الرواية والكتابة للسينما:
مع بداية ظهور السينما وشيوعها أصبحت الرواية والكتابة السينمائية في تحدّي دائم، ويكمن هذا التحدّي بأن الكتابة للسينما أصبحت تستعين بكتابة السيناريو بها من أحداث بعض الروايات المشهورة، وبنفس الوقت الرواية تأثّرت بشكل كبير بالأسلوب الفنّي للكتابة السينمائية، فأصبح الكثير من كتّاب الرواية أمثال نجيب محفوظ وغيره من الكتّاب يقومون بتصوير بعض المشاهد في الروايات فيستشعر القارئ بأنها مشاهد حقيقة من فيلم سينمائي، واستعانت بكثير من الأساليب الفنية للكتابة السينمائية مثل الفلاش باك وغيره، فأصبح هناك تحدّي نشأ من المزج بين الكتابة السينمائية والرواية.
كيف تأثرت الكتابة السينمائية بالرواية؟
- بدأ التأثّر والتزاوج بين الرواية والكتابة السينمائية من خلال الصور؛ حيث أن نشوء الكتابة بدأ من الصور، فكانت الكتابة بدايةً تعبيراً باستخدام الصور، ولهذا السبب حصل هذا التزاوج بين الرواية التي تمثّل الكتابة و السينما التي تمثّل الصورة، فنجد كثيراً من الروايات تشبه إلى حد ما مشاهد الأفلام ومنها: الرواية الشهيرة (أفراح القبة) للكاتب نجيب محفوظ والتي تشبه في أحداثها الأفلام السينمائية.
- تأثر بعض الروايات ببعض التقنيات السينمائية مثل تداخل الزمان والمكان و الشخصيات الرئيسية مع مشاهد تصف مظاهر الحياة وكأنها أمام عين القارئ، و مثال على ذلك رواية (ثلج القاهرة).
- تأثر بعض الروايات مثل الرواية العراقية (النبيذة)، والتي تناولت الكثير من المشاهد التي تشبه المطاردات والكثير من الأحداث الغامضة و التشويق.
- تأثّر بعض الروايات ببعض الأساليب الفنية بالسينما من حيث استخدام سردين متتالين بآن واحد، مع جميع العناصر التي تختص السمع والصورة ووصف المكان من حيث الديكورات وكل ما يختص به من عناصر وإكسسوارات أيضاً، بالإضافة لوصف المكان بصورة قريبة وبعيدة.
- تأثّر الرواية ببعض الأساليب الفنية مثل وصف المشاهد و الأحداث وتطوّرها و الفعل ورد الفعل، بطريقة فيها الكثير من الضبط للأحداث، فقد أتت الأحداث ببعض الروايات مضبوطة من حيث وصف تصاعدها وتسلسلها المنطقي.
و أخيراً مع تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي ظهر ما يسمّى بالرواية التفاعلية، و هي الرواية التي تستعين بالصوت والصورة أو التي يكون الهدف من كتابتها لفيلم سينمائي من الأساس، وهذا النوع هدّد الرواية العربية لظهور ثقافة الصورة واعتمادها بالروايات أكثر من الكلام المكتوب.
الأمر الذي أدّى لظهور مخاوف لدى الكتّاب الذين لا يعتمدون في كتاباتهم على الصور، بل يعتمدون أسلوباً واحداً، فحتّم عليهم هذا الأمر أن يقوموا بتنويع الأساليب وتطويرها في الكتابة؛ فظهور الرواية التفاعلية يعتبر فناً حديثاً أمّا الرواية العربية أصبحت تقليدية، وبظهور هذا الفن الحديث سيصبح الفن التقليدي مهدّداً بالانقراض والاندثار ما لم يتم تطويره وتنويع أساليبه.