في الكثير من الأحيان يكون التفكير بشكل أعمق من أهم الأساسيات التي تساهم في نجاح أي عمل سوف نُقدم عليه، ولكن هناك العديد من أنواع التفكير والتي تعرف بأنها تفكير مفرط وفائض عن حدة قد يقود صاحبة إلى الجنون، إذ تسيطر على تفكير الإنسان الأفكار المظلمة.
قصة التفكير الكارثي
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في إحدى الولايات كانت تقيم هناك فتاة، ولم تلك الفتاة تعيش حياة طبيعية حالها كحال باقي الفتيات، فعلى الرغم من أن كانت حياتها كانت جميلة للغاية وتعيش مع والدها بمفردها، وقبل فترة وجيزة خطبت من أحد الشباب، وقد كان خطيبها يمتلك من الصفات ما تتمناه أي فتاة، إلا أن هذه الفتاة ما يخربط حياتها هو أنها لديها قدرة هائلة من التفكير الكارثي، ويعرف هذا النوع من أنواع التفكير أنه يقود صاحبه إلى ما هو أسوأ.
وقد كان ذلك التفكير يسيطر عليها طوال الوقت، فعلى سبيل المثال في حال في يوم من الأيام تأخر والدها مجرد خمسة دقائق عن المنزل، سرعان ما تسيطر على ذهنها الاحتمالات السلبية في أن يكون تم الاعتداء عليه من قبل مجموعة لصوص، أو أنه تعرض لحادث دهس أو تعرض لجريمة قتل، وفي حال كان لم يجيب خطيبها على الهاتف من أول ثانية تدق به له، سرعان ما يسيطر عليها تفكير أنه زهدها وكرهها، وأنه يخطط من أجل أن يتركها ويفسخ عقد القران بينهما، وعلى الرغم من أن كافة تلك الأفكار والسيناريوهات التي تدور في ذهنها غير صحيحة على الاطلاق، إلا أنها تسيطر عليها على الدوام.
ولم يكن لذلك التفكير السلبي تأثير على ذهنها وعقلها فقط، وإنما كان ينعكس في معظم الأوقات على تصرفاتها وسلوكياتها، فحين تبدأ بذلك التفكير على الفور تفلت أعصابها ويسيطر عليها القلق والتوتر بشكل طاغي، وكانت في كل مرة تزاد تصرفاتها وسلوكياتها سوءً إلى أن يصل بها الأمر إلى آثارًا جسدية عليها جراء ارتفاع ضغط الدم في الكثير من الأحيان، كما كان يحدث لديها تغيرات هرمونية عديدة جراء حالة القلق والتوتر المستمرة.
كان والدها يشعر أن كل يوم حالة ابنته تزاد سوءً عن اليوم الذي يسبقه، وفي الكثير من الأوقات كان يحاول أن يهدئ من روعها وأن ينأ بها عن ذلك التفكير السيء، ويشير إليها أنها في هذا الأمر أكثر من تسيء له هو نفسها، كما أشار لها أن أمورها تتطور يوماً عن يوم حتى أنه وصل بها الأمر إلى أن تضر بكل من حولها، فبناء على تفكيرها الكارثي تبدأ في التعامل بطريقة عنيفة مع الجميع؛ وذلك جراء سيطرة التوتر والاضطراب والقلق عليها طوال الوقت، كانوا الغالبية ممن هم حولها يستحملون ذلك الأمر ويعرفون الحالة النفسية السيئة التي تسيطر على الفتاة، ولكنه كانوا يشعرون بالشفقة والحزن على تلك الحالة التي تأبى أن تنفصل عنها.
وبعد أن تزوجت اعتقد كل من والدها وزوجها أن الأمر سوف يتقلص لديها، إلا أنه الأمور ساءت أكثر فأكثر وتطور وضعها بشكل مضني للغاية، ومما زادت نتائج هذا التفكير السلبية هو أن حياتها أصبحت تتمحور تمامًا حول هذا التفكير، وفي أحد الأيام بينما كانت نائمة في منزلها بعد أن خرج زوجها إلى العمل، رأت في منامها كابوس مفزع، إذ شاهدت في منامها أن زوجها يخونها مع واحدة من زميلاته في العمل، وهذا الأمر جعلها تستيقظ من نومها بشكل مفزع.
وفي تلك اللحظة قامت على الفور من سريرها وأمسكت هاتفها وحاولت أن تتصل به، إلا أن زوجها لم يتمكن من الرد عليها على الفور كما اعتاد، وهنا أخذ التفكير السلبي والكارثي يعصف بها هنا وهناك، وبدأت تفكر في زوجها وزميلته وكيف أن يقوم بخيانتها معها، كيف تجلس أمامه زميلته وأن كيف زوجها ينظر إليه بكل شغف، وبدأت تتخيل أنه يمسك بيدها ويتحدث إليها بكلمات حب وعشق.
وفي تلك الأثناء حاولت أن تهدأ من روع نفسها وأن تتوقف عن هذا التفكير، ولكن دون أي جدوى، وقد عادت مرة أخرى للاتصال معه مرة أخرى من جديد، ولكن لم يرد عليها كذلك، وهنا لم تعد تدري كيف تتصرف أو ماذا تفعل، فقد كان تفكيرها أقوى منها كثيرًا، حينها كل ما أصبح يجول في تفكيرها هو أن قررت أن تنزل على الفور؛ وذلك من أجل أن ترى خيانة زوجها بأم عينها، حتى لا يتمكن من الإنكار أبدًا.
وأول ما وصلت إلى مكان عمله ودخلت إلى مكتب زوجها، لم تجده هو ولا حتى زميلته التي كانت على الدوام بجواره في المكتب، وهنا بدأت في البحث عنهم هنا وهناك في كل مكان، وبعد أن توقفت في ساحة مكان عمله رأت من مسافة بعيدة أن زوجها يسير إلى جوار زميلته في أحد الممرات التي في الساحة التابعة إلى مكان العمل، ودون أن تعلم بنفسها قامت بإمساك السكين الخاص بالورق من مكتب زوجها وتوجهت نحوهم على الفور وأدارت نفسها نحو زميلته وهمت بضربها في منطقة العنق مباشرة.
وفي تلك الأثناء كانت ضربتها قوية إلى حد كبير حتى أنها أودت بحياة زميلته وأردفتها قتيلة، وقد حدث ذلك الأمر على مرى أنظار جميع العاملين في الشركة، وحينها أصيبوا بحالة من الفزع والرعب، وهنا سرعان ما أمسك بها أمن الشركة وقاموا باحتجازها في حجرة الاجتماعات؛ وذلك لأنه كان ذلك المكان هو الأقرب لمكان لوقوع الجريمة، وعلى الفور تم طلب الشرطة، وحينما تم إلقاء القبض عليها والسير بها نحو مركز الشرطة، وأول ما بدأ التحقيق معها تحدثت بنفسها عن أسباب الجريمة، وأفادت أن السبب الذي دفع بها إلى ارتكاب تلك الجريمة خيانة زوجها لها مع زميلته.
وفي النهاية أقرت النيابة بأمر تحويلها إلى الطبيب النفسي، وأول ما تم إجراء الفحوصات لها من قِبل الطبيب أشارت التقارير أنها مريضة أوهام، ثم بعد ذلك تم الحكم عليها بالسجن في مستشفى الأمراض العقلية، وفي ذلك السجن قضت ما مدته ثلاثة أعوام، وطوال تلك الفترة وهم يحاولون فيها الأطباء أن يقنعوها بأن جريمتها ما تسبب بها أفكارها الكارثية فقط، ولكن على الرغم من العديد من المحاولات إلا أنها لم تقتنع بذلك الأمر على الاطلاق.
ولم تتوقف أفكار السيدة الكارثية عند هذا الحد، إذ كانت على الدوام تقوم بإقناع نفسها أن كافة ما حدث معها كله كان من تدبير زوجها، الذي يخونها مع سيدة أخرى، وأخيراً أوصلت بها أفكارها إلى أن تفكر في طريقة للتخلص من تلك الحالة التي هي بها، وأرست بأفكارها إلى الانتحار، إذ كانت تعتقد أنها سوف تقضي بقية حياتها في المستشفى، على الرغم من أن ما تبقى عليها فقط ثلاثة أشهر وتحصل على الإفراج.