تقمّص جحا في قصصه الكثير من الشخصيات، فمرة كان مزارعاً ومرة كان ضيفاً ومرة كان قاضياً أو محامياً، ومن أكثر الشخصيات التي تقمّصها هي شخصية القاضي؛ فهو كان معروفاً بحيلته ودهائه، وسنحكي في هذا المقال عن قصة جحا مع رجل يشكي سوء حاله، وكيف أعطاه جحا حلًا جعله يرضى بما أعطاه الله له.
القاضي جحا:
كان جحا قاضي يقوم بحل النزاعات والخصومات بين الناس، وفي مرة من المرات دخل عليه رجل يلبس ثياباً رثة، وتبدو عليه علامات الحزن والبؤس، فاقترب من القاضي جحا وقال له: أنا يا سيدي القاضي لدي قصة طويلة وأتمنى أن تسمعها، فأشار له جحا وقال له أكمل، فقل له: أنا أسكن مع زوجتي وأمي ولدي أربعة من الأطفال ونعيش في منزل صغير جدّاً، وأنا تعبت جدّاً ولا أجد حلاً لمشكلتي فاقترح علي يا جحا ماذا أفعل؟.
فكّر جحا قليلاً وخطرت بذهنه فكرة لهذا الرجل فقال له: سوف أعطيك الحل، اذهب للسوق وقم بشراء حمار واجعله يسكن معك في البيت، ثم عد لي بعد يومين، تفاجأ الرجل بكلام جحا ولكن لم يكن لديه خيار إّلا أن ينفّذ ما قاله له، فذهب إلى السوق واشترى حماراً وعاد لجحا بعد يومين يشكي سوء حاله، وقال له: لقد زاد حالي سوءاً بعد ما اشتريت الحمار، فسكت جحا قليلاً ثم طلب منه أن يرجع للسوق ويشتري خروفاً ويسكنه معه في المنزل أيضاً.
لم يكن هنالك خيار آخر لدى هذا الرجل سوى تنفيذ ما يطلبه منه جحا، فذهب للسوق واشترى خروفاً وأسكنه معه في منزله، ثم عاد إلى جحا بعد يومين وشكى له حاله وقال له: أرجوك يا جحا ساعدني فحالي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ثم عاد جحا وطلب منه أن يعود للسوق ويشتري دجاجات لتسكن معه المنزل أيضاً، وأن يعود بعد يومين، ففعل الرجل واشترى دجاج وعاد لجحا بعد يومين وكان في حالة يرثى لها من الحزن والبؤس، وقال لجحا: أنا لم أعد احتمل سوء الحال، فليس لدي ما أطعم هذه الحيوانات، ولم أعد أحتمل صوتها في منزلي، أرجوك ساعدني.
قال جحا له: اذهب للسوق وقم ببيع الحمار والخروف والدجاجات بأعلى ثمن وعد إلي بعد يومين، فذهب هذا الرجل إلى السوق وقام ببيع الحيوانات وربح بهم مبلغ جيد، رجع إلى جحا وكانت تبدو عليه ملامح السعادة وقال لجحا: شكراً لك يا جحا لقد ربحت مبلغاً جيداً، وأنا الآن أشعر بسعادة بالغة حيث أسكن بمنزل واسع وليس معي سوى أمي وزوجتي وأولادي الأربعة، قال له جحا: أنت كنت في نعمة كبيرة أرأيت كيف أنني عندما وضعتك في حال أسوأ شعرت بنعمة الله، يجب عليك دائماً أن ترضىى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس وأسعدهم.