مَن منا لا يحب الضحك والتسلية؟ فشعور السعادة شعور جميل جداً، وكما قلنا إنه ليس بالأمر الصعب، فكل ما علينا فعله هو قراءة بعض الطرائف الأدبية المسلية، فالأدب العربي يوجد فيه الكثير من القصص والحكايات الظريفة التي تملأ القلب بالسعادة والبهجة، ومن هذه القصص قصص جحا، فهو يشتهر بحكمته وذكائه وحيله الظريفة، ومن قصص جحا المسلية قصة جحا وكلام الناس.
قصة جحا وكلام الناس
في يوم من الأيام ذهب جحا إلى السوق مع ابنه ليشتروا بعض الحاجات الضرورية، وأخذوا معهم الحمار ليعينهم في بعض أمور النقل، وهم في طريقهم إلى السوق وإذ بأحد الجالسين قال بصوت مسموع يسمعه جحا وابنه: يا لهما من أحمقين، لديهما حمار فيتركانه وهم يمشون مشياً، سمع جحا كلام ذلك الرجل وقال لابنه: تعال يا بني نركب هذا الحمار، وبعد مدة من الزمن، مرّوا بجماعة قال أحدهم بصوت مسموع يا لهذين الظالمين فلقد أثقلا ظهر الحمار وأتعبوه.
قال جحا لابنه: انزل يا بني، وأكملا طريقهم، فانزعج جحا من المضايقات التي سمعها، أكمل جحا طريقه وقد مرّوا بجماعة أخرى فعلق أحد الجالسين: يا له من أَب ظالم هو جالس ومرتاح فوق الحمار وابنه يمشي مشياً على أقدامه المتعبة، قال جحا: يا له من يوم مشؤوم! تعال يا بني اجلس على ظهر ذلك الحمار أنا سأكمل الطريق مشياً.
أكمل جحا سيره وبعد مدة قصيرة مرّوا برجل جالس على الرصيف، وهو يتمتم بعض الكلمات غير المفهومة، وفجأة قال بصوت مسموع: اللهم أجرنا من سخط الوالدين واجعلنا من البارين، أيعقل أن أركب على حمار وأبي عجوز يمشي على أقدامه في هذا الجو الحار؟!
غضب جحا وانزعج لما سمعه من أحاديث الناس، قال جحا لابنه: يا بني انزل من أعلى الحمار وأحمل معك الحمار، لعلنا نرتاح قليلاً من الذي نسمعه، فبينما هم كذلك سمعوا رجلاً يقول: يا لهم من أغبياء بدل أن يحملهم الحمار حملوه هم، توقف جحا في منتصف الطريق وقال لابنه: ألم ترَ يا ولدي أن كلام الناس لا ينتهي وأن إرضاءهم غاية لا يدركها أحد!
ومن هنا نقص عليكم قصة من قصص وطرائف جحا المسلية، ففي هذه القصة حكمة وعبرة تعلمها جحا وتعلمناها نحن أيضاً، فكلام الناس لا ينتهي وإرضائهم صعب جداً، فرغم عمل جحا بكل شيء علّق عليه الناس، إلا أنه ظل يتعرض للانتقادات من كل جماعة يمر بهم، فأيقن في النهاية أن الناس لا تترك أحداً وشأنه.