد قائلًا: أتظن أنني لم ألاحظ ذلك؟ فأجابه الرجل القصير: ولكن هذا من شأنه أن يساعدنا.
وعادوا لتتبع الأثر، وسلكوا بكل حذر المنحدر الطويل واتجهوا نحو السهل في الأسفل، وهناك بدأ الأثر يتضاءل، حينها بدأوا في المعاينة عن كثب، والانحناء على رقاب الخيول والتوقف بين الحين والآخر، وبفضل جهودهم تمكنوا من تعقب الأثر من جديد، إذ ظهرت أماكن وطئها أقدام من قبل، وآثار واضحة تتضح أكثر فأكثر، وفي لحظة ما شاهد القائد لطخة دماء بنية اللون؛ ومن المرجح أنها نزفت من الفتاة، كانوا جميعهم يسيرون خلف بعضهم البعض، وفي لحظة ما سمعوا صوتاً، فاستداروا جميعاً نحو الصوت والذي كان قادم من أعلى الوادي.
حينها رأوا ثعبانًا على هيئة عصًا ملتوية ذات لون أرجواني داكن، وقد كان ذلك الثعبان يبرز فجأةً ثم يختفى وسط الحشائش، وبينما كانوا يواصلون طريقهم على جيادهم، وقطعوا مسيرة أربعة أيام بتتبع الأثر، وقد تركوا خلفهم حدود عالمهم المألوف، وأصبحوا في وسط ذلك العالم الموحش الذي يفتقر إلى الماء، كما أن مؤنهم الغذائية كانت على وشك النفاذ، وقد أوصل بهم تتبع الأثر إلى الوصول إلى مكان بأكمله جبال عالية من الصخور الشاهقة والتي يبدو أنه لم يمر منها أحد مطلقًا قبل هؤلاء الهاربين.
وفي تلك الأثناء أدرك الرجل القصير أن القائد بإمكانه العودة به إلى قريتهم والانتهاء من ذلك الأمر، إلا أن القائد كان لديه سر يخفيه عنهما حول إصراره على تتبع الأثر، وفي لحظة ما شك أنه يقوم بذلك من أجل الفتاة التي معهم، وبعد وقت قصير لفت انتباه القائد صف كامل من أعواد الخيزران الطويلة تنحني في تناغم، وهنا توقف ثلاثتهم لبرهة من الوقت وصاح الرجل النحيف قائلاً: ثمة شيء قادم نحونا، ولم ينتهي من قول تلك الكلمات حتى اعتلى كلب أصفر اللون الهضبة وهبط باتجاههم، وأول ما اقترب منهم على الفور وضع القصير يده على سيفه، وصاح النحيف: إنه كلب مسعور.
وهنا أمرهم القائد على الفور بركوب جيادهم وإكمال مسيرهم، وهنا بدأ يشعر الرجل القصير أن قائده إنسان جامح، بينما صديقه النحيف فهو شجاع أكثر منه، ولكن على الرغم من ذلك، فإن من طبعه الطاعة الكاملة، وفي تلك الأثناء شاهد الرجل القصير كرة قادمه نحوه، وبعد ذلك تبعتها كرة ثانية ضخمة بيضاء اللون؛ وكأنها رأس ضخم من زغب النباتات الشائكة، حلقت هذه الكرات عاليًا في الهواء، ثم مرت سريعًا واجتازتهم؛ ولكن ما إن رأتها الخيول حتى زاد اضطرابها.
ثم بعد لحظات لفت انتباههم صوت حاد عبر الطريق، لقد كان خنزير بري ضخم مسرعًا، ثم اندفع في عجالة عبر الوادي وعند هذه النقطة توقفوا ثلاثتهم، وأخذوا يحملقون في الضباب الكثيف الذي كان يحل عليهم، وفي تلك اللحظة اندفعت نحوهم كرة كبيرة متطايرة أخرى، ولكن في هذه المرة لم تكن واضحة المعالم على الإطلاق، وقد خلفت ورائها خيوطًا عنكبوتية وشرائط طويلة تطفو في الهواء.
وهنا حثهم شعور غريزي على أن يستديروا بخيولهم في اتجاه الرياح، وفي لحظة ما مرت طلائع من جيش الكرات ارتعدت الخيول الثلاثة جميعها وهاجت، وحينما أمسك السيد القائد بلجام حصانه الجامح، وأخذ يبحث وسط الحشائش، وفجأةً هبط على وجهه خيط طويل لزج وأول ما رفع بصره نحوها اكتشف أنها واحدة من تلك الكتل الرمادية مثبتة فوقه، وتنشر أطرافها وكأنها مركب شراعي ينشر أشرعته ليغيّر اتجاهه، ولكن بصمت تام.
انتابه شعور بأن عيونًا كثيرة تترصده، وبأن مجموعة كبيرة من أجسام جاثمة ومن أطراف طويلة متعددة المفاصل تجذب حبالاً تتصل بجسم غامض يرغب في الهبوط فوقه، وعلى الفور حملق بغريزة فطرية اكتسبها من سنوات طويلة في ممارسة الفروسية؛ حينئذ اصطدم جانب سيفه ومزق بالونًا هائمًا من خيوط شبكة العنكبوت؛ فارتفعت الكتلة بأكملها بخفة، واندفعت بعيدًا بسرعة.
وهنا صاح الرجل النحيف قائلًا: المكان يمتلئ بعناكب ضخمة، إذ وجد السيد هناك كتلة حمراء اللون على الأرض، لا تزال قادرةً على تحريك أرجلها، وما حدث بعد ذلك كان أشبه بمعركة فوضوية؛ إذ كانت كتل النسيج العنكبوتي تندفع مثل زغب كثيف وسريع من النباتات الشائكة فوق أرض مقفرة في يوم عاصف، بعدها نزل القصير عن حصانه، وحاول جاهدًا سحب الحصان مستخدمًا ذراعًا واحدة، وبالذراع الأخرى يضرب بقوة بالسيف عشوائيًا، وفجأةً ترك الرجل النحيف حصانه، وحاول المسير نحو سيده، لكن الخيوط الرمادية التفت حول ساقيه وعرقلته؛ فأخذ يلوح بسيفه بحركات لم تكن لها جدوى.
وبينما كان يجاهد ليرغم جواده على الاقتراب أكثر من هذا الجسم الرمادي سمع صوت قعقعة الحوافر، ولمح القصير بينما كان يحاول امتطاء صهوة جواده الأبيض، ومرة أخرى التف خيط لزج رمادي اللون على وجهه، وفي لحظة ما تمكن من الإمساك بحصانه وأخذ يعدو بكامل طاقته عبر الوادي.
كما كان القائد في ذات الوقت يمتطي جواد، وينطلق على غير هدى، وقد بدت على وجهه علامات الخوف، مستطلعًا الأجواء ناحية اليمين ثم ناحية اليسار، ونصل سيفه في وضع استعداد للطعن، وعلى بعد منه كان القصير يسير، وفي أعقابه يتدلى ذيل من نسيج العنكبوت الممزق، كانت أعواد الخيزران تنثني أمامهما، والرياح تهب بانتعاش وقوة، ومن فوق كتفه كان بإمكان السيد أن يرى شباك العنكبوت تسرع لتتمكن منه.
وخلال عدو الرجل النحيف شاهد ضفاف منحدرة لجدول جاف، جثم متربص على أمل رحيل تلك الكتل الرمادية الغريبة، وانتظر سكون الريح حيث يصير الفرار ممكنًا، بقي هناك لفترة طويلة يراقب الكتل، وفي أثناء جلوسه المترقب، سقط عنكبوت شارد فرفع حذاءه ذا الكعب الحديدي وسحقه بشراسة، وحينما تأكد تمامًا من أن أسرب العناكب هذه لا يمكنها الانزلاق إلى الوادي الضيق، عثر على مكانٍ مناسب للجلوس، وجلس مستغرقًا في تفكير عميق، ولم يستفيق من شروده، إلا مع قدوم صاحب الحصان الأبيض.
ثم ظهر الرجل القصير في حالة يرثى لها، ولا يزال يتبعه ذيل من خيوط نسيج العنكبوت في أعقابه، اقترب كل منهما من الآخر دون أن يتبادلان الكلام أو التحية، كان القصير قد بلغ به التعب حد اليأس بسبب فقدانه لحصانه، وبدأ كل منهما يلوم الآخر على تركه له، ولم يمضي الكثير حتى وصل القائد مع الحصان الأبيض.
العبرة من الرواية هو إعطاء الأمر أكثر من حده، قد يقود في النهاية إلى ما هو أسوأ.