تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد الفتية الذي كان يشعر بالاستياء من الحياة الروتينية التي كان يعيشها، وهذا ما دفع به إلى اختراع الكذب من أجل إحداث تغيير في حياته، ولكن في النهاية حصد نتيجة كذبة.
الشخصيات
- الفتى باكراج
- والد باكراج
- سكان القرية
قصة كن صادقا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة الهند، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك في إحدى القرى يعيش فتى صغير يدعى باكراج، وقد كان ذلك الفتى هو الابن الأكبر لأحد المزارعين في تلك القرية، باكراج كانت لديه مشكلة كبيرة، ألا وهي الكذب، إذ كان باستمرار يقوم بالكذب على جميع من يلتقي به سواء كان عائلته أو أصدقائه، ولم يكن كذبه في أمور بسيطة، وإنما كان في بعض الأحيان يروي أن هناك مجموعة من الوحوش في الغابة المجاورة للقرية، وفي أحيان أخرى يدعى أنه في حقول القرية هناك العديد من الثعابين السامة والقاتلة، وفي أغلب الأوقات حينما يقوم والده بطلب منه أن يهم بالذهاب معه إلى الحقل والعمل معه، على الفور يدعي أنه مريض إلى درجة شديدة ويتظاهر أنه سوف يموت قريباً.
ولهذا لم يكن والده يوكل إليه العديد من المهام، فقد كانت هناك مهمة وحيدة فقط وهي أن يقوم بأخذ ماشية والده إلى الخارج كل صباح في قطعة أرض في الغابة من أجل أن تتناول الأعشاب، وفي الكثير من الأحيان كان يصحبها على حافة تل قريب من منزله، ولكن لم يكن باكراج يحب تلك المهمة على الاطلاق؛ وذلك لأنه كان يجد الماشية مملة جدًا، وهو كان يتمنى أن تكون حياته مليئة بالمزيد من المرح والمغامرات، ولكن عوضاً من الحصول على المتعة والمغامرة، وجد باكراج ذاته يقوم بنفس الوظائف المملة في كل يوم، وهذا الأمر كان يدخله باستمرار في حالة من الاستياء والإحباط الشديدين، وكانت تلك الحالة هي ما تدفع به إلى أن يكون من الفتية المشاغبين في اختراع قصص كاذبة وغير حقيقية.
وفي يوم من الأيام كان باكراج يشعر بالملل، وعلى وجه الخصوص من رعاية الماشية في ربوع القرية، حينها قرر أن يبتدع شيئاً يثير به أهل القرية ويدب في قلوبهم الرعب والخوف، وبعد لحظات من التفكير قال باكراج: سوف أتظاهر بأنني أتعرض لهجوم من قبل أسد، وبالفعل في لحظة من اللحظات بدأ بالصراخ بأعلى صوته ويقول: ساعدوني ساعدوني إنني أتعرض للهجوم من قبل أسد شرس.
ولم تمضي لحظات قليلة من سماع صراخ الفتى من قِبل سكان القرية حتى اندفعوا ثلة من الشجعان إلى جانب التل باتجاه الربوع التي يرتع بها باكراج؛ وذلك حتى يتمكنوا من إنقاذه من ذلك الأسد الهائج، وقد كان كل منهم يحمل بين يديه نوع من أنواع الأسلحة، لكن حينما وصلوا إلى منطقة الربوع، لم يجدوا هناك أي أسد على الإطلاق، وفي تلك الأثناء بدأ الفتى الصغير يتدحرج على الأرض، ويضحك ويسخر منهم على مزحة أثارتهم جنونهم إلى هذا الحد.
هنا شعر القرويون بخيبة أمل كبيرة بهذا الفتى الكذاب، ولكنهم لم يمرروا ذلك الأمر مرور الكرام، فقد حذروه من أن يقوم بمثل هذه المسخرة مرة أخرى، وأشاروا إلى أن أكاذيبه قد تعدت الخطوط الحمراء، لكن باكراج لم يأبه بما قاله سكان القرية، واستمر في الضحك والسخرية منهم.
وبعد مرور فترة قصيرة عادت الحياة إلى الروتين الطبيعي واستمر باكراج بالاعتناء في ماشية والده، ففي الصباح يقوم بإخراج الماشية للرعي في الربوع في الغابة، وحينما يحل المساء كان يعيد الماشية إلى حضيرة المزرعة، وبعد أن يتناول وجبة العشاء يخرج إلى ساحة المزرعة ويقوم بجمع فتية الحي ويخبرهم حول ما شاهدة أثناء فترة الرعي بالماشية من ثعابين خطيرة وسلاحف مرعبة، ولكن حينما يخلد إلى النوم يعود بالتفكير بتلك الحياة التي يعيشها والتي تخلو من أي مغامرة وأحداث جديدة ومثيرة، وفي كل مرة يشعر بالاستياء من حياته المملة في العمل ذاته، وفي صباح اليوم التالي حينما قام بأخذ الماشية إلى المرعى بالربوع قرر أن يقوم بحيلة أخرى على سكان القرية.
وبالفعل أول ما وصل إلى الربوع وحينما أصبح الوقت مناسب بدأ بالصراخ بأعلى صوته، ساعدوني، ساعدوني، إنني أتعرض للهجوم من قِبل فهد كبير الحجم، من فضلكم وتعالوا وأنقذوني، وحينما سمع سكان القرية بذلك على الفور استجمعوا أنفسهم من رجال ونساء وعاملين في الحقول من كافة أرجاء القرية وتوجهوا نحو المراعي في التل من أجل إنقاذ الماشية والفتى الصغير من ذلك الفهد المفترس، لكن حينما وصلوا إلى الربوع لم يكن هناك أي فهد على الاطلاق، وتم العثور على باكراج وهو يتدحرج على الأرض في نوبات من الضحك والسخرية عليهم مرة أخرى.
وهنا صاح بهم الفتى المشاغب وقال: أنتم جميعًا تبدون مثيرون للضحك، فلا يوجد أي فهد، كنت أمزح معكم فقط، وفي هذه المرة شاط الغضب بكافة سكان القرية، فطلب منه والده أن يقوم بالاعتذار عن السلوك الذي قام به ابنه الرهيب به، ولكن الغالبية العظمى من سكان القرية رأوا أنه يجب معاقبة باكراج على أفعاله، وفي تلك اللحظة حذره والده من أن يقوم بالكذب مرة أخرى من جديد، ولكن الفتى كالمرة السابقة كان مشغولاً بالضحك لدرجة أنه لم ينتبه لما قاله والده المسكين.
وفي صباح اليوم التالي بينما كان باكراج في وقت استراحته تحت واحدة من الأشجار ويرعى الماشية، سمع أن هناك حفيفًا لطيفًا للأوراق قادم من خلفه، وأول ما استدار باكراج ليرى مصدر الصوت الذي يحدث مثل هذه الضوضاء، وقد كان هناك أسدًا ضخمًا التقى به وجهاً لوجه، وقد كان ذلك الأسد ذو مخالب كبيرة وعينان مهددتان وأسنان حادة للغاية، وعلى الفور قفز باكراج من مكانه وبدأ يجري ويصرخ بأعلى صوته ويحاول الهروب من الغابة نحو القرية، ولكن سرعان ما منع الأسد هروبه.
وحينها صرخ بأعلى صوته وطلب المساعدة من أهل القرية، وقال: أنني أتعرض للهجوم من قبل أسد شرس، ولكن حينما سمع القرويون صرخات بوكراج طلبًا للمساعدة، لم يندفعوا إلى جانب التل باتجاه المراعي، إذ لم تكن تلك المرة الأولى التي يسخر بها منهم وعوضاً عن ذلك التفتوا إلى عملهم في الحقول وكأنهم لم يسمعوا شيئاً.
وهكذا تمكن الأسد من الفتك بالفتى باكراج في ذلك اليوم؛ وذلك لأن لا أحد من سكان القرية صدق صراخ الفتى الصغير في هذه المرة، وأشاروا إلى أنه من المؤكد لا يتحدث من باب الحقيقية، إذ سبق وأن كذب عليهم من أجل السخرية منهم، وقد كانت نهايته هي نهاية كل شخص يكذب.
العبرة من القصة هو أن الكذب ليس طويل المدى، ولا يمكن في يوم من الأيام من يسير في هذا الطريق أن يجني السلامة، فكل كاذب سوف ينال جزاؤه في النهاية.